بمناسبة الذكرى التاسعة عشرة "للتغيير" أطلق سراح عدد من المساجين السياسيّين من بينهم وجوه من حركة النهضة بعد أن قضوا في السجون ما يزيد على 15 عاما. تهانينا الحارة لهم بانتهاء محنتهم وفرحتنا عظيمة بفرحة عائلاتهم التي طال عذابها. ولكن ارحمونا رجاء... لا تشكروا بن علي ولا تثمّنوا "عفوه" وسخاء نفسه... على الأقلّ من باب احترام مشاعر ضحايا قانون مكافحة الإرهاب وعائلاته في جهة سوسة هناك تاجر كبير يورّد الفواكه الجافة وقد اعتاد أن يتعاون مع المافيا المعروفة لإخراج بضاعته من الديوانة بأقلّ التكاليف ومقابل معلوم يدفعه لهؤلاء الوسطاء المنتصبين عشوائيّا والمستغلّين قرابتهم من السلطة. في المرة الأخيرة بدا لهذا التاجر أنّ المعلوم المطلوب صار يرتفع بصورة مشطّة تهدّد مكاسبه فدفع للجماعة قسطا من المطلوب وماطلهم في البقيّة. ذات يوم فتح الرجل مخازنه فوجد أنّها فتحت في الليل وأفرغت من كل البضاعة التي كانت مخزنة فيها. الفاعل كان الديوانة التونسية بجلالة قدرها وقد سخرتها المافيا لتأديب هذا المرّد الذي لا يدفع ما عليه ولا يسدّد معاليم... "الديوانة" ... عندما يفكّر المرء أنّ السياسيّين المعارضين يقصرون شكواهم في تبعيّة الإدارة للحزب الحاكم يدرك مدى الحَوَل السياسي المستشري في هذه البلاد مازالت أزمة الحجاب تتفاعل وقد تجاوزت الفضاءات التونسية إلى فضاءات أخرى معنيّة بهذه المسألة. ولقد عبّرت عن رأيي في هذه المسألة مثل بقيّة الناس وقلت إنّ ارتداء الحجاب حق وإنّ كلّ مساس بالمحجبات باطل. ولكنّي قلت أيضا إنّ الحجاب ليس هويتنا فأغضب ذلك صابر التونسي وأنا لا أريد أن أختصم معه لأنّه صديق ولأنّي أدّخر خصوماتي للدكتاتورية التي تظلمنا إسلاميين ولائكيّين... ومع ذلك فما زلت عند اعتقادي أنّ الحجاب ليس هويتنا لأنّ هويتنا أوسع من أن يستطاع اختزالها في لباس بعينه، واللباس عندنا متعدد بتعدد الجهات، هاك مثلا القلعة الصغرى قريتي وجارتها القلعة الكبرى : في قريتي تلبس النسوة منذ القديم "التخليلة" وهي تكشف عن النحر والذراعين بلا خلاعة. وفي القلعة الكبرى تلتفّ المرأة في "وَزرة" تخفيها كلّها ولا تظهر منها إلاّ نصف عين. هذا كان في الماضي أمّا اليوم فتلبس النساء اللباس العصري... والحجاب العصري هو الآخر... وهذه هي الهوية أو وجه منها أي الملامح التي تتشكّل من تاريخ البلاد وتقاليدها وتطورها. وما تشبعت به من موروث ووافد. فلا تغضب يا صابر ولا تحاول أن تفرض رؤيتك على الآخرين فتكون مثل اليهود والنصارى الذين لن يرضوا إلاّ إذا اتبع الآخر ملّتهم. فالله قال هذا عن اليهود والنصارى ولم يقله على المسلمين. لحى بعد الحجاب أو معه تنطلق حملة بوليسية أخرى ضد الرجال الملتحين: إيقاف في الشوارع وأمام المساجد ومرسلة وتنبيه على الشباب الملتحي بالتخفف من لحيته وقد هدد عون بوليس أحد الشبان بأنه إذا وجده ملتحيا في المرة القادمة فسيتولى حلاقة لحيته في المركز أين تم إعداد لوازم الحلاقة وقال للشباب إنّ هذه اللوازم لم يراع فيها أي اعتبار صحي بحيث يمكن أن يحلق له لحيته بشفرة مستعملة. منتهى الوقاحة والغي والأجرام: أجهزة بوليس النظام تتحول إلى ناقل "للسيدا أو مهدد بنقلها. أدعو من يقرأ لي من الشباب وغير الشباب إلى إطلاق لحاهم من باب الصمود والمقاومة للأوامر الجائرة وليس من باب تطبيق السنّة فق تونس- سوسة =ستة ساعات ونصف يوم الأحد تحول وفد يضم كلاّ من الأساتذة عبد الرؤوف العيادي ومحمد النوري وجلول عزونة وعياشي الهمامي وعم علي بن سالم إلى مدينة سوسة لأداء زيارة مساندة للدكتور منصف المرزوقي المعتصم في بيته احتجاجا على الحصار الذي ضرب عليه منذ عودته من فرنسا. في الماضي كان الوصول من تونس الى سوسة يستغرق أكثر من ساعتين على الطريق الوطنية رقم1 ويعد إنشاء الطريق السريعة صار الذهاب يستغرق ساعة ونصف الساعة والساعتين بالنسبة إلى من يفضّلون السياقة بسرعة معتدلة. أمّا بالنسبة إلى الوفد المذكور فقد استغرق الوصول إلى سوسة ستة ساعات ونصف الساعة تتخللها تسعة حواجز بوليسية ومساءلات وحجز أوراق وخصومات (لديّ تسجيل منها على هاتفي المحمول)... إنّها جمهورية قطّاع الطرق.