لا تنفي السلطات التونسية وعدد من المراقبين أن انتشار الأسلحة -خاصة في الجنوب التونسي- يشكل خطرا على البلاد، لكن في المقابل يعتبر البعض أن هذا الخطر نسبي طالما بقي وجوده "محدودا" والسيطرة عليه "ممكنة". إيمان مهذب-الجزيرة نت-الوسط التونسية: تجد الحكومة التونسية نفسها أمام عدد من التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لكن التحدي الأمني يظل الأبرز في ظل التحولات التي تشهدها المنطقة، وفي ظل التحذيرات المتزايدة من تهديدات القاعدة لبلدان الربيع العربي. ولا تنفي السلطات التونسية وعدد من المراقبين أن انتشار الأسلحة -خاصة في الجنوب التونسي- يشكل خطرا على البلاد، لكن في المقابل يعتبر البعض أن هذا الخطر نسبي طالما بقي وجوده "محدودا" والسيطرة عليه "ممكنة". يأتي هذا بينما أعلنت وزارة الدفاع الوطني منذ أيام، أن منطقة الصحراء التونسية الكبرى المسماة "المثلث الصحراوي" والتي تربط بين تونس وليبيا والجزائر، تعتبر "منطقة عسكرية مغلقة" بسبب تحركات "لمجموعات إرهابية". تساؤلات وقد اتخذت الوزارة هذه الخطوة بعدما دمر الجيش التونسي ثلاث شاحنات يعتقد بأنها تنقل أسلحة من ليبيا إلى الجزائر، الأمر الذي يطرح تساؤلات حول مدى خطورة هذه التطورات. ويقلل ممثل وزارة الدفاع الوطني العميد مختار بن نصر من خطورة الأسلحة الموجودة في الجنوب التونسي ومن تهديداتها، مشيرا إلى أنها "ليست خطيرة جدا، وغير منتشرة بشكل كبير". وأرجع ذلك إلى "كثافة التفتيش والمراقبة في الفضاء الصحراوي ككل، سواء على الحدود الشرقية أو الغربية"، وبيّن أنه "من حين إلى آخر وبأعداد قليلة جدا، يتم إيجاد ذخائر أو بعض الأسلحة". وأكد بن نصر في سياق تصريحاته للجزيرة نت أن "أعداد الأسلحة ليس كبيرا جدا، وأن أغلبها ذخائر"، لافتا إلى أن الحادثة التي دمر فيها الجيش سيارات متوغلة في الصحراء التونسية "دليل على أن الجيش ساهر على حماية حدود الوطن ومراقبتها". شراء الأسلحة غير أن الإعلامي ومخرج الأفلام الوثائقية زهير لطيف الذي أعد تحقيقا تلفزيونا حول تهريب الأسلحة بين ليبيا وتونس، بدا أقل تفاؤلا وبيّن من خلال معاينته "للوضع على أرض الميدان"، أن "الأمر مقلق ومحيّر" في الوقت ذاته، مبينا أن "عدم الشعور بالأمان والوضع السياسي والأمني جعل التونسيين يقبلون على شراء الأسلحة". وذكر لطيف للجزيرة نت أن الفراغ الأمني سهّل تنقل هذه الأسلحة ووقوعها في أيدي "الجماعات الإسلامية المتشددة" وتجار السلاح، موضحا أن التنقل بين الحدود دون رقابة أمر ممكن. من جهته يرى ممثل وزارة الدفاع أن هذه الأسلحة مستخدمة من كل الأطراف بما فيها تجار السلاح والتنظيمات المتشددة، مشيرا إلى أن بعضها يُستخدم للدفاع الشخصي. ورغم إشادته بيقظة وزارتي الدفاع والداخلية في الحادثة الأخيرة، يحذر المؤرخ والباحث في التاريخ السياسي المغاربي بالجامعة التونسية إعلية العلاني من أن "الخطر قائم"، لأن نوعية عمليات القاعدة في الهجوم والتهريب "تتخذ في كل مرة أشكالا مبتكرة". تسليم البغدادي ويشير العلاني إلى أن تسليم تونس رئيس الوزراء الليبي السابق البغدادي المحمودي إلى طرابلس قد تكون له تداعيات من نوع ما على الأمن التونسي، خاصة بعد إطلاق قنبلة يدوية على قنصلية تونس في طرابلس. وأكد العلاني -وهو أيضا باحث في التيارات الإسلامية المغاربية- على "ضرورة اليقظة، نظرا لتوالي عمليات القاعدة في تونس، مقارنة بالسنوات الماضية التي كانت تشهد عملية واحدة للقاعدة كل خمسة أعوام، وهو ما سيدفع بالمسؤولين الأمنيين إلى وضع خطط أمنية أكثر نجاعة لمقاومة الإرهاب". مثلث جهادي ويعتقد العلاني بأن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي يشكّل تهديدا على تونس والدول المغاربية الأخرى، فالقاعدة أنشأت مثلثا جهاديا يضم تونس وليبيا والجزائر، وهو مثلث يعوّض المثلث الصحراوي السابق الذي يضم الجزائر وموريتانيا والمغرب. وأشار في سياق تصريحاته للجزيرة نت إلى أن تقارير فرنسية تحدثت عن إمكانية وجود مراكز تدريب للقاعدة في الجنوب التونسي، وذلك وسط تكذيب للسلطة. وفي السياق أكد لطيف أن الحدود تفتقد إلى تقنية متطورة لمراقبتها، فأعوان الجمارك والأمن لا يملكون وسائل تقنية حديثة للرقابة، وهو ما "يمثل خطرا في حد ذاته"، موضحا أن "التنسيق وتضافر الجهود بين البلدان المغاربية أمر ضروري للحد من خطر الأسلحة وتهديدها". المصدر:الجزيرة 3 جويلية 2012