في كل عام، مع بداية شهر جوان، يحتبس ملايين الشباب الصينيين أنفاسهم. امتحان "غاوكاو"، الاختبار الوطني للالتحاق بالجامعة، ينطلق في مختلف أنحاء البلاد. واليوم، 7 جوان 2025، يتنافس أكثر من 13,3 مليون مترشح في هذا الامتحان الذي يُعدّ من أصعب الاختبارات في العالم. يتجاوز "غاوكاو" كونه مجرد امتحان، إذ يُعتبر طقس عبور، وتذكرة نحو حياة أفضل، لكنه أيضًا مصدر ضغط هائل على كاهل المراهقين الصينيين. امتحان حاسم في نظام صارم قائم على الاستحقاق "غاوكاو" (高考)، ويعني حرفيًا "امتحان الالتحاق بالتعليم العالي"، هو مناظرة وطنية تحدد القبول في الجامعات الصينية. يُجرى على مدى يومين أو ثلاثة، ويشمل اختبارات إجبارية في اللغة الصينية والرياضيات والإنجليزية، إلى جانب مواد متخصصة بحسب الشعبة (علمية أو أدبية). العلامة النهائية، التي تكون من 750 أو 900 نقطة حسب المقاطعة، لا تحدد فقط القبول الجامعي، بل أيضًا جودة المؤسسة التي يحقّ للمترشح الالتحاق بها. فدرجة مرتفعة قد تفتح أبواب جامعات مرموقة مثل "تسينغهوا" أو "بكين"، وهما رمزان للنجاح المهني والمكانة الاجتماعية. البرنامج العام لامتحان غاوكاو 2025 7 جوان 09:00 – 11:30 : اللغة الصينية (语文) 15:00 – 17:00 : الرياضيات (数学) 8 جوان 09:00 – 11:30 : العلوم الاجتماعية (文科综合) أو العلوم الطبيعية (理科综合) بحسب الشعبة 15:00 – 17:00 : اللغة الأجنبية (外语)، وعادةً ما تكون الإنجليزية 9 جوان 08:00 – 09:30 : الفيزياء أو التاريخ 11:00 – 12:30 : السياسة أو البيولوجيا 15:30 – 17:00 : الكيمياء أو الجغرافيا 10 جوان 08:00 – 09:30 : التاريخ أو الفيزياء (حسب اختيار المترشح) 11:00 – 12:30 : البيولوجيا أو السياسة 15:30 – 17:00 : الجغرافيا أو الكيمياء ملاحظة: مواد يومي 9 و10 جوان تندرج ضمن اختبارات التخصص التي يختارها التلميذ وفقًا لتوجهه الأكاديمي. لماذا يُعدّ امتحان "غاوكاو" مرهقًا لهذه الدرجة؟ * منافسة شرسة: مع وجود أكثر من 13 مليون مترشح وعدد محدود من المقاعد في الجامعات النخبوية، يصبح لكل نقطة وزن كبير. أقل هفوة قد تقلب مصيرًا كاملًا. * ضغط عائلي رهيب: بالنسبة للعديد من العائلات، خصوصًا في المناطق الريفية، يُمثل غاوكاو الفرصة الوحيدة للترقي الاجتماعي. بعض الأولياء يتركون وظائفهم لمرافقة أبنائهم خلال هذه الفترة. * عزلة نفسية: يقضي المترشحون غالبًا أكثر من 12 ساعة يوميًا في المراجعة، منقطعين عن أي نشاط اجتماعي لأشهر طويلة. بعض الداخليات تمنع استعمال الهاتف خلال السنة الأخيرة. * تعبئة وطنية: خلال أيام الامتحان، تُمنع المنبهات في الشوارع، وتتوقف الأشغال في مواقع البناء، وتُجنّد الشرطة لمرافقة التلاميذ المتأخرين. البلد بأكمله يعيش على إيقاع "غاوكاو". و ماذا لو فشل المترشح؟ على عكس ما قد يُعتقد، فإن الفشل في "غاوكاو" لا يُعدّ نهاية المطاف، لكنّه يُقلّص بشدة من الخيارات: * يمكن للمترشح إعادة الامتحان عدد المرات التي يشاء، لكنه يحتاج إلى سنة إضافية من الدراسة، غالبًا ما تكون مكلفة، وفي مؤسسات خاصة متخصصة. * بعض الطلبة يلتحقون بجامعات خاصة أو تقنية، غالبًا ما تكون أقل تصنيفًا وأكثر كلفة. * آخرون يغامرون بالدراسة في الخارج، بشرط توفر الموارد والكفاءات اللغوية. * وكثيرون، للأسف، يتخلون عن طموحاتهم الجامعية ويدخلون سوق العمل دون شهادة، في وظائف بسيطة وبدون آفاق حقيقية. مقارنة مع الباكالوريا التونسية الجانب غاوكاو (الصين) الباك التونسي الهدف دخول الجامعة حسب الترتيب الوطني نهاية المرحلة الثانوية + دخول الجامعة مدة الامتحان 2 إلى 3 أيام مكثفة حوالي 6 أيام + دورة تدارك المواد الرئيسية صيني، رياضيات، إنجليزي، تخصصات عربي، فرنسي، رياضيات، فلسفة، تخصصات مستوى الضغط مرتفع جدًا بتبعات وطنية مرتفع، لكنه أكثر تنظيمًا نسبة القبول انتقائية شديدة أقل تنافسية مع بدائل متوفرة الخيارات في حال الفشل إعادة غير محدودة لكن مكلفة دورة تدارك + تكوين مهني أو خاص رغم محورية الباكالوريا التونسية في المسار الدراسي، فإنها توفر هامشًا من المرونة: دورة تدارك، تكوين مهني، جامعات خاصة أو خارجية. أما في الصين، فإن الفشل في "غاوكاو" قد يعني نهاية الطريق نحو التعليم العالي العمومي. آلة فرز لا تخلو من الانتقادات في مجتمع يُقدّس التعليم، يُنظر إلى "غاوكاو" على أنه ركيزة من ركائز الاستحقاق. لكنه يُنتقد بشدة لكونه نخبويًا، صارمًا، وله آثار نفسية مدمّرة. منظمات غير حكومية دقّت ناقوس الخطر بشأن القلق، والاكتئاب، والعزلة الاجتماعية التي تصيب الشباب المترشحين. وقد بدأت الصين تدريجيًا في استكشاف معايير أخرى للقبول الجامعي، دون أن تتخلّى فعليًا عن "غاوكاو". وهكذا، في حين تُعدّ الباكالوريا في تونس نهاية مرحلة، فإن "غاوكاو" إما منصة انطلاق أو سيف قاطع، يتوقف عليه غالبًا مستقبل كامل لشاب صيني. وراء الأرقام المبهرة تختبئ مصائر معلّقة على بضع ساعات من الامتحان، وضغط تعليمي لا يكاد يُضاهيه نظام آخر. في عالم تتنوّع فيه المسارات، يبقى النموذج الصيني مثالًا صارخًا على الانتقاء القائم على الصمود والأداء. للتأمل… لكل من يعتقد أن "الباكالوريا صعبة".