تشهد منطقة الحوض المنجمي بقفصة (الرديف – أم العرائس - المظيلة) منذ أسابيع أحداثا وتوترات ناتجة أساسا عن حدة الأوضاع الاجتماعية الناجمة عن البطالة وانسداد الافاق وعن ارتفاع ظاهرة الفقر وتدهور المقدرة الشرائية وغياب الحوار الاجتماعي. هي حالة من الحالات الحادة لتمظهر أزمة التشغيل التي مست شرائح متعددة من متساكني منطقة الحوض المنجمي. هذه الأوضاع لم تأت بشكل مباغت بل كل مؤشرات الأوضاع تؤكد حصولها من حين إلى آخر وعلى رأسهم السلطات الجهوية والمركزية المعنية. منذ عشر سنوات والسلطات الجهوية والوطنية والمنظمات تفكر وتدرس وتعقد الندوات من أجل خلق الحلول والبدائل التنموية للجهة ماذا بعد المناجم؟ وكثيرا ما تمت صياغة مخططات وتصورات خلقت آمالا لدى المواطنين من ذلك: - التركيز على قطاع الفلاحة الذي شهد نموا في المعتمديات الغير منجمية في حين بقيت المناطق المعنية (المنجمية) على حالها وأحيانا أسوأ بسبب غياب الحد الأدنى من الإمكانيات الواجب توفرها لدى المواطن. - توسيع المشاريع الفردية بقروض من صندوق 2121 ورغم أن الجهة تأتي في المرتبة الثانية في الجمهورية من حيث نسبة المنتفعين لكن ذلك لم يغير من الأوضاع شيئا بسبب فشل اغلب هذه المشاريع وعدم متابعتها من السلطات المختصة بل كثير منها لم ير النور رغم صرف القروض. ويكفي أن نعرف أن هذه الجهة تأتي في المرتبة الأولى من حيث نسبة عدم استخلاص هذه القروض. - الوعود بتركيز عدد من المصانع ذات القدرة التشغيلية العالية مثل معمل الاسمنت الذي كان من المفروض أن يبدأ في الإنتاج أواخر 2008 لكن لا أثر يؤكد وجوده. - التعويل على حدّ أدنى من الاستثمار المشغل للقطاع الخاص لم نر له وجود فعلي. كل هذه الآمال والوعود تلاشت وخلقت أزمة مصداقية وظلت المنطقة المنجمية هي الأمل الوحيد لتشغيل أبناء الجهة في ظل واقع اجتماعي تميز بنسب بطالة عالية. وتظل شركة فسفاط قفصة المؤسسة المركزية للتشغيل، وكان التصريح بنتائج مناظرة انتداب أعوان لهذه الشركة (رغم قلة هذا العدد مقارنة بعدد طالبيه) السبب الأساسي المباشر لحصول هذه الأحداث وذلك لما يعتقده أبناء الجهة من حيف واضح في توزيع الاستحقاق الوظيفي في ما يسمى بالحصة النقابية (وهي نسبة 20% من المشغلين) وما صاحبها من تصرّف فيها حسب مقاييس عائلية ومادية لم تراع أي أبعاد اجتماعية إنسانية. فكانت الاحتجاجات ولا تزال. وللعلم أن شركة فسفاط قفصة توقفت عن التشغيل منذ سنوات ولم تعمد إلى تعويض المتقاعدين منها على عكس ما كان معمولا به قبل ذلك حيث أن هذه الشركة كانت في كل سنة تشغّل نسبة محترمة من الشباب لتعويض هؤلاء. وهي حالة تعود عليها أبناء الجهة لكنها توقفت منذ سنوات. أمام هذا الوضع، كيف كانت ردود الفعل؟ لقد ظلت السلطة الجهوية السياسية والإدارية شبه غائبة في حين عبّرت النقابات الأساسية عن انشغالها العميق وطالبت بتوفير الفرص لأكثر عدد من "البطالين" من اجل تشغيلهم. ولعل أبرز المواقف وأعمقها عبّر عنها عدد من ممثلي الأحزاب في جهة قفصة ومنهم ممثلي الاتحاد الديمقراطي الوحدوي في بيان أصدروه منذ بداية الأحداث عن انشغال عميق بالأوضاع المعيشية وحالة البطالة التي تعاني منها المنطقة المنجمية الناتجة أساسا عن انسداد الأفاق وعن ارتفاع ظاهرة الفقر وتدهور المقدرة الشرائية وتفشّي ظاهرة الرشوة والمحسوبية التي صاحبت نتائج هذه المناظرة. وأكدوا في هذا البيان عن عجز السياسة التنموية في الجهة عن تحقيق الأهداف الاجتماعية نتيجة محدودية الاستثمار وغياب المشاريع الإستراتيجية القادرة على إحداث تحولات في البنى الاقتصادية بالجهة وتخلي شركة فسفاط قفصة عن دورها التنموي رغم ما تمثله هذه الثروة من أهمية اقتصادية. وأمام خطورة الأوضاع التي تعيشها منطقة الحوض المنجمي بقفصة فان ممثلي هذه الأحزاب السياسية يرون بضرورة. - تشريك مؤسسات المجتمع المدني من أحزاب ومنظمات في التعاطي مع الشأن الجهوي سياسيا واقتصاديا واجتماعيا. - إعادة النظر في آليات الانتداب بشركة فسفاط قفصة على قاعدة الشفافية والتصدي لظاهرة المحسوبية والرشوة والتوازن بين البعد الاجتماعي وحاجيات الشركة. - مزيد التشجيع على انتصاب الخاص خاصة في قطاع الفلاحة وذلك بتوفير الإمكانيات المادية فعليا للباعثين الشبان وحاملي الشهائد العليا. - دعم إمكانيات التشغيل العرضي بإمكانيات مادية مضافة. - تحمل السلطة لمسؤولياتها كاملة في مباشرة الانتدابات للتشغيل بعيدا عن منطق المحاصصة القبلية أو العائلية أو السياسية.