عاد عدلان العيادة إلى أهله سالما معافى، وتحدث عن قصة إختطافه لوسائل الإعلام المختلفة، وان كان الغموض يكتنف القضية من بدايتها لنهايتها، فقد جاءت في ظرف حساس للغاية عرفت فيه الجزائر سلسلة من الإختطافات المثيرة، ولكنها تتعلق بأثرياء يدفعون أموالا باهضة من أجل استعادة ذويهم، وامتدت هذه الموجة من تيزي وزو شرق العاصمة وحطت رحالها في الجنوب بولاية الوادي، ولا زالت قضية ابن الملياردير السوفي تسيل الحبر الكثير... لكن بين هذا وذاك تبقى قضية عبد القهار نجل الشيخ علي بن حاج "الرجل الثاني في الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحظورة" تثير الجدل ويكتنفها الغموض، وزاد الطين بلة عندما إختفى -على حد تعبير عبد الحق العيادة- عدلان، وزادت عودته حلكة في ظلام أسدل على نجل الشيخ المختفي... فقد تحدث عدلان عن قصة اختطافه وسط العاصمة التي تكتظ برجال الأمن، والتي يرقب فيها هؤلاء كل صغيرة وكبيرة، فضلا عن الأسئلة التي طرحت على عدلان العيادة وما عرض أيضا من إغراءات تتعلق بأشياء مادية، ويبدو أن الخاطفين الذين لم يطلبوا فدية ولا موقفا ولا اي شيء آخر، يدركون جيدا الهدف الذي من خلاله أقدموا على هذا العمل ببرودة متناهية. واذا سلمنا جدلا أن هؤلاء الأش ينتمون الى تنظيمات مسلحة فيبدو أن العمل المسلح في الجزائر قد عاد سنوات الى الوراء، عندما كانت تنفذ العمليات في ساحة الأمير عبد القادر وساحة الشهداء والعقيد عميروش وديدوش مراد، وأن زعم الجهات الرسمية بأنه تم القضاء على ما يسمونه بالإرهاب، تبدو دعوى باطلة دحضتها قضية إختطاف عدلان... أما إذا كان المختطفون ينتمون الى أجهزة أمنية ة، فالأمر لا يمكن قراءته ولا التعليق عليه. فأن تقدم هذه الأجهزة على إختطاف شخص لمعرفة فحوى رسائل كان يوجهها عبد الحق العيادة المسجون حينها أو علاقته مع التنظيم المسلح المعروف بالجماعة السلفية للدعوة والقتال، فهذا مشين ومقرف في حق هذه الأجهزة، التي لها كل السلطة القضائية في استجواب أي شخص بعيدا عن هذه الأساليب التي تتنافى وحقوق الإنسان في الجزائر وأي بلد من بلدان العالم... إختطاف عدلان وعودته ما زادت عائلة الشيخ علي بن حاج الا خوفا على مصير ابنها الذي يكتنفه المجهول، وة أن عدلان باح بأشياء مختلفة تتعلق بعلي بن حاج وعلاقة العيادة به، حتى أن الشيخ علي بن حاج بالرغم من هدوئه ورباطة جأشه في مثل هذه المواقف، زاد خوفه أكثر على نجله. يذهب البعض في الجزائر الى أن ماحملته قضية عدلان من رسائل بين السطور، يمكن أن تفهم على أن الخاطفين أكدوا للشيخ بلحاج علي أنه بإمكانه أن يستقبل ابنه سالما كما حدث مع العيادة، ان غير الكثير من مواقفه ,أو ربما زكى مشاريع معينة لم يئن الأوان للجزم بفحواها. في هذا الوقت بالذات زادت تحركات أسرة عبد القهار للكشف عن هذا اللغز الذي لا يزال يضرب مسار المصالحة الوطنية في مقتلها، فحتى ما روجت له وسائل الإعلام من أنه التحق بالعمل المسلح بات من قبيل المشكوك فيه بعد عودة عدلان العيادة. بعض المحللين الذين اتصلنا بهم لإعطاء صورة ربما تكون أقرب للوضوح، أجمعوا على أن سيناريو عدلان جاء من أجل توجيه قضية عبد القهار نحو فرضية حاولت بعض وسائل الإعلام أن ترسي دعائمها، من دون اي أدلة واضحة وبينة، تظهر من خلال ما تحدث بع المختطف العائد الى وسائل الإعلام... فإن كان الذين اختطفوا عدلان هم من اختطف عبد القهار، فماهي الرسائل التي لم يريدوا كشفها، وربما سلمت للمعنيين بالأمر، وان كان الشيخ علي بن حاج نفى أنه تلقى أي رسالة حملها له عدلان... تبقى قضية عبد القهار مثيرة لجدل أكبر لو خرج عبد الحق العيادة عن صمته ونفذ ما هدد به،و هذا يعني أن الرجل يحمل ملفات ثقيلة ، تبدأ قصتها منذ أن سلمته المغرب للجزائر في اطار صفقة أمنية بين البلدين، وتنتهي حيث كان عدلان يتعرض للتحقيق، حول قضايا كان من المفترض أنها لا تحتاج لكل هذا الزخم من الجدل والحبر السري. في انتظار ما ستسفر عنه عملية الشد والجذب بين أطراف تتصارع على مستقبل يبدو للمجهول أقرب، تبقى قضية عبد القهار اللغز الخفي الذي سيكشف حقيقة الصراع القائم اما بين دواليب السلطة، أو بين أصحاب المصالح، أو حتى التنظيمات المسلحة التي تبحث عن مكان لها في ظل ما يعرف بعولمة الحرب على ما سمته أمريكا بالإرهاب. الأيام كفيلة بكشف خيوط هذا اللغز المثير للجدل في زمن المصالحة والحرب على الفساد، والذي سنفرد له ملفا كاملا في الأيام القليلة القادمة انتظرونا. *