قضت محكمة تونسية بإبطال قرار لوزير التربية بتعليق وظيفة معلمة بالقطاع العام لارتداءها الحجاب في مكان العمل. ويعتبر البعض القرار القانوني إشارة لاستقلال القضاء التونسي. قالت جمعية "حرية و إنصاف" غير الحكومية في بيان لها صدر يوم الاثنين 8 أكتوبر إن سامية البكري القاضية بالمحكمة الإدارية أصدرت خلال الأسبوع الماضي قرارا يُنصف مُعملة بالتعليم الثانوي تعرضت للإيقاف عن العمل بسبب تمسكها بارتداء الحجاب. واعتبرت القاضية المنشور رقم 102 الصادر سنة 1986 والذي يمنع ارتداء الحجاب قرارا لا دستوريا، ودعت الوزارة إلى إعادتها إلى سالف عملها وتعويضها ماديا ومعنويا، وكانت المُعلمة سعيدة عدالي أوقفت عن العمل بقرار صادر عن وزارة التربية وفقا للمنشور الذي صدر في عهد الرئيس السابق الحبيب بورقيبة الذي سعى إلى حسر امتداد الثورة الإيرانية في تونس والتي تمثلت مظاهرها بارتداء الحجاب التي مازالت السلطات إلى حد هذا اليوم تعتبره زيا طائفيا ودخيلا على المجتمع التونسي . وفي تعليقه على هذا القرار قال عضو مجلس المستشارين النائب سمير عبد الله في تصريح لمغاربية "إن هذا القرار أكد من جديد على استقلالية القضاء في تونس خلافا لما تردده بعض الأصوات التي تشكك في نزاهته" وكان السيد عبد الله يشير إلى القرار الذي اتخذه الأسبوع الماضي الحزب الديمقراطي التقدمي بعدم التعاطي مع القضاء التونسي في نزاعه حول مقر الحزب الذي من أجله دخلت الأمينة العامة للحزب ومدير الصحيفة الناطقة باسمه في إضراب عن الطعام منذ يوم 20 سبتمبر الماضي. وقال المستار "إن قرار المحكمة الإدارية لم يفاجئني في جرأته وشجاعته الأدبية وقضاء المحكمة الإدارية عودنا بمثل هذه الجرأة وألغى في السابق العديد من القرارات الوزارية وبحكم تجربتي كمحام لمست إنصافه للعديد من المتقاضين الذين ذهبوا ضحية لقرارات تعسفية ويؤكد القرار الأخير بأنه لا سلطان على القضاء الا القانون وضمير القاضي". من جهتها قالت السيدة خديجة الشريف رئيسة جمعية النساء الديمقراطيات "إن هذا القرار لن يغير في شيء من موقفنا في مواصلة الحملة ضد ارتداء الخمار في بلدنا" وتابعت بالقول "إننا نؤكد أن معركتنا هي معركة حضارية ورفضنا ومازلنا نرفض مواجهته عبر المناشير والقوانين والعنف بل الإقناع والحوار هو نهجنا". وقرارات المحكمة الإدارية التابعة للوزارة الأولى ملزمة للسلطة التنفيذية وبإمكان المتقاضين تنفيذ الأحكام الصادرة لفائدتهم ضد المؤسسات الحكومية. وفي تعليلها للحكم الذي أصدرته ضد وزارة التربية اعتبرت المحكمة الإدارية أن المنشور 102 "يقوم مقام التدخّل في مجال الحريات الفردية نظرا لما يتميز به اللباس من تعبير عن الانتماء الحضاري والديني والفكري وما يعكسه من ميولات شخصية". كما اعتبرت المحكمة أن المنشور 102 يفتح للإدارة سلطة غير محدودة في تطبيقه مما ينتج عنه تهديد للحريات الأساسية ومنها حرية المعتقد المضمونة دستوريا واستعماله مطية للتضييق عن الحقوق والحريات الفردية.