- (- تحرير منيرة الرابعي) - " يا صاحب الجاه يا سيد ..يا صاحب رسول الله يا سيد ".. ما ان تطا قدم زائر مقام ابي زمعة البلوي حتى تعترضه حلقات الذكر وفرق الانشاد الصوفي وهي تردد هذه الاغنية التي تعد جزء من وجدان ابناء عاصمة الاغالبة وتزهو بها خلال هذه الفترة من الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف. ففي مدينة القيروان، رابع المدن المقدسة، وتحديدا في مقام ابي زمعة البلوي، سادت حركة غير عادية منذ الخميس المنقضي، وعمت في اركانه اجواء روحانية تعبق برائحة البخور العطرة وتتصاعد معها في كل مرة زغاريد النسوة من هنا وهناك تجاوبا مع اغنية "يا صاحب الجاه" المعروفة لصاحبها ابن القيروان المرحوم الشيخ عبد المجيد بن سعد والتي تتغنى بأبي زمعة البلوي او سيدي "الصحبي" وبعض اولياء الله الصالحين مثل سيدي الدهماني والسيدة منوبية وغيرهما. ولا يمكن لزائر المدينة التمتع بعظمة المعالم التاريخية بعاصمة الاغالبة دون المرور بمقام الصحابي الجليل. ورغم وجود أكثر من 50 مقاما لاولياء الله الصالحين بولاية القيروان الا ان مقام ابي زمعة البلوي ظل عبر التاريخ ابرزهم، يتبرك التونسيون عموما ومنهم اهل القيروان بتلاوة الفاتحة بضريحه. وبحسب المصادر التاريخية فان الصحابي ابو زمعة البلوي، دخل الى تونس (افريقية) سنة 34 للهجرة فاتحا في جيش معاوية ابن حديج في عهد خلافة عثمان ابن عفان و استشهد في واقعة ضد البيزنطيين في عين جلولة التي تبعد نحو 30 كلم على مدينة القيروان . كما ذكرت تلك المصادر انه كان يحتفظ بثلاث شعرات من لحية الرسول ، واوصى بان تدفن معه بعد وفاته. ويعد مقام "سيدي الصحبي" بصومعته المطلة على ساحة شاسعة ونقوشه المتنوعة وجليزه المزخرف البديع انموذجا لانصهار الهندسة المعمارية الاندلسية والعثمانية. ويشتمل المعلم على الضريح الذي يضم رفات الصحابي الجليل وغرفا مجاورة له مخصصة لاستقبال الضيوف والمئذنة وغرفة الصلاة ومكان الوضوء ويتم الدخول إلى المعلم عبر بهو كبير مربع الشكل او كما يسمى "الصحن" وتحيط به من ثلاث جهات أروقة تضم دعائم رخامية دائرية الشكل. لم تهدا الحركة بالساحة الداخلية لمقام الصحابي منذ ايام ففيها انتصبت خيمة ضخمة تسودها أجواء روحانية، وتقام فيها الصلاة، ويرتل فيها القرآن ويتلى الحديث النبوي، كما تبارت مختلف الفرق الدينية في إنشاد مدحيات واذكار في افضل ما قيل في صفات الرسول ستتوج بجوائز في المسابقة التي سيتم يوم المولد النبوي الشريف الاعلان عن نتائجها. و شهد المقام زيارة وفود جاءت من مختلف مناطق البلاد منها من جاء لمشاركة اهالي القيروان الاحتفال بمولد النبي او من اجل السياحة والتمتع بجمال المعمار و المكان، ومنها من اغتنم الفرصة للتبرك والدعاء بضريح الصحابي . ومن بين العادات التي شهدها المقام خلال ايام المولد ختان الاطفال، حيث اقيمت الافراح تبركا بهذه المناسبة في اجواء علت فيها الزغاريد وتصاعدت منها رائحة البخور. واكد لنا محمد وهو اصيل ولاية القيروان ،انه قام بختان ابنه بمقام الصحابي نزولا عند رغبة والدته التي اصرت على ختان حفيدها بالمقام تبركا به. ومن جانبه، أكد القائم بمقام ابي زمعة البلوي، زهير الحداد، في تصريح لمراسلة (وات) بالجهة ان الاحتفالات بالمولد النبوي الشريف لها طعم مختلف بعاصمة الاغالبة، إذ تشهد المدينة توافد شرائح عمرية مختلفة ومن كل الطبقات الإجتماعية سواء من القيروان أو من خارجها، بالاضافة إلى ضيوف من كل البلدان الإسلامية، و حتى من السياح الاوروبيين الذين جاؤوا لمشاهدة المكان و إكتشاف المعمار.