تشهد تونس هذه الأيام حالة غير مسبوقة من الاحتقان الأمني زاد من حدة الاحتقان السياسي والاجتماعي الذي تعاني منه بلادنا منذ سنوات، و تمثلت في تمشيط البوليس لكامل التراب الوطني ،خاصة في منطقة الجنوب، بحثا عن أسلحة ومطلوبين. وهذا التمشيط هو من تبعات حادثة حمام الأنف التي اعترفت السلطة بوقوعها وتسببها في ضحايا بعد مواجهة بالأسلحة الخفيفة بين الشرطة ومجهولين. وحيث أننا أمام سلطة تكذب باستمرار في كل موضوع وفي كل مناسبة ، فإننا لا ننتظر منها توضيحا له أي مصداقية مما يفتح الباب أمام كل التكهنات . وسواء كانت العملية من طبيعة الجريمة المنظمة أو من قبيل الفعل السياسي ، فإنها علامة إضافية على الأزمة الخانقة التي تتخبط فيها بلادنا جراء سياسة الدكتاتورية. فهذه الأخيرة بحكم الفساد الذي أصبح سمتها الرئيسية، وبحكم ضربها لكل القيم الأخلاقية بالقدوة السيئة التي تعطيها ، وبحكم سياستها الاقتصادية والاجتماعية التي ترمي إلى البطالة بمئات الآلاف من الشباب ، هي اليوم أهم عامل لارتفاع نسبة جرائم الحق العام التي تغص بها المحاكم . وهي جراء سياسة الانغلاق والتحجر ورفض الإصلاح و الحوار، حتى مع أكثر المعارضين "اعتدالا" ، والإمعان في إذلال المواطنين وترويعهم، هي أهم محفّز لإغراء المقاومة المسلحة. وفي كلتي الحالتين فإن النظام الذي ربط الاستقرار بالترويع والتخويف وتكميم الأفواه ،مواجه الآن، سواء في المجال الاجتماعي أو المجال السياسي، بكل عناصر عدم الاستقرار التي جمّعها طوال عقدين من سياسة مبنية على الفساد والتزييف والقمع. لهذا يتوجه الجمهوريون للقوى الوطنية للتجمع في صلب المقاومة الديمقراطية السلمية بهدف واحد هو وضع حد لهذا النظام في أقرب وقت ممكن قبل استفحال العنف الاجتماعي والعنف السياسي بما يعنيه ذلك من تبعات رهيبة على مستقبلنا جميعا . كما يتوجه الجمهوريون لكل القوى الحية داخل المجمع وخاصة الشباب لينخرطوا بدورهم في المقاومة السلمية لأن خيار العنف لن يفعل إلا إطالة أنفاس الدكتاتورية وهي تتقدم للعراب الخارجي كضحية الإرهاب وجزء ا من الترسانة العالمية لمحاربته. لقد دخلنا في تونس مرحلة المواجهات المسلحة، وهو منزلق لا يعرف أحد إلى أين يمكن أن يؤدي بنا، لكن لنا في المآسي التي عرفتها الكثير من البلدان الشقيقة أمثلة لا تحتذي ويجب على كل التونسيين العمل على ألا تصبح واقعنا نتيجة سياسة خرقاء لنظام آن الأوان لنهايته إذا أردنا لتونس أن تعرف الحرية والرخاء والسلم . عن المؤتمر من أجل الجمهورية د. منصف المرزوقي