دعمت تونس في الفترة الأخيرة علاقاتها الخارجية الاقتصادية في سياق اتباع سياسة دبلوماسية نشطة تقود على تنويع الشراكات وتوطيد التعاون مع الشركاء التقليديين. وكان رئيس الجمهورية قد قام بزيارة دولة للصين لمدة خمسة أيام في الفترة من 28 ماي إلى 1 جوان 2024، بدعوة من الرئيس الصيني شي جين بينغ. وسمحت هذه الزيارة، التي تزامنت مع الذكرى الستين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين تونسوالصين، للزعيمين بتعزيز تعاونهما الثنائي. وتبلغ حسب معطيات المعهد الوطني للإحصاء مبادلات الصّين التّجارية مع تونس نحو 8.5 مليار دينار سنويا، وذلك في سياق وجود إمكانيات كبيرة لتطوير هذه الشّراكة بالرّغم من التّحديات المتعلّقة بالبعد الجغرافي وتكاليف الشّحن. كما توجد أيضا إمكانيات كبيرة لدعم الاستثمار ونقل التكنولوجيا بين البلدين، مما من شأنه أن يطوّر الاستثمارات الصّينية في تونس خاصة وانّ البلاد منتمية لمنطقة التّجارة الحرّة القارية الإفريقية التي تدعمها الصّين وهي تسعي لخلق سوق كبيرة تحتوي أكثر من مليار مستهلك. دعم متواصل للتعاون الثنائي في هذا الصدد، مثّل التعاون الاقتصادي التونسيالصيني محور اللقاء الذي جمع الاثنين 6 جانفي 2025، وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة فاطمة الثابت شيبوب و"Zheng YouYe" نائب رئيس مؤسسة "Asia Potash" ، وذلك بحضور ثلة من الإطارات العليا للوزارة. وأكد الجانبان على متانة العلاقات الثنائية التي تجمع البلدين منذ عقود وعبرا عن رغبتهما في مزيد تعزيزها في الفترة القادمة خاصة في ظل الفرص الاستثمارية المتاحة بما يساهم في خدمة مصالح البلدين. ومن جانبه، عبر "Zheng YouYe" عن رغبة مؤسسته في الاستثمار في قطاع المناجم في تونس وشمال افريقيا والذي من شأنه أن يساهم في مزيد تطوير هذا القطاع واحداث فرص عمل جديدة لما توفره بلادنا من يد عاملة مختصة في هذا المجال. وتعد مؤسسة " Asia Potash " الصينية مؤسسة متخصصة في تعدين البوتاسيوم وتطوير الزراعة الحديثة كما تعمل حاليا على تطوير صناعة الفسفاط . نحو تكامل مالي وفني خدمة للتنمية في نفس السياق ولمزيد دعم العلاقات الثنائية، التقى الأسبوع الفارط وزير الاقتصاد والتخطيط سمير عبد الحفيظ بسفير جمهورية الصين الشعبية بتونس "وان لي"، حيث أعرب الوزير بالمناسبة عن ارتياحه لما يشهده التعاون الثنائي من تطور وديناميكية خلال الفترة الأخيرة خاصة بعد الزيارة الرسمية التي أداها رئيس الجمهورية إلى الصين في شهر ماى 2024، إلى جانب تواتر اللقاءات في أعلى مستوى سواء في الاطر الثنائية او متعددة الأطراف. ونوه الوزير في هذا الصدد بالتعاون المالي والفني القائم لدعم المجهود التنموي في البلاد، مستعرضا الآفاق والفرص المتاحة لمزيد تعزيزه في المرحلة القادمة خاصة في المجالات ذات الأولوية الوطنية كالبنية التحتية والصحة والنقل وغيره، هذا بالإضافة إلى الفرص المتوفرة لتعزيز الاستثمار الخاص الصيني في تونس بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين. من جانبه أكد "وان لي" على متانة العلاقات الثنائية في مختلف المجالات وعلى حرص الحكومة الصينية لمزيد توطيدها واثراءها والاستعداد لمواصلة دعم تونس في مسارها التنموي، مشددا على توفر آفاق واعدة وفرص حقيقية للارتقاء بالعلاقات الاقتصادية إلى مستويات أفضل. يذكر في ذات السياق، ان تونس كانت قد عرضت مؤخرا على وفد من صندوق التنمية الصيني الإفريقي زار البلاد عددا من المشاريع لا سيما في قطاع النقل والطرقات. وتخص المشاريع تطوير منظومة النقل العمومي الجماعي سواء منها الحضري أو بين المدن، مع إعطاء الأولوية للنقل الحديدي، خاصة إحداث الرواق الحديدي السريع بالتوازي مع تعزيز أسطول النقل البري من حافلات ومترو وقطارات بالإضافة إلى تعصير البنية التحتية ذات الصلة بمجالات النقل البحري والموانئ والمطارات على غرار مشروع تأهيل مطار تونسقرطاج الدولي وتوسعته وإحكام ربطه بالسكة الحديدية. ويعتبر صندوق التنمية الصيني الأفريقي، صندوق استثمار في الأسهم يديره بنك التنمية الصيني، قد استثمر حسب آخر البيانات المحينة أكثر من 5 مليارات دولار أمريكي في الدول الأفريقية. وتغطي الاستثمارات، البنية التحتية والزراعة وسبل عيش الناس والتعاون في القدرة الإنتاجية والمجمعات الصناعية وغيرها من المجالات، حيث ساعدت في تعزيز الاقتصادات المحلية والتوظيف وعائدات الضرائب في أفريقيا.