لقيت العروض العربية المعروضة في الدورة الثالثة عشرة لايام قرطاج المسرحية التي تختتم السبت اقبالا كبيرا من الجمهور والصحافة التونسية التي رأت فيها مواكبة لهموم الانسان العربي ولا سيما قضية العراق. والمسرحيات العربية التي عرضت حتى الان هي "جاي من غادي" و"رهائن" و"خمسون" (تونس) ولغة الامهات (الجزائر) و "حظر تجوال"(العراق). وقد توقفت مسرحية "جاي من غادي" لفرقة مسرح الارض اقدم الفرق التونسية المحترفة التي يديرها نورالدين الورغي منذ 1983 عند محنة العراق وانتقدت بسخرية لاذعة الواقع العربي المرير. وتبدأ احداث المسرحية التي حضرها جمهور غفير ضاق به مكان العرض من اليوم الذي اعدم فيه الرئيس العراقي الراحل صدام حسين وتستعرض القتل والذبح والتعذيب والترويع والاستخفاف بالانسان والتاريخ والحضارة تحت شعار الحرية ونشر ثقافة الديمقراطية. وقدم الممثل جمال المداني الشخصية المحورية في المسرحية دور الانسان المقهور المحتج على وجوده. وهو يروي على مدى 80 دقيقة وصراخه المدوي يملا المكان وجسده مثقل بالالام والاوجاع ما عاشه وما شاهده من بشاعة الحرب في العراق ثائرا على عجزه وصمت الناس وانشغالهم بهمومهم. وقال مدير الفرقة المسرحي نورالدين الورغي للصحافيين "العرض صرخة فنية حزينة وبليغة في وجه آلة الحرب البشعة التي تسد الافق امام الوثبة الممكنة للانسان العربي المجروح والمقهور". ويكشف الورغي في عمله الجديد الصمت واللامبالاة والتواطؤ العربي ازاء ما يحدث مستعملا العديد من الانماط الفنية كالغناء والرقص والتعبير الجسدي. من جهتها انتزعت مسرحية "خمسون" المثيرة للجدل اعجاب الحاضرين لتركيزها على موضوع الارهاب والتعاطي مع الخطاب السلفي. وتبدأ المسرحية التي اثارت جدلا واسعا بمشهد استاذة محجبة تدعى دوجة تفجر نفسها وسط ساحة مدرسة تزامنا مع احتضان تونس لقمة مجتمع المعلومات في تشرين الثاني/نوفمبر 2005. وتشرع الشرطة السياسية في التحقيق في خفايا وملابسات الحادث ويتم توقيف وتعذيب عدد من الشبان المتدينين الذين لهم صلة بالاستاذة من بينهم "امل" المتحدرة من عائلة يسارية. والمسرحية للثنائي فاضل الجعايبي وجليلة بكار التي قدمت العرض على انه "صرخة مدوية في وجه كل شكال التطرف والممنوعات السياسية والاجتماعية والدينية التي طبعت الفرد التونسي طيلة الخمسين سنة الاخيرة". لكن الجعايبي لم يرجع تنامي ظاهرة التطرف الاسلامي الى تقلص الحريات فحسب بل ايضا الى احتلال اراض عربية مثل العراق وفلسطين حيث تقول احدى الممثلات "امل لم تتحول الى متطرفة لو لم يزر شارون الحرم القدسي". والوضع في المنطقة العربية كان ايضا موضوع لمسرحية "لغة الامهات" للمسرح الوطني الجزائري التي استقطبت هي الاخرى جمهورا حاشدا. وتطرح المسرحية بلغة عربية فصحى التباين بين المقاومة والارهاب ودعوة صريحة وواضحة الى السلم ونبذ العنف وحقن الدماء من خلال مواجهة بين ام عربية واخرى اجنبية كلاهما لهما ابن في الاسر. واشادت صحيفة "الصباح" التونسية بالعمل الجزائري ورأت ان النص المسرحي "بليغ مثقل بالابعاد الفلسفية والمعاني الانسانية". وفي مسرحية "رهائن" للمخرج التونسي عزالدين قنون شكل السخط الواضح على احتجاز الابرياء اسقاطا لما تعانيه المجتمعات العربية اليوم من ويلات التطرف والخلط المتعمد احيانا بين الارهاب والمقاومة. واشادت صحيفة "الشروق" بالمسرحية التي "تشكل كل كلمة فيها مجموعة شظايا اذا ما اصابت المتفرج اوجعته". واختار المخرج العراقي مهند هادي ضمن مسرحية "حظر التجوال" الذي حصد العديد من الجوائز في مناسبات سابقة شخصيتين هامشيتين من الشارع العراقي "ليعكس القضايا والمظاهر التي تجتاح الشارع العراقي وتحضه على نبذ العنف". وتشارك في ايام قرطاج المسرحية التي تحتفي هذا العام "بالمسرح المكافح" 47 فرقة من العراق وفلسطين ولبنان وسوريا ومصر وليبيا والجزائر والمغرب والاردن وفرنسا وبلجيكا والبرتغال وايطاليا الى جانب الكونغو والسنغال.