يوافق اليوم الاثنين 8 سبتمبر 2025 مرور أحد عشر عامًا على اختفاء الصحفي التونسي سفيان الشورابي والمصور الصحفي نذير القطاري في ليبيا، في قضية لا تزال حتى اليوم يلفها الغموض، رغم الجهود التي بذلتها السلطات التونسية وعائلتاهما وعدة منظمات حقوقية ومهنية من أجل كشف الحقيقة. بداية القصة تعود واقعة الاختفاء إلى يوم 8 سبتمبر 2014، حين توجّه الصحفيان إلى مدينة أجدابيا شرق ليبيا في مهمة صحفية لفائدة قناة خاصة (فيرست تي في)، قبل أن تنقطع أخبارهما تمامًا. على مر السنوات، تعددت الروايات بين من أعلن مقتلهما على يد تنظيم "داعش" الإرهابي، ومن ادعى وجودهما في أحد السجون الليبية، لكن دون أي دليل قاطع أو تأكيد رسمي. عائلات بين الألم والانتظار تعيش عائلتا الصحفيين منذ ذلك التاريخ على وقع الألم والانتظار. وقالت سنية رجب القطاري، والدة المصور نذير، في تصريح لوكالة تونس إفريقيا للأنباء (وات)، إنها تشعر بأن القضية "أُهملت" ولم تحظَ بالاهتمام الكافي، رغم أنها تمسّ كرامة المهنة الصحفية وحق العائلات في معرفة الحقيقة. وأضافت أنها رفعت، في جويلية الماضي، مطلبًا لوزارة الخارجية من أجل تكليف محام بمتابعة الملف في ليبيا، خصوصًا بعد إعادة فتح القنصلية التونسية في بنغازي في ماي 2025، معتبرة أن ذلك من شأنه تسهيل البحث والتواصل مع السلطات الليبية. كما أشارت إلى أنها التقت مؤخرًا بمسؤول في رئاسة الحكومة وعدها بمتابعة الموضوع، إلى جانب شخصية تونسية مدنية لها صلات بليبيا تعهّدت بمواصلة التحرّي. ورغم هذا بصيص الأمل، عبّرت عن استيائها من موقف النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين (SNJT)، معتبرة أنه دون المأمول. موقف النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين أكد رئيس الSNJT، زياد دبّار، أن النقابة تجدّد مطالبتها بكشف الحقيقة في هذا الملف، داعيًا السلطات التونسية والليبية إلى مضاعفة الجهود لفك "لغز الاختفاء". وأقرّ دبّار بعدم وجود أي تقدم ملموس رغم محاولات النقابة المتكررة. وكانت النقابة قد أصدرت العام الماضي بيانًا بمناسبة الذكرى العاشرة لاختفائهما، أعلنت فيه أنها ستلجأ إلى كل الآليات القانونية والدبلوماسية المتاحة. كما جددت دعوتها لرئيس الجمهورية إلى تفعيل قرار إعلان يوم 8 سبتمبر "يومًا وطنيًا لحماية الصحفيين"، وهو مقترح تمت الموافقة عليه مبدئيًا منذ 2015 دون تنفيذ فعلي. تدويل الملف من جانبه، أوضح المحامي سمير بن رجب، عضو هيئة الدفاع، أن ملف الصحفيين مطروح اليوم على مكتب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، في إطار مجموعة من القضايا المرتبطة بليبيا، مشيرًا إلى أن الإجراءات تأخذ وقتًا. وكان قد أعلن في ماي 2018 عن تدويل القضية رسميًا عبر تقديم عريضة إلى محكمة لاهاي. كما تقدمت النائب البرلمانية فاطمة المسدّي في جويلية 2025 بسؤال كتابي إلى رئاسة الحكومة حول الملف، مؤكدة أن الإشكاليات تكمن في غياب تحديد المسؤوليات السياسية والإدارية، وعدم وضوح الموقف الرسمي التونسي، إضافة إلى ضعف التعاون الليبي وعدم إشراك العائلتين بصفة منتظمة. آخر التحركات الرسمية تعود آخر خطوة عملية معلنة للدولة التونسية إلى فيفري 2019، عندما أوفدت فريقًا فنيًا إلى بنغازي لرفع عينات جينية من جثتين يُعتقد أنهما للصحفيين، لكن التحاليل أثبتت العكس. وفي مارس 2021، صرّح رئيس الجمهورية قيس سعيّد، خلال زيارته إلى ليبيا، بأن البحث عن الصحفيين متواصل تحت إشراف النيابة العامة الليبية. بعد أحد عشر عامًا، ما يزال مصير سفيان الشورابي ونذير القطاري مجهولًا، لكن الأمل لم ينقطع في أن تنجلي الحقيقة ويُكشف الغموض الذي طال أمده. تعليقات