أعلن أبو بكر بن بوزيد وزير التربية الوطنية الجزائري عن قرار جديد يقضي بإدراج مادة العلوم الإسلامية في جميع تخصصات التعليم الثانوي، لتصبح مادة إلزامية للمرة الأولى في تاريخ المنظومة التربوية بالبلاد. فعلى هامش حفل نظم لانطلاق السنة الدراسية 2007 – 2008 أمس السبت قال بوزيد إنه ابتداء من هذا الموسم ولأول مرة في تاريخ المنظومة التربوية الجزائرية سيكون لزاما على الطلبة المتقدمين لامتحان شهادة البكالوريا (الثانوية) اجتياز مادة العلوم الإسلامية، والتحق حوالي 8 ملايين تلميذ جزائري أمس السبت بمقاعد الدراسة عبر مختلف ولايات القطر الجزائري. وأوضح الوزير أن الهدف من هذا القرار هو تكريس تدريس مادة العلوم الإسلامية وإعطاؤها المكانة الخاصة بها كمادة مهمة في المنظومة التربوية، موضحًا أن وزارته من الآن فصاعدًا ستولي للتربية الإسلامية مكانة "خاصة ومهمة" في جميع أطوار التعليم الثلاثة أي من الابتدائي إلى الثانوي. ولم يفوت وزير التربية الجزائري الفرصة ليؤكد على ما وصفه بحرص السلطات على تدريس التربية الإسلامية من الابتدائي إلى الثانوي وتلقينها للنشء باعتبارها من "أهم مقومات الشعب الجزائري". امتصاص الضغط وتزامن قرار بوزيد الجديد مع دخول قرار آخر وهو إلغاء تخصص (شعبة) الشريعة الإسلامية بمرحلة التعليم الثانوي، حيز التنفيذ من بداية السنة الدراسية الحالية، وهو القرار الذي أثار حفيظة التيار "الوطني والإسلامي"، حيث اعتبرا فيه خطوة تهدف إلى علمنة كافة مناحي الحياة. ورأى مراقبون أن قرار بوزيد الجديد يهدف إلى امتصاص بعض الضغط الذي ما زال يمارسه التيار المحافظ على السلطات لحملها على التراجع عن قرار إلغاء شعبة الشريعة الذي اتخذه رئيس الحكومة السابق أحمد أويحيى عام 2005. وكانت أكثر من 65 شخصية جزائرية من بينها: الشيخ عبد الرحمن شيبان رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، والشيخ عبد الله جاب الله زعيم حزب حركة الإصلاح الوطني، وأبو جرة سلطاني رئيس حركة مجتمع السلم "حمس"، قد وجهوا نداءً للرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في يوليو الماضي لحمله على إعادة تخصص الشريعة الإسلامية كما كان معمولا به قبل عام 2005. ولقيت العريضة التي أصدرتها هذه الشخصيات استجابة واسعة من قبل مختلف شرائح المجتمع الجزائري، حيث وقع عليها الآلاف من الجزائريين بحسب ما تناقلته الصحافة المحلية. تحصين للأجيال ولا يستبعد مراقبون أن يكون لقرار بوزيد بجعل التربية الإسلامية إلزامية بالثانوي علاقة بما يجري على الساحة الجزائرية، وخاصة فيما يتعلق بتواصل موجة العنف التي اشتعل فتيلها منذ يناير 1992. واعتبروا أن السلطات بمثل هذه الخطوات تسعى جاهدة إلى تحصين الأجيال القادمة من الفكر المتطرف الذي وجد له مكانًا في عقول بعض الشباب والمراهقين، كما أظهرته التفجيرات الأخيرة وخاصة اعتداء ميناء دلس شرق العاصمة الجزائرية والذي تورط فيه صبي لا يتجاوز عمره ال15 عاما في مطلع سبتمبر الجاري. وكان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في وقت سابق قد وجه انتقادات لاذعة لأبو بكر بن بوزيد على شاشة التلفزيون الجزائري، محملا إياه مسئولية فشل الإصلاحات التي مست المنظومة التربوية الجزائرية في السنوات الأخيرة.