مزج المخرج التونسي نور الدين الورغي معاني مليئة بالحزن والفجيعة والالم ونبرات حزينة بخطاب سخرية واستهزاء في مسرحيته الجديدة "جاي من غادي" ليطلق صيحة فزع في وجه البشاعة والوحشية التي تخلفها الحروب. وبدأت اولى عروض مسرحية "جاي من غادي" هذا الاسبوع بمسرح الفنون بدار عبد الله بحضور عدد من الممثلين التونسيين من بينهم جليلة بكار ونعيمة الجاني. ويشبه نص المسرحية القصيدة فهو مليء بالالام والسخرية والصفعات وتأنيب ضمائر خاملة وهو ايضا محاربة للقبح والظلم والحروب بانواعها. يؤدي دور البطولة في المسرحية جمال الميداني وناجية الورغي ويخرجها نور الدين الورغي من "مسرح الارض" بتونس. وان لم يتفاجأ مشاهدو المسرحية التي تشهد اقبالا واسعا بالنبرة الحزينة والمأساوية التي طبعت الخطاب المسرحي لان جل اعمال "مسرح الارض" يتميز بصور بؤس الواقع الاجتماعي والنفسي للانسان.. فانه لفت انتباهم توظيف تقنية السخرية والكوميديا السوداء في المسرحية. وصورت المسرحية النيران التي اضرمت لتخلف رمادا دافئا دفء خراب مازال قائما على ضفاف دجلة والفرات. نص المسرحية رواح بين التلميح الى الحروب بصفة عامة وبين الاشارة الصريحة الى الويلات التي كان اطفال العراق اول ضحاياها. واعتمد مخرج المسرحية على تقنية بثت الحزن والامل في الان نفسه هي تقنية اداء اغاني منطقة الشمال الغربي التونسي المعبرة بصوت البطلة ناجية الورغي. في مسرحية "جاي من غادي" ينطلق المخرج الورغي من احتلال العراق ووصولا الى شنق الرئيس العراقي السابق صدام حسين بطريقة تراجيدية ليطلق صيحة فزع في وجه بشاعة ووحشية الحروب وايضا في وجه الصمت العربي وخضوعه. وتميزت المسرحية بكثافة الصور البلاغية التي شحن بها المخرج خطابه المسرحي وبالاداء التمثيلي المتقن للبطل جمال المداني.