فجرت وزارة الداخلية العراقية عاصفة سياسية وأمنية بعد قرارها اصدار مذكرة توقيف في حق الشيخ حارث الضاري امين عام هيئة علماء المسلمين وأبرز الهيئات الدينية للعرب السنة، واتهمته بخرق قانون مكافحة الارهاب، وطالبت ب "استرداده اينما كان" ، الأمر الذي كان له ردود أفعال ضخمة في أوساط العرب السنة مما أكبر الحكومة العراقية برئاسة نوري المالكي على التراجع مؤكدة انها لا تعلم شيئا عن هذه المذكرة وحملت وزارة الداخلية المسئولية فيما اعتبر العرب السنة ان المذكرة قضت نهائيا على مبادرات المصالحة بين الطوائف العراقية. حكومة المالكي تتبرأ من مذكرة التوقيف.. ******************************* في هذه الأثناء حاولت الحكومة العراقية برئاسة نوري المالكي تهدئة العاصفة حيث أوضح برهم صالح، نائب رئيس الحكومة العراقية، ان الحكومة لم تكن تعلم بقرار مذكرة القاء القبض على الشيخ حارث الضاري». وقال لجريدة الشرق الاوسط اللندنية "لم تكن رئاسة الوزراء على علم باصدار هذه المذكرة"، مشيرا الى "اننا فوجئنا بوسائل الاعلام التي تناقلت خبر المذكرة". كما نفى المتحدث الرسمي باسم الحكومة العراقية علي الدباغ ، ان "تكون المذكرة، التي صدرت بحق الضاري، هي مذكرة اعتقال، بل هي مجرد استدعاء للتحقيق امام القضاء، وهذا امر لا تتدخل في الحكومة". وقال الدباغ "لا توجد اية مذكرة استدعاء للضاري، سواء من الاردن او غيره على الاطلاق"، مشيرا الى انه «ليست هناك قضية او قرار من محكمة لاستقدام الضاري، فحتى يتم استدعائه لا بد من وجود قضية وقرار محكمة وهذا غير موجود، وعلى العموم فان الحكومة حريصة على ان يتعامل القضاء في مثل هذه المواضيع سواء من الضاري ام غيره". وكان المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية العراقية اللواء عبد الكريم خلف، قد اعلن الخميس ان الضاري "خرق بنود قانون مكافحة الارهاب، مؤكدا في الوقت ذاته العمل على استرداده اينما كان". الضاري يرد .. *********** من جانبه رفض الضاري الموجود حاليا في الاردن أية مذكرة صادرة عن الحكومة العراقية للتحقيق معه او توقيفه، معتبرا انها "اجراء لا شرعي ولا وطني ولا قانوني". وأبدى استعداده للعودة الى العراق، شرط ان يواجه المالكي وجلال طالباني الذي اتهمه بالتحريض على "الفتنة الطائفية"، اتهامات مماثلة. وقال الضاري لقناة "الجزيرة" الفضائية القطرية انه لا يضفي شرعية على أي شخص يلحق الضرر بالشعب العراقي او يعمل ضد مصالح العراق، لكنه يضفي شرعية على المقاومة العراقية التي تقاوم الاحتلال. واضاف لقناة "العربية" الفضائية: "أرفض هذه المذكرة سواء أكانت مذكرة توقيف او تحقيق... لست متهماً بجريمة حتى يحققوا معي". الهيئة تؤكد ان الحكومة متورطة في المذكرة .. ***************************** من ناحية اخرى قال الدكتور محمد بشار الفيضي، المتحدث الرسمي باسم الهيئة ان "مجرد صدور مذكرة اعتقال او تحقيق بحق الشيخ الضاري هو اعتداء على القوى الوطنية واستهداف لرموزها". وأكد الفيضي "نحن لم نفاجأ بهذه المذكرة وكنا نتوقعها منذ فترة طويلة كون الهيئة تقف ضد مشاريع التقسيم الطائفي، وضد مشروع تقسيم العراق.. وكانت الحكومة في انتظار اللحظة المناسبة لاتخاذ مثل هذا الاجراء بحق الشيخ الضاري، خاصة ان طروحاته تدعو الى وحدة العراق والعراقيين وضد التقسيم والعنف الطائفي". ودعا المتحدث الرسمي باسم هيئة علماء المسلمين الحكومة لتقديم استقالتها، مشددا على ان الحكومة اقترفت خطأ كبيرا باصدار هذه المذكرة وسوف يدفعون ثمن خطوتهم من مصداقيتهم وشعبيتهم. واضاف قائلا لجريدة الشرق الاوسط "لقد حاولوا وما زالوا يحاولون اشعال نار الحرب الطائفية، لانها تخدم مصالح ايران لتبرر الضجة الحاصلة بسبب ملفها النووي، وايران دائما تستغل الدم العراقي لتمرير ملفاتها، والحكومة العراقية لا تمثل مصالح او ارادة العراقيين، بل مصالح وإرادة ايران وهذا ما يظهر في الساحة". العرب السنة العراقيون يستنكرون.. ********************** من ناحيته استنكر الحزب الاسلامي وهو أكبر حزب سياسي سني في العراق إصدار المذكرة، معتبرا اياها بمثابة "اطلاق رصاصة الرحمة على مبادرة المصالحة الوطنية والحوار واثباتا للنهج الطائفي الذي تنتهجه الحكومة". وقال المؤتمرالعام لاهل العراق بزعامة عدنان الدليمي انه يرفض اي محاولة للمساس بالشيخ الضاري لكونه رمزا دينيا كبيرا. كما ندد الخطباء السنة في صلاة الجمعة بمذكرة توقيف الضاري، وتوعد خالد عبد الله، وهو رجل دين سني في الفلوجة، باسقاط الحكومة واحراق بغداد في حال القبض على حارث الضاري. واتهم مع عدد من الخطباء السنة، الحكومة باعتماد برنامج طائفي في سعيها الى اعتقال الضاري، بدل كبح جماح فرق الموت الموالية للاحزاب الشيعية. الشيعة يستنكرون .. ************ من جانبهم انتقد عدد من المراجع الشيعية العراقية المذكرة الصادرة بحق الضاري ووصفوها بأنها محاولة لانتاج أزمة جديدة تنعكس سلبا علي الوضع الأمني المتدهور. حيث اشاد آية الله الحسني البغدادي الذي ظهر علي عدد من القنوات الفضائية بالضاري ووصفه (بالشيخ المجاهد) كما دعا جواد الخالصي رئيس المؤتمر التأسيسي العراقي ورئيس المدرسة الخالصية الي إلغاء القرار واعتبره إلهاء للشعب عن القضايا المصيرية التي يواجهها وأعلن محمود الصرخي الحسني تضامنه مع حارث الضاري. ماذا قالت الصحافة الامريكية عن مذكرة اعتقال الضاري ؟؟؟؟ ************************ اهتمت الصحف الأميركية الصادرة اليوم بمذكرة الاعتقال التي أصدرها وزير الداخلية العراقي بحق الشيخ الضاري معتبرة أن هذه الخطوة كفيلة بمفاقمة التوتر بين الطوائف العراقية وتمزيق الحكومة الوطنية الهشة. وقالت ان مذكرة الاعتقال ستكون لها عواقب وخيمة كما أنها تمثل صفعة مميتة لحكومة الوفاق الوطني, التي كان المسؤولون الأميركيون يودون أن تنشر الأمن والسلام في العراق وقالت صحيفة لوس أنجلوس تايمز إن الحكومة العراقية التي يسيطر عليها فئة معينة أصدرت أمس مذكرة اعتقال بحق الضاري بتهمة تواطئه مع المتمردين, مما يعتبر خطوة خطيرة قد تتسبب في مفاقمة التوتر الحاصل بين الطوائف العراقية المتناحرة ويؤدي لمزيد من الانشقاق في صفوف الحكومة العراقية الوطنية الهشة. وأضافت الصحيفة أن المذكرة بحق الضاري, الذي عرف بانتقاده الحكومة العراقية لحد التهكم أحيانا, ستعزز التهديدات بانسحاب السياسيين في جبهة التوافق من الحكومة, التي لوحوا أكثر من مرة بهجرهم لها. وقالت إن علماء الدين حذروا من أن مثل هذه الخطوة ستكون لها عواقب وخيمة, إذ ستؤدي إلى انضمام مزيد من العراقيين العاديين إلى العمل المسلح, فضلا عن كونها ستمثل صفعة مميتة لحكومة الوفاق الوطني, التي كان المسؤولون الأميركيون يودون أن تنشر الأمن والسلام في العراق.