أعلن رئيس الوزراء السنغالي عثمان سونكو، الجمعة في داكار، عن خطة استراتيجية للإصلاح الاقتصادي والاجتماعي تمتد من عام 2025 إلى عام 2028. و يتمثل الهدف الرئيسي المعلن في استعادة الاستقرار الاقتصادي الكلي للبلاد دون زيادة الاعتماد على المديونية الخارجية، مع تحفيز النمو بالاعتماد على الموارد الداخلية للسينغال. و تبلغ القيمة التقديرية لهذه الخطة 4.6 تريليون فرنك إفريقي (حوالي 8.16 مليار دولار)، وسيعتمد تنفيذها بنسبة 90% على التمويل المحلي، حسب تصريحات رئيس الحكومة، الذي حذّر من التراكم المفرط للديون الموروثة عن النظام السابق. و اتهم عثمان سونكو الحكومات السابقة بممارسات التعتيم أو التلاعب بأرقام الدين العام، الأمر الذي تسبب في تعليق أو مراجعة العديد من البرامج التي يدعمها صندوق النقد الدولي. هدف واضح : تقليص العجز و تركيز الأولويات من بين الأهداف الرئيسية للخطة تقليص عجز الميزانية، لينخفض من حوالي 12% من الناتج المحلي الإجمالي حالياً إلى 3% بحلول عام 2027. و تقوم هذه الاستراتيجية على ركيزتين أساسيتين : * تعبئة الموارد المحلية، خاصة من خلال تحسين التحصيل الضريبي و عقود المناجم و النفط. * تقليص الإنفاق العام، عبر اعتماد إجراءات تقشفية مدروسة و موجهة. و من أبرز القرارات التي تم الإعلان عنها في هذا الإطار : * رفع الضريبة على منتجات التبغ إلى 100% بدلاً من 70% التي كانت مقررة في البداية. * دمج بعض المؤسسات العمومية، وهي خطوة يُتوقّع أن تحقق وفورات تُقدر ب50 مليار فرنك إفريقي. * إعادة التفاوض بشأن العقود النفطية والمنجمية، ما قد يُحقق عائدات تصل إلى 880 مليار فرنك إفريقي. * تجديد تراخيص شركات الاتصالات، الأمر الذي من شأنه توفير إيرادات إضافية تُقدر بحوالي 200 مليار فرنك إفريقي. عهد جديد مع الغاز و النفط و منذ نهاية عام 2024، دخلت السينغال رسمياً نادي البلدان الإفريقية المنتجة للغاز الطبيعي المسال، بالتعاون مع موريتانيا. و سجلت البلاد أولى شحناتها التصديرية في الربع الأول من عام 2025. و تسعى الحكومة إلى تعظيم الفوائد الاقتصادية لهذا المورد الاستراتيجي الجديد، مع الحفاظ على سيادتها الكاملة على هذه الموارد. أما فيما يتعلق ببرامج المساعدات الاجتماعية الموجهة للأسر المحتاجة، والتي تمثل قرابة 4% من الناتج المحلي الإجمالي، فقد أعلن عثمان سونكو عن إصلاح جذري لها، بهدف القضاء على آثار التوزيع العشوائي، و الحد من حالات التلاعب، وضمان وصول المساعدات فعلياً إلى الفئات الأكثر احتياجاً. تغيير جذري في النهج الاقتصادي تمثل هذه الخطة نقطة تحول جذرية معلنة مقارنةً بالسياسات الاقتصادية السابقة، التي لطالما تعرضت للانتقاد بسبب اعتمادها المفرط على المساعدات الدولية و غياب الانضباط في إدارة الأموال العامة. و شدّد رئيس الوزراء على عزم الحكومة الجديدة استعادة ثقة المانحين، مع تعزيز السيادة الاقتصادية للبلاد في آن واحد. و في ظل أوضاع إقليمية متوترة تتسم بزيادة عدم الاستقرار في عدد من دول غرب إفريقيا، يعتزم السنغال رسم طريق مستقل، يرتكز على الشفافية و المسؤولية المالية والاستغلال الاستراتيجي لموارده الطبيعية. تعليقات