جرت صباح اليوم فعاليات الندوة التي نظمتها (آكي) في مقرها في روما بعنوان "مسلمون وديمقراطيون"، أدارها نائب مدير الوكالة ماريو نورديو الذي قال في كلمته الافتتاحية إن "موضوع حوار الحضارات يقع في صلب اهتمامات (آكي) منذ تأسيسها، قصد تجاوز سوء التفاهم بين العالمين الغربي والإسلامي". وشدد وزير الخارجية الإيطالي الأسبق ورئيس لجنة الشؤون الخارجية لدى مجلس الشيوخ لامبيرتو ديني في محاضرته على "ضرورة تشجيع اللقاءات من هذا القبيل، خاصة بمشاركة المؤسسات السياسية". كما أدان "الخلط بين الإسلام والأصولية، بل بينه وبين الإرهاب"، في محاولة "لاختزال تاريخ وواقع شديدي التعقيد". وأكد ديني على "أهمية الاستمرار وتفعيل مسار برشلونة"، مع "إرساء نوع من التوازن بين المقاربة الاقتصادية، بمساعدة التنمية والشراكة مع دول جنوبي المتوسط، وبين المقاربة الثقافية بتنمية الحوار". تلت ذلك محاضرة البريطانية سارة جوزف رئيسة تحرير مجلة (إيمل) الشهرية، التي أكدت أن "المشاكل الحقيقية التي نعاني منها في العالم ذات طبيعة سياسية واقتصادية، ولا صلة لها بالانتماء الديني والثقافي"، وأضافت أن "الإسلام دين وليس ثقافة"، فهي "مسلمة بريطانية أوروبية، كما أن هنالك مسلمون من ثقافات مختلفة، أخذ بعضها من بعض"، وضربت لذلك مثلا القانون العام البريطاني Common Law، الذي استمده الملك هنري الثاني من الفقه المالكي عبر صقلية. وكانت المرأة المحجبة الثانية المشاركة هي هبة رؤوف عزت أستاذة العلوم السياسية بجامعة القاهرة وإحدى مؤسسي موقع (إسلام أون لاين)، التي لفتت إلى "أهمية الخبرة الإنسانية المباشرة وأولويتها على النظريات"، مؤكدة أنها لا تريد الدفاع عن الإسلام، وإثبات إن كان متوافقا مع الديمقراطية أو متعارضا معها، ولكن تسعى"للبحث عن القواسم المشتركة التي تسمح بالعيش المشترك الكريم"، مشيرة إلى هناك توجهات سياسية تتجاوز الانتماء الديني فهي ترى نفسها "اشتراكية ديمقراطية"، وليست "ليبرالية". كما شككت في "نية" بعض الدول الغربية في تنمية الديمقراطية في العالم الإسلامي، حيث "تفضل التعامل مع أنظمة ديكتاتورية لخدمة المصالح الاقتصادية الضيقة". ومن جهته أكد الباحث التركي الشاب إبراهيم كالين مدير مؤسسة (سيتا) للأبحاث السياسية والاقتصادية والاجتماعية، على "خطأ الفكرة القائلة بأن غياب الديمقراطية في العديد من الدول الإسلامية يرجع إلى الدين الإسلامي نفسه"، مشيرا إلى أن "الأحزاب الإسلامية يمكنها أن تساهم إيجابيا في تنمية الديمقراطية"، التي في رأيه "ليست مجرد إجراءات، بل نظام متكامل يشمل المجتمع المدني والمؤسسات والجامعات ووسائل الإعلام". وفي الختام تناول فابيو بيتيتو، الباحث الإيطالي في كلية الدراسات الشرقية والإفريقية في لندن، الجدل الذي أثير حول استدعاء بعض الشخصيات الإسلامية إلى ندوة نابولي التي ستبدأ غدا، بعنوان "إعطاء صوت للديمقراطيين المسلمين"، حيث تعتبر ندوة (آكي) اليوم تقديما لها، مؤكدا على أهمية الحديث "مع" الإسلاميين وليس "عنهم". ومشيرا إلى أن "عدم الحوار وتهميش الأحزاب الإسلامية التي تسعى للسلطة ديمقراطيا يخدم فقط القوى المتطرفة"، فكما وجدت "مسيحية ديمقراطية" في إيطاليا، يمكن أن توجد أحزاب "إسلامية ديمقراطية" في العالم الإسلامي. وبما أن الديمقراطية لا تصدّر بالقوة، فلا بديل عن "إيجاد أرضية ثقافية محلية تتفاهم والأسس الديمقراطية"، وهذا ما يمكن أن تقوم به الأحزاب الإسلامية "التي يمكنها هزيمة التطرف لأنها تتحدث بخطاب ثقافي يفهمه الناس" في تلك البلدان.