غير بعيد عن عن فسقية الأغالبة يوجد مقام الصحابي أبي زمعة البلوي الذي يبرز القدرة على الاستيعاب والاحتواء التي تميز الشخصية المقدسة الأكثر زيارةً من قبل التونسيين في المولد النبوي الشريف وغيره من المناسبات الدينية في القيروان حيث تعقد فيه الزيجات و يختن الصبية وإليه تهدى أول زربيةٍ تنسجها الفتاة القيروانية. اقيمت هذه الزاوية تخليداً لذكرى الصحابي أبي زمعة عبيد بن أرقم البلوي 34 هجري / 654 ميلادي خلال الفتوحات الإسلامية على إثر معركةٍ ضد الجيوش البيزنطية. وقد دفن جثمانه في موضع القيروان قبل تأسيسها. ويذكر أن هذا الصحابي الجليل يحمل معه شعرات من الرسول صلى الله عليه وسلم، في القرن 9 /15 ميلادي. وكان الضريح يتكون من قبة بسيطة يحيط بها من جهاتها الأربع فضاء مكشوف مسور بجدار. وقد قام حمودة باشا المرادي بتشييد المدرسة الملاصقة للضريح (1633 ميلادي) ليعيد محمد بن مراد باي (1092 ميلادي) فيما بعد بناء الضريح فيما بعد بناء وقبته من جديد بالكامل. تأثيرات تركية و بيزنطية و أندلسية تختلط بالموروث المحلي الذي خلفته المدرسة المعمارية القيروانية يتكون ضريح أبي زمعة البلوي بالقيروان من العناصر التالية: * المخزن: كان مخصص لحفظ المواد والمنتجات المتأتية من الهبات و الأحباس. * العلوي: كان في البداية مقر إقامة "باي المحلة" المكلف بجباية الضرائب ثمة أصبح في مرحلة ثانية مقراً لعلية القوم وأعيان المدينة. * المدرسة: بها مدخل منكسر يفضي إلى صحن مكشوف تتقدمه أروقة من جهاته الأربع في الشمالية والجنوبية منها تمتد غرف كانت مخصصة لإقامة الطلبة و الجهة الغربية منها تمتد بيت صلاة ذات امتداد طولي تتكون من بلاطين، في محور جدارها القبلي محراب. في الركن الشمالي للمدرسة توجد مئذنة ذات طابع أندلسي مزخرفة بشرفات مسننة والتي تذكرنا بمئذنتي جامع تلمسان الكبير بالجزائر وجامع القصبة بتونس. * الضريح: مدخل الضريح معقود تؤطره ألواح رخامية باللونين الأبيض والأحمر به باب يقضي إلى بهو يفضي إلى صحن فسيح مكشوف، وتمتد غرفة الضريح إلى الجهة الغربية للصحن. ويتميز مقام ابي زمعة البلوي بالقيروان بانسجام كبير بين مختلف مكوناته المعمارية، وهو يعكس التأثيرات الجديدة على العمارة التونسية: التركية من ناحية والمنطبعة بمسحة بيزنطية و الأندلسية من ناحية ثانية ، وتختلط هذه التأثيرات بالموروث المحلي الذي خلفته المدرسة المعمارية القيروانية. تعليقات