كشفت أجواء كأس العالم لكرة القدم 2006 عن تباين بين المشجعين داخل الدولة الواحدة حول المنتخب الذي يرفعون رايته وفقا لجذور هؤلاء المشجعين. ويجسد المشجعون من ذوي الجذور العربية بوضوح هذا التباين؛ حيث بدأ الفرنسيون من أصول مغاربية في رفع رايات المنتخب التونسي، وأعلن بعضهم أنه سيواصل تشجعيه حتى لو واجه منتخب فرنسا، البلد الذي يحمل هويته. ويقول الشاب الفرنسي من أصول تونسية عادل الزمني ل"إسلام أون لاين.نت" الأحد 11-6-2006: "أنا فخور بكوني فرنسي الجنسية؛ حيث ولدت في مدينة ليون، وبالرغم من ذلك لن أستطيع إلا تشجيع الفريق التونسي في أي لقاء يجمعه بالفريق الفرنسي". ويوضح أن هذا الموقف لا ينبع من فراغ بل ل"تعلقي بأصولي وبأصول والدي القادمين من شمال تونس؛ الأمر الذي يجعلني أميل إلى تشجيع نسور قرطاج (الفريق التونسي) على حساب الديوك (المنتخب الفرنسي). ويستدرك عادل قائلا: "الآن لي فريقان أشجعهما في كأس العالم، وهما تونسوفرنسا؛ لأنهما لا يلعبان في نفس المجموعة، وأتمنى ألا يلتقيا في أي دور آخر". وانطلقت نهائيات المونديال بألمانيا الجمعة 9-6-2006 وتختتم بعد شهر كامل. ورغم صعوبة المفاضلة بين المنتخبين الفرنسي والتونسي بالنسبة ل"أمينة البلدي" (21 سنة)، فإنها اختارت تشجيع "منتخب بلاد الياسمين" في إشارة للمنتخب التونسي. وقالت أمينة، التي لا تتقن التحدث باللغة العربية وتدرس بجامعة جوسي في باريس: "أنا من مشجعات نادي باري سان جرمان بالعاصمة الفرنسية ومنتخب الديوك، غير أني أجد نفسي أكثر قربا من المنتخب التونسي في حالة إذا ما تقابل المنتخبان". البخور لمؤازرة النسور ويستعد عشرات التونسيين المقيمين بفرنسا للتوجه إلى مدينة ميونيخ الألمانية لحضور أولى لقاءات المنتخب التونسي مع نظيره السعودي يوم الأربعاء المقبل. واتفق المشجعون التونسيون على حمل كل ما يدل على الشخصية التونسية من ورد "ياسمين" وبخور "الجاوي" و"شاشية" تونسية (قبعة) و"جبة" بالنسبة للرجال و"الدربوكة" و"البندير" (أدوات طبل معروفة في تونس). ويصطحب التونسيون "البخور" و"الجاوي" لكي يشعلوها مصاحبة للأهازيج الشعبية التي تشيد بالمنتخب التونسي. وكعادة الجمهور التونسي في المباريات المصيرية زحف المشجعون التونسيون على أنغام الكلمات الصوفية، التي تتبارك بالولي الصوفي "أبي الحسن الشاذلي"، الذي تحتل طريقته "الشاذلية" مكانة متميزة في نفوسهم. ويقول "مختار العبدلي"، أحد منظمي الرحلات لألمانيا، ل"إسلام أون لاين.نت": إن مديح الأولياء الصالحين، واستعمال البخور والجاوي عمل رمزي؛ حيث نتفاءل به لجلب الحظ الجيد لمنتخبنا". وأشار إلى أن 10 آلاف تونسي يستعدون للسفر إلى ألمانيا من فرنسا، التي تضم 500 ألف تونسي، موضحا أن نصفهم تقريبا يحملون الجنسية المزدوجة التونسية والفرنسية، وهي أكبر جالية تونسية خارج الوطن الأم. سياسية الاندماج ويثير ميل الفرنسيين من أصول مهاجرة، وخاصة مغاربية، لبلادهم الأصلية جدلا داخل النخب الفرنسية حول ما يسمونه بفشل سياسة الاندماج. وسبق لفرنسيين من أصول جزائرية أن شجعوا المنتخب الجزائري في مباراة جمعته بالمنتخب الفرنسي يوم 6-1-2001 في إستاد سانت ديني الدولي بشمال باريس. ولم يكتفِ المشجعون بذلك؛ بل أطلقوا الصفير في أثناء إذاعة النشيد الوطني الفرنسي "المارسياز" في بداية المباراة. واعتبرت وسائل الإعلام الفرنسية حينها تصرف الجزائريين أمرا يدعو إلى طرح السؤال حول حقيقة ولاء هؤلاء المشجعين إلى فرنسا.