"لقد درجنا على وصف أنفسنا بأننا مجتمع راق جداَ، متسامح، ويتمتع بثقافة تعددية، ولكننا في حقيقة الأمر لسنا كذلك. ربما نكون أكثر مجتمعات أوروبا تفرقة بين الناس". غادرت نجمة السياسة الهولندية المثيرة للجدل؛ التي أحرزت شهرة عالمية؛ بسبب حملاتها ضد الإسلام المحافظ البرلمان الهولندي، عقب عاصفة سياسية، شهدت إبلاغها بسحب جنسيتها الهولندية. وقالت "ريتا فيردونك" وزيرة الهجرة الهولندية: إنها لا تملك خيارًاَ آخر غير سحب جواز "أيان هيرسي"، بعد أن كشف برنامج وثائقي تلفزيوني، أن البرلمانية الصومالية المولد، قد كذبت حول اسمها وعمرها، عندما تقدمت بطلب للجوء. وقد ظلت الوزيرة "فيردونك" منذ تصريحها المذكور، تتعرض لضغوط لمراجعة هذا القرار، إثر نقاش طارئ في البرلمان، شهد اصطفافاَ من برلمانيين غاضبين، يدعمون "هيرسي علي"، ويتهمون الوزيرة – المنخرطة حاليا في سباق من أجل قيادة حزبها – بالانتهازية السياسية. هذه المعلومات حول "أيان هيرسي" ليست بالجديدة؛ خاصة وأن "أيان" كانت صريحة، واعترفت بأنها كذبت في المعلومات؛ التي أدلت بها؛ لكي تنجح في الدخول إلى هولندا. من الواضح أن الضغوط على "هيرسي علي" كانت كبيرة جدًّا؛ خاصة وأنها جاءت بعد سنوات من العيش تحت حماية الشرطة؛ بسبب التهديدات بقتلها من قبل المتطرفين الإسلاميين ومن المعلومات ذات العلاقة أن "هيرسي" قد أُمرت بواسطة المحكمة الهولندية بإخلاء شقتها. الجيران قلقون بسبب المخاطر الأمنية؛ جراء سكنهم بجوار شخص، اسمه مدرج على قائمة المهددين بالقتل من قبل الإرهابيين وأن قرار تركها الحياة السياسية الهولندية، والتوجه إلى الولاياتالمتحدة، قد أصبح أمراَ ملحاَ. هذه هي الخطوط العريضة لأسبوع مهم في الحياة السياسية الهولندية، وأسبوع مهم ومشحون بالنسبة لقيادية سياسية، خاطرت بحياتها من أجل قضيتها. وقد ركز منبر أمستردام هذا الأسبوع على ملحمة "أيان هيرسي".. هل تم إبعادها قسرا وظلما؟ وما هو إرثها في هولندا؟ "نعيمة طاهر" محامية مهتمة بحقوق الإنسان، خبيرة في الشئون العامة وروائية، وهي مثل "هيرسي علي" مهتمة بحقوق المرأة المسلمة. "جيجس فان دي ويستيلاكن" مخرج فيلم (الخنوع)، الذي أعده الراحل "ثيو فان خوخ" و"أيان هيرسي". "حكمت مهوات خان" رئيس لجنة الاتصال من أجل الإسلام – منظمة تضم المجموعات الإسلامية في هولندا. ما قالته "نعيمة طاهر" حول أن "هيرسي علي" قد تم طردها: "أعتقد أنها عوملت بظلم. بالطبع لا أحد فوق القانون، لا أحد فوق الأخلاق – ولا حتى عضو البرلمان؛ لذلك فإن إجراء تحقيق هو أمر طبيعي، ولكنني أعتقد أن هذا التحقيق يجب إجراؤه من قبل، إذا كانت الوزيرة "فيردونك" تريد إجراءه. ولكن ما تم بالفعل هو سحب جواز سفر "هيرسي" خلال 48 ساعة فقط. لقد كان إجراءً مستعجلا، لم يراع أي جانب إنساني". سئل "جيجس فان دي ويستيلاكن" عما إذا كانت "هيرسي علي" قد تم طردها: "نعم، بطريقة ما – ليس فقط من خلال القرار الذي اتخذته الوزيرة "فيردونك"، بل أيضاَ من خلال ما جرى في أثناء السنة ونصف السنة الماضية، عقب اغتيال "ثيو فان خوخ" – لقد كانت تُعامل بطريقة غريبة، والمعاملة الأخيرة هي آخر أشكال المعاملة التي تعرضت لها". "حكمت مهوات خان" حول نفس السؤال: "أنا متعاطف معها على المستوى الإنساني؛ ولكنني أختلف مع كثير من الناس الذين يحبونها بطريقة تتسبب في إغلاق الحوار الواضح والمنطقي. لا أعتقد أنها طُردت من هولندا.. لقد صُدمت من التبسيط الذي نناقش به هذا الأمر، لديّ مشكلة أكبر من مجرد المشكلة الراهنة حول جنسيتها، وهي مشكلة تتعلق باستقامتها". "جيجس فان دي ويستيلاكن" حول صورة "هيرسي" في هولندا: "حقيقة هناك شعور غالب يدعو إلى التخلص من هذا النوع من الناس، ليس فقط "أيان". إنه شعور يستهدف التخلص من جميع الناس؛ الذين يجعلون من الحياة أمرًاَ صعبًا. هؤلاء الناس يطرحون أسئلة متعبة. إنهم يناقشون بإحساس قوي وحاد، ونحن لا نحب ذلك – نحن نرغب في أن نخلد إلى منازلنا عند الساعة السادسة؛ لنتناول عشاءنا ونشاهد كرة القدم". "لقد درجنا على وصف أنفسنا بأننا مجتمع راق جداَ، متسامح ويتمتع بثقافة تعددية، ولكننا في حقيقة الأمر لسنا كذلك. ربما نكون أكثر مجتمعات أوروبا تفرقة بين الناس، ولا أريد أن استخدم كلمة عنصري". "حكمت مهوات خان" حول الإعجاب ب"هيرسي علي": "لقد شهدت نقاشاَ في هذا البلد يهاجم الناس خلاله النبي (ص)، وعندما يرد المسلمون يقول البعض: إنكم تبالغون في رد فعلكم؛ لأنكم تحبون النبي (ص) والآن أشاهد ظاهرة مماثلة وهي؛ ما أن يمس أحد "هيرسي علي" بشأن أي موضوع، حتى يتدفق الإعجاب من كثير من الناس بالتعبير؛ خاصة في وسائل الإعلام الأكثر جذبًا للناس. يقومون بنفس رد الفعل الذي يصدر من المسلمين، عندما يهاجم الآخرون نبيهم ولذلك لا يمكنك الحصول على نقاش منطقي فعلاَ". "نعيمة طاهر" حول الميول العامة تجاه "هيرسي علي": "الاتجاه العام بشأنها خلال فترتها في البرلمان هو أنها جيّدة جداَ لدرجة يعتبرها البعض زائفة إلي حد ما. إنها نخبوية جداً، إنها من أسرة متعلمة للغاية، وإنها هي الأخرى عالية التعليم، وإنها أتت إلى هولندا وخلال فترة قصيرة جدا،ً صنعت لنفسها اسما كبيرا وموقعا مهما. خلال عشر سنوات فقط، نقلت نفسها من عاملة مصنع إلى برلمانية، بل من أشهر البرلمانيين في هولندا، والآن نجدها شهيرة حتى على المستوى العالمي". "إنها لا تمثل الصورة العادية للمهاجر، وأعتقد أن الفكرة التي أثارتها قضية "هيرسي هي" أنك لا تستطيع تجاوز المجتمع المجتمع الهولندي مجتمع متسامح، ولكن فقط في حالة عدم تجاوزه إذا كنت واضحاً أكثر مما يجب، أو إذا كنت متمردا عليه، فسوف تكون مصدرا للإزعاج وإغضاب رجال السلطة". "حكمت مهوات خان" "هيرسي علي" لم تكن مهتمة بالقضايا: "لقد طرحت عليها العديد من القضايا لمعالجتها هنا في هولندا، ولكنها لم تكن راغبة في مجرد التفكير فيها. وعلى سبيل المثال لدينا مسجد هنا في أمستردام يثير الكراهية ضد إسرائيل، وضد المجتمع الهولندي، ولديّ شرائط فيديو أعطيتها ل"أيان هيرسي"، وطلبت منها اتخاذ إجراءات ضد المسجد، ولكنها لم تحرك ساكناً؛ لأنها مشغولة جداً بالسياسة الدولية. لديها طموحاتها الدولية، وأتمنى لها كل النجاح في ذلك، ولكنني أعتقد أن فكرة أنها هي الوحيدة التي تستطيع الحفاظ على استمرار الحوار، مجرد أسطورة". "جيجس فان دي ويستيلاكن" يعلق حول الذين يقولون: إن "هيرسي" كانت مسئولة عن مقتل "ثيو فان خوخ" (فان خوخ حوّل نصا لها إلى فيلم (الخنوع)، وهو فيلم قصير مثير جدا للجدل، حول سوء معاملة النساء المسلمات ويقول الفيلم: إن القرآن يمنع هذه المعاملة السيئة. وقد اغتيل "فان غوخ" على يد إرهابي جهادي): "لا، مطلقا، هذا يتضمن أن "ثيو" شخص غبي لا يدري ما يفعل. ولتوضيح أمر واحد، فإن معظم الناس يعتقدون أن "فان خوخ" قد اغتيل بسبب فيلم (الخنوع)؛ صحيح أنه ليس السبب الوحيد. لقد لعب ذلك دوراً كبيراً، ولكن ما لعب دوراً أكبر من ذلك هو كتاباته ضد النبي (ص) اتضح ذلك خلال المحاكمة. والرسالة التي تركها "محمد بويري" قاتل "فان خوخ" تمت قبل أشهر من عرض فيلم (الخنوع)". راديو هولندا العالمي