أكد قياديان منسحبان من الحركة المصرية من أجل التغيير " كفاية" إنها انتهت فعليا من الواقع السياسي ولم يعد لها وجود في الشارع، بسبب الممارسات الخاطئة من المجموعة المسيطرة عليها والخمول الذي أصابها في الشهور الأخيرة، وفشلها في ايجاد ، واصرارها على اقصاء التيار الاسلامي. وكان انشقاقا شديدا نشأ بين بعض التيارات المكونة لحركة كفاية، بعد اصدار بيان مؤيد لفاروق حسني وزير الثقافة في أزمة الحجاب التي شهدتها الساحة المصرية مؤخرا، وقد نشر البيان على موقع الحركة وظل عدة أيام قبل أن يتم حذفه، في حين نشر المتحدث باسم الحركة د. عبد الحليم قنديل مقالا على موقعها يطالب فاروق حسني بالاحتجاب " أي الاستقالة" ويقدم رؤية متوازنة حول الحجاب الذي اعتبره حقا حقا شخصيا. لكن جورج اسحق منسق الحركة امتنع عن التعليق عن الانسحابات المفاجئة لسبعة من رموز الحركة مرجئا ذلك إلى ما بعد الثلاثاء 12/12/2006. وقال ل"العربية.نت": نحن في حركة كفاية قررنا عدم الادلاء بأية تصريحات صحفية حول الموضوع إلا بعد هذا التاريخ. حينها اتصل بي وسأقول لك ماذا جرى. وبدا من كلامه أن ثمة جهودا تبذل لرأب الصدع الذي حدث في الحركة، ويريدون اعطاءها الوقت الكافي. وأكد مجدي أحمد حسين الأمين العام لحزب العمل "اسلامي" وهو من أبرز الرموز المنسحبين أن هذا البيان كان القشة الأخيرة التي أدت إلى بروز الخلافات التي ظلت طويلا تتداول داخل الحركة، واعلان بيان الانسحاب. وقال ل"العربية.نت" إن عودتهم إلى الحركة مرة أخرى، مشروطة بوضع نوع من المبادئ المتفق عليها، وإيجاد آلية ديمقراطية حقيقية تعبر عن كل التيارات، وكيفية اتخاذ القرار، بحيث لا يطغى طرف على طرف آخر، خاصة أنه لا يوجد طرف داخل الحركة أضخم من الآخرين يبرر ما يحدث حاليا، فالأحجام والأوزان من الناحية العددية متقاربة. وأشار إلى إنه عرض وضع برنامج للحركة من عشر نقاط يتناول الصيغة التي تجمع هذا التكتل كجبهة وطنية متراصة، ولابد أن تضم الاخوان المسلمين، متسائلا: لماذا تضم الكل وتستبعدهم فقط؟ وقال: هذا العمل الجبهوي فشل في ايجاد ، وتقع مسؤولية ذلك على القوى العلمانية في "كفاية" التي رفضت من البداية دخول الاخوان المسلمين، وظلت تهمش دور حزب العمل طوال العامين الماضيين، وظللنا نتحمل ذلك في سبيل الهدف المشترك في عام الانتخابات لرئاسة الجمهورية 2005، ولكن بعد انتهاء سخونة الانتخابات وبقاء الرئيس مبارك لستة أعوام أخرى، بدأت هذه العيوب تظهر علنا. وتابع حسين: "كفاية" بدأت تنطفئ بالتدريج وتنسحب من الشارع، وأصبح الوضع مثيرا للسخرية، فالطرف الاسلامي يعترف بالتيار الليبرالي واليساري والناصري كجزء من حركة "كفاية" بينما تلك الأطراف لا تعترف به، وقبلنا بذلك أيضا. وأضاف: كان كل عملنا ان ندافع داخل الحركة نفسها عن الاسلام حتى لا يهاجم، لكن الأمور تفجرت بعد البيان الأخير الذي وضع على موقع الحركة لمدة أربعة أو خمسة أيام، وينحاز لموقف وزير الثقافة فاروق حسني ضد الحجاب، رغم أن أسوأ من في السلطة رأوا فيه موقفا ضد الأمة كلها وليس ضد الاخوان أو الاسلاميين فحسب. واستطرد مجدي حسين: بعد صدور ذلك البيان، كان البقاء معهم في تنظيم واحد شئ غير محتمل، وقد جاء ذلك نتيجة استئثار البعض منهم بالسلطة في حركة كفاية، فأخذوا يصدرون بيانات من الممكن أن تصدر عن حزب التجمع "اليساري" مثلا لكنها لا تصدر من جبهة بها تيارات مختلفة، وهذه هي المشكلة الحقيقية معهم. وأضاف: لن ينجح أي عمل جبهوي في مصر إلا بحل هذه المعادلة، أي العثور على صيغة جامعة لكل التيارات، فحتى الأشكال الجبهوية التي كونها الاخوان مثل التحالف الوطني من أجل التغيير والاصلاح، وحاليا الجبهة الوطنية من أجل التغيير، خلت من كلمة "الاسلام" أي كان لابد من محوها من الورق لتشكيل أي جبهة، وذلك أمر غير منطقي ولن يؤدي إلى نتيجة، ولن يتفاعل الشارع معها. أما الناشط السياسي القبطي جمال أسعد عبد الملاك وهو من أبرز رموز الحركة أيضا فقال ل"العربية.نت" لاحظنا سلوكيات تتناقض مع موقف الحركة من أمريكا واسرائيل، مثل حضور المنسق العام لمؤتمر يضم اسرائيليين بدعوة أمريكية، وتلك كانت النقطة الأساسية التي تداعت بعدها الأمور. وأشار أيضا إلى حراك سياسي اقليمي وعالمي من يوليو 2004 إلى فبراير 2005 استفادت منه الحركة في النزول إلى الشارع، ولكن بعد انحصاره ورفع اليد الأمريكية عن تطبيق ما يسمى بالديمقراطية عادت الأمور إلى الخفوت داخل كفاية ، مما يعني أن الزخم كان جزءا كبيرا منه بسبب العامل الخارجي وليس عاملا ذاتيا. وأضاف: في ظل هذا الخفوت ظهرت تناقضات داخل الحركة، فسيطرت مجموعة عليها، واسقطت أي سلوك أو تعامل ديمقراطي، مثل صدور بيانات واتخاذ قرارات دون الرجوع إلى اللجنة التنسيقية أو إلى أي أحد من الحركة. وبدأت تأخذ شكل التحول إلى ملكية خاصة من بعض رموزها الذين قاموا بالصرف عليها بشكل مباشر، وطلبنا حينئذ أن يكون التبرع للجنة المالية فقط، دون أن يصرف المتبرع بشكل مباشر، لكن حدث نقيض ذلك وتحولت الحركة إلى ملك لمن يصرف. وقال جمال أسعد عبد الملاك: فوجئنا بأحد الذين يصرفون على الحركة في رمضان الماضي، بتنظيم حفل سحور في أحد قصوره بضاحية المقطم تحت اسم "كفاية" ونقلت احدى القنوات الفضائية هذا الحفل، وهذا لم يتخذ به قرار في اللجنة التنسيقية رغم أنها اجتمعت في اليوم السابق لهذا الحفل. وتابع: سحور كفاية إذا جاز اقامته لا يقام في قصور وإنما في حواري وأزقة مصر مع الشعب، ولكن ما جرى هو استغلال لاسم الحركة حتى تتم دعوة علية القوم والنخبة لصالح صاحب القصر. لم يعد في الحركة شباب واستطرد أن "الأمر المهم أن شباب من أجل التغيير وهم القوة الضاربة في حركة كفاية أرسلوا مذكرة للجنة التنسيقية ينتقدون فيها سلوك المنسق العام وغياب الديمقراطية، وقد قوبل ذلك بالازدراء من المجموعة المسيطرة لدرجة أنه قيل لهؤلاء الشباب، من لا يعجبه فليبحث عن مكان آخر، وبالتالي انسحب الشباب بالكامل في آخر اكتوبر الماضي ولم يعد هناك شباب في الحركة. وتحدث عبد الملاك عن مذكرة تقدم بها د. يحيي القزاز – أحد الرموز المنسحبين –تضم 22 اتهاما لجورج اسحق المنسق العام.. "ولكن لم يتم النظر فيها على الاطلاق، فلاحظنا أن هذه الأخطاء متكررة ومتصاعدة، رغم أنه بعد كل مواجهة يتم الوعد بالاصلاح وعدم معاودة الخطأ، ومن ثم خسرت كفاية فعاليتها ومجرد وجودها في الشارع، حيث أصبحت حركة نخبوية تهتم بالاعلام في شكل بيان أو مؤتمر صحفي أو ظهور في الفضائيات مما جعلها لا تعبر عن الشعب المصري، وتحولت إلى حزب من الأحزاب المصرية الضعيفة بعد أن نقلت إليها الأمراض الحزبية المصرية". وقال: تأكدنا نحن المنسحبون أنه لا أمل في اصلاح الحركة وأن الواقع قد تخطاها واعمالا بمبدأ الشفافية قررنا الانسحاب واعلان رأينا في الحركة، حتى لا يغرر بالشعب، وحتى لا نسكت عن الخطأ لأن السكوت عنه خطيئة. صراع حزبي خفي وأضاف أن "الحركة أخطأت وبدأت في العد التنازلي عندما انضمت اليها أحزاب ومجموعات، فالبيان التأسيسي يفترض انضماما فرديا حتي لا تحدث ازدواجية وتناقض بين عضوية الحركة وعضوية الحزب، ولكن الذي حصل أن القوى انضمت كأحزاب وهذا ما نبهت إليه منذ البداية، وبالتالي حدث نوع من الصراع الخفي داخل الحركة، لأن كل قوة ايديولوجية وكل حزب أراد أن يختطفها، مما أضعفها وحولها إلى شكل من أشكال الحزبية. وحول شعار "لا للتمديد ولا للتوريث" قال إن الواقع تجاوز هذا الشعار بعد انتخابات الرئاسة، ولكن في اطار الممارسات الديمقراطية للحركة يوجد تناقض بين هذا الشعار وبين الواقع، فرغم أنها تعلن "لا للتمديد" فان المجموعة التي تسيطر عليها أصرت على التمديد للمنسق العام، مع أنه كان يجب أن يأخذ سنة وينسحب، وخاصة أن هذه الحركة ليست حزبا لكي يكون لها رئيس أو مدير أو منسق بالمعنى الاداري ولكنها حركة شعبية، وقد طالبت في مؤتمر 14/4/2006 أن تكون القيادة جماعية وليست فردية لأننا لسنا حزبا تقليديا، وبالتالي فان الشعار فقد قيمته وحقيقته. وعن مستقبل الحركة قال عبد الملاك إن تصورنا الخاص أنها فقدت وجودها، أي أنها ليست موجودة كما يجب أو كما يتصور الكثيرون، فلا يوجد حراك حقيقي، وتتحرك حاليا بالقطعة حسب الموقف، وحتى المظاهرات لا تضم سوى العشرات. وأضاف: رأينا أن نعلن ذلك حتى لا يدلس أحد على الشعب المصري، فأين "كفاية" منذ موقف القضاة الذي كان موقفا عاما وليس خاصا بها فقط؟.. لقد أصبح لا وجود لها ولا فعالية في الشارع، وإنما مجرد تصريحات اعلامية فقط. وكان سبعة من رموز الحركة أصدروا بيانا يعلن انسحابهم منها وهم حسب ترتيب الموقعين عليه، جمال أسعد عبد الملاك ومجدي أحمد حسين ود. مجدي قرقر ود. عبدالجليل مصطفى ود. يحيي القزاز ود. محمد شرف ومحمد الدردير.