تعتقد إثيوبيا أن بإمكانها إعادة النظام سريعا إلى جارتها الصومال التي تعاني من الاضطراب منذ وقت طويل، وهو ما يشرحه رئيس الوزراء الإثيوبي ميليس زيناوي قائلا: "لقد أنجزنا نصف مهمتنا، وستغادر قواتنا الصومال فور الانتهاء من النصف الآخر". وقد أجبر جيش زيناوي بمساعدة القوات الحكومية الصومالية قوات اتحاد المحاكم الإسلامية على التراجع بعد أربعة أيام من القتال العنيف. كما قصفت القوات الجوية الإثيوبية مواقع أمامية بالعاصمة الصومالية مقديشو وكذا المطار هناك. وقد أعيد جمع المتمردون الإسلاميون الذين فرضوا سيطرتهم على مقديشو، وثمة شاحنات كبيرة محملة بالمقاتلين الإسلاميين في طريقها من العاصمة للانضمام إلى رفقائهم، حيث يبدو أنهم لم يستعدوا بعد للإقلاع عن القتال. وأفاد السفير الصومالي في أديس أبابا أن القوات الأثيوبية تتعقب المقاتلين الإسلاميين وفي طريقهم إلى العاصمة، وسيتمكنون من أسرهم في غضون يومين. وتشير السلطات الأثيوبية إلى أن الآلاف من المقاتلين الإسلاميين قد لقوا مصرعهم في الأيام القليلة الماضية. وفي الوقت الراهن، كشف كل من الصليب الأحمر والهلال الأحمر عن مئات القتلى والمصابين. تتكون قوات المحاكم الإسلامية من جنود المشاة فقط، وهم مسلحون ببنادق نصف آلية ومدافع خفيفة مضادة للطائرات موضوعة على الشاحنات الناقلة. ويبدو أن فرصة انتصار المقاتلين الإسلاميين ضئيلة أمام القوات الإثيوبية التي تتألف من الدبابات والقوات الجوية. ومن المفترض أن يستخدم اتحاد المحاكم الإسلامية أسلوب حرب العصابات، حيث استدعى المقاتلين الإسلاميين من الخارج للمشاركة في الجهاد "الحرب المقدسة" ضد أثيوبيا. ومن جانبه، صرح أحد الدبلوماسيون الغربيون قائلا: " حرب العصابات لا تعني الهجوم على أهداف في الصومال فحسب، بل في أثيوبيا والبلدان المجاورة لها كذلك. وعلينا أن نعيد كلا الطرفين إلى مائدة المفاوضات، حيثما يكمن حل هذا النزاع، لا في ساحة القتال". وناشد مبعوث الأممالمتحدة الخاص إلى الصومال فرانكويس لونسيني فول مجلس الأمن للمطالبة بوقف فوري لإطلاق النار، قائلا: " إن لم يكن هناك أية اتفاقيات سياسية بين الطرفين، سيصبح الوضع كارثيا على الشعب الصومالي الذين يعاني بالفعل منذ وقت طويل، بل قد يكون له عواقب خطيرة على المنطقة بأسرها". لكن مجلس الأمن أخفق في التوصل لاتفاق مساء أمس الثلاثاء إزاء تلك القضية، حيث أنه من الواضح أن الولاياتالمتحدة تعارض فكرة وقف القتال، حيث من الواضح أن واشنطن تؤيد الهجوم الإثيوبي. وكلا البلدين على اقتناع بأن زعماء اتحاد المحاكم الإسلامية يحافظون على علاقاتهما الوطيدة بالقاعدة. وإثيوبيا بلد يسكنها أغلبية مسيحية وتعيش بها أقلية من المسلمين. ويريد اتحاد المحاكم الإسلامية أن يحيل الصومال إلى دولة إسلامية بينما تعتبر أديس أبابا هذا تهديدا لها. علاوة على ذلك تشتبه أثيوبيا في أن اتحاد المحاكم الإسلامية يرمي إلى تتطلع إلي اقامة "إيديولوجية الصومال الكبرى" على غرار ما حاول أن يفعله الرئيس محمد سياد بري الذي خلع عام 1991. في عام 1977 عبرت القوات الصومالية إلى إقليم أوغادين بإثيوبيا التي تسكنه أغلبية من أصول صومالية. وكان الرئيس بري يرغب أن يضم هذه المنطقة إلى الصومال لكن قواته منيت بهزيمة بعد عام من الحرب على يد الجيش الإثيوبي. وتدعم إثيوبيا الحكومة المؤقتة الصومالية الضعيفة بزعامة عبد الله يوسف. وتحظى هذه الإدارة أيضا بدعم من المجتمع الدولي لكنها لا تسيطر سوى على مدينة بيدوا والمنطقة المحيطة بها. وكثير من الوزراء بهذه الحكومة كانوا عسكريين قبل أن يسقط نظام الرئيس سياد باري وتغرق البلاد في حالة من الفوضى فهم مكروهون من الناس. ومنذ أن احكم اتحاد المحاكم الإسلامية سيطرته على مقديشو وعلى مساحات كبيرة جنوب الصومال عاد الأمن والنظام للمناطق التي يسيطرون عليها وبذلك أصبح اتحاد المحاكم الإسلامية يحظى بشعبية بين الناس بالرغم مما يطلبونه من التزام صارم بالشريعة الإسلامية. والسؤال الآن هو ما الذي ستفعله القوات الإثيوبية في الأربع وعشرين ساعة القادمة؟ يرى المراقبون إن من عدم الحكمة أن تتقدم القوات الاثيوبية صوب مقديشو بسبب العداء التاريخي بين البلدين . وهو ما يشرحه أحد الخبراء قائلا " للصوماليين مشاكل كبيرة مع المحتلين الأجانب عامة والأثيوبيين خاصة. وقد يعمل هذا على خلق سيناريو يمسى فيه الأثيوبيون فيه مكروهين في الصومال مثلما الأمريكيين مكروهين في العراق، بكل ما ينتج عنه من عواقب"