احدث حزب الاستقلال العريق مفاجأة في الانتخابات التشريعية المغربية التي فاز بها متقدما على اسلاميي حزب العدالة والتنمية في حين مني الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بهزيمة وفق نتائج موقتة اعلنتها مساء السبت وزارة الداخلية. واعلن وزير الداخلية المغربي شكيب بنموسى ان حزب الاستقلال الذي تأسس في العام 1944 وقاد الحركة الوطنية في مقاومة الاستعمار الفرنسي حصل على 52 مقعدا بنسبة 16 بالمئة من الاصوات المصرح بها وحسن نتيجته السابقة في انتخابات 2002 التي حصل فيها على 48 مقعدا. وكان عبد الله البقالي عضو اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال قال في وقت سابق لوكالة فرانس برس "نحن الحزب الوحيد في الاغلبية (المتخلية) الذي حافظ على مواقعه بل وعززها". وتشمل هذه النتائج الموقتة الدوائر الانتخابية ال 95 في المملكة (295 مقعدا) واللائحة الوطنية المخصصة لتأمين حصة تمثيلية للنساء (30 مقعدا) التي ستكون مجتمعة مجلس النواب المغربي الجديد (325 مقعدا). وتقدم الاستقلال بخمسة مقاعد على حزب العدالة والتنمية (اسلامي معتدل) الذي حصل على 47 مقعدا. ومع تحسين حزب العدالة والتنمية نتائجه المسجلة في الانتخابات الماضية بخمسة مقاعد فان مسؤوليه اعربوا عن خيبتهم خاصة بعد ان اعلنوا قبل الانتخابات انهم سيكونون القوة السياسية الاولى في المملكة واتهموا على الفور خصومه "بالفساد الانتخابي". وقال الحسن داوودي الرجل الثاني في الحزب والذي اعيد انتخابه في فاس لوكالة فرانس برس "لقد تدفقت اموال خصومنا". وخلال الحملة الانتخابية كان قادة حزب العدالة والتنمية يراهنون على الفوز بما بين 70 و80 مقعدا. اما اكبر الخاسرين فهو حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي كان حاز المرتبة الاولى في انتخابات 2002 حين فاز ب 50 مقعدا وتراجع في هذه الانتخابات الى المرتبة الخامسة ب 36 مقعدا فقط. وقال احد مسؤوليه في وقت سابق "انها خيبة امل. وهذا بعيد عما كنا ننتظر". ولم يتمكن اثنان من وزراء الاتحاد الاشتراكي من الفوز وهما وزير الثقافة والوزيرة المكلفة بشؤون المغاربة في الخارج. واضافة الى الاستقلال والعدالة والتنمية حل حزبان آخران من يمين الوسط امام الاتحاد الاشتراكي وهما حزب الحركة الشعبية (مؤيد للامازيغ) الذي حصل على 43 مقعدا والتجمع الوطني للمستقلين (ليبرالي) الذي فاز ب 38 مقعدا. وشعر مناضلو الاتحاد الاشتراكي بخيبة امل ازاء هذه النتيجة ولم يتردد بعضهم الى الدعوة الى اعادة تأسيس الحزب. ولم يستبعد مسؤول الحملة الانتخابية في الحزب عبد الملك جداوي عودة الاتحاد الاشتراكي الى المعارضة التي كان قاد فيها المعارضة على مدى عقود. وقال عبد القادر باينة عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي انه اصبح "من الضروري" تحليل ما جرى. واضاف "يجب ان نعرف ما هي الاخطاء التي ارتكبناها. ان حصيلتنا في الحكومة ايجابية لكن للاسف الناس (الناخبون) لا يتذكرون الا ما لم يتحقق". وحل حزب الاتحاد الدستوري سادسا ب27 مقعدا ضمن الاحزاب الستة التي فازت باكثر من 20 مقعدا. وعلاوة على هذه الاحزاب الستة حصل 20 حزبا من ال 33 التي شاركت في الانتخابات على ما بين مقعد واحد و14 مقعدا في حين لم يفز تسعة احزاب باي مقعد بحسب النتائج المعلنة. من جهة اخرى قال الوزير ان "نسبة المشاركة في الانتخابات تناهز 37 بالمئة اي ان 75 ملايين ناخب توجهوا الى صناديق الاقتراع" من 515 مليون ناخب مسجل. وكانت نسبة المشاركة في انتخابات 2002 بلغت 52 بالمئة. وهي ادنى نسبة اقبال في تاريخ الانتخابات في المملكة المغربية. وشهدت نسبة امتناع الناخبين المغاربة عن التصويت ارتفاعا متواصلا منذ 1984 حين بلغت نسبة المشاركة رسميا 4367 بالمئة بيد ان العملية شابتها اعمال تزوير حينها. ولم يشارك في التصويت هذا العام سوى اثنين من كل خمسة ناخبين مسجلين في هذه الانتخابات الثانية منذ اعتلاء الملك محمد السادس عرش المغرب في 1999. وقال بنموسى "ان نسبة المشاركة تدعونا جميعا للتفكير للبحث في احسن السبل لتقوية تعبئة المواطنين وترسيخ اهتمامهم بالشأن العام". وازاء نسبة الامتناع التاريخية المسجلة اعترفت احزاب سياسية عدة بضرورة مراجعة طريقة عملها السياسي. واكد تقرير اولي صدر مساء السبت لبعثة دولية من 52 ملاحظا تابعت لاول مرة الانتخابات المغربية ان الاقتراع جرى في اطار من "الشفافية". واوضح التقرير "بشكل عام جرى الاقتراع في اطار القانون حتى وان تم ابلاغ اعضاء في المهمة ببعض المخالفات المعزولة". واضاف "لقد تميزت الانتخابات بروح من الشفافية والمهنية وخلال كامل الحملة الانتخابية منحت الحكومة المغاربة فرصة هامة للتعبير عن آرائهم السياسية". ويصدر فريق المراقبين الدوليين برئاسة خورخي راميريز الرئيس البوليفي السابق تقريره النهائي عن الانتخابات المغربية في غضون بضعة اسابيع. كما تابع ثلاثة آلاف ملاحظ مغربي عملية التصويت. وبحسب ما ستفرزه النتائج النهائية سيعين العاهل المغربي محمد السادس رئيسا للوزراء يتولى التفاوض مع الاحزاب الممثلة في مجلس النواب لتشكيل تحالف حكومي. ولا يتيح نظام الاقتراع المباشر باللائحة النسبية على قاعدة بقاء الاقوى لاي حزب الحصول على اغلبية مطلقة. وستعلن النتائج النهائية للانتخابات الاحد. من جهة اخرى اكد بنموسى ان الانتخابات جرت "في اجواء عادية ووفق ضوابط قانونية تضمن الشفافية ومصداقية العملية" الانتخابية مشيرا الى تسجيل 20 حالة خرق للقانون الانتخابي "لم تؤثر في اي لحظة على السير العادي للتصويت وارادة الناخبين". 09/09/2007