اهتز المسرح البلدي بتونس، يوم السبت 20 سبتمبر، على أنغام حدث موسيقي استثنائي: الحفل الموسيقي بعنوان «حلم موهوبة شابة»، الذي قدمته كاميليا مزاح، عازفة البيانو الشابة وأصغر قائد أوركسترا تونسية حتى الآن. وعند عمر لا يتجاوز 17 عاماً، استطاعت الموسيقية أن تأسر الجمهور بموهبتها، وإتقانها التقني، ونضجها الفني المذهل. أمسية استثنائية بنكهة التتويج بعد مسيرة طويلة من التدريب في تونس وفرنسا، خطت كاميليا مزاح خطوة جديدة في مسيرتها الفنية من خلال هذا الأداء الثلاثي: كعازفة بيانو منفردة، وكعازفة بيانو مصاحبة، وقائدة أوركسترا. أمام جمهور كبير ومتحمس، افتتحت الأمسية بعزف منفرد على البيانو، مقدمّة برنامجاً موسيقياً صعباً يمزج بين باخ، وشوبان، وشوبيرت، وراخمانينوف، أدته بدقة وحساسية عالية. ثم في الجزء الثاني، تعاونت مع الأوركسترا الفيلهارمونية «لي سولست» وجوقة «لي سولست»، مقدمة أداءً موسيقياً ذو شدة نادرة على أعمال موزارت وعمر خيرت. وفي اللحظة الأبرز من الأمسية، تولّت الموهوبة الشابة قيادة الأوركسترا والجوقة بعصا القيادة. وقد شكّل هذا التمرير الرمزي للقيادة مع مرشدها أشرف بتيبي، مؤسس جمعية «لي سولست»، حدثاً استثنائياً استقبلته القاعة بتصفيق حار. تكوين متميز في خدمة الشغف ينبع مسار كاميليا مزاح من عمل دؤوب وتدريب كلاسيكي صارم، ويتماشى مع رؤية جمعية «لي سولست» التي تأسست عام 2017 لتكوين الموسيقيين الشباب في تونس. وتحت إشراف أساتذتها وبدعم عائلتها، وخصوصاً والدتها الحاضرة في كل مرحلة من مسيرتها، تمكنت القائدة الشابة من الجمع بين الانضباط والحساسية والإبداع. كما أضفى زيها المسرحي من توقيع سونيا بن خليل وحضورها على المسرح بعداً جمالياً إضافياً على هذه اللحظة الفنية الرائعة في إطار المسرح البلدي المرموق. تحية دبلوماسية لموهبة وطنية تجاوزت إشراقة هذا النجاح حدود المسرح، حيث حرص سفير فنزويلابتونس، سعادة رينالدو خوسيه بوليفار، على استقبال كاميليا مزاح وأشرف بتيبي لتقديم التهاني الرسمية لهما. ويأتي هذا التكريم الدبلوماسي تقديراً للشباب الثقافي التونسي، مؤكداً أهمية الإشعاع الفني والتعاون الثقافي بين الدول. مستقبل واعد لفنانة ناضجة مبكراً وسط تردّد أصداء سيمفونيات مثل «زهرة المدن»، «غابت شمس الحق»، «أو سولي ميو» و«أو فورتونا»، كشفت الأمسية عن فنانة متكاملة، قادرة على الجمع بين القوة والانضباط والعاطفة. وتفرض كاميليا مزاح نفسها اليوم كواحدة من أبرز الشخصيات الصاعدة في الموسيقى الكلاسيكية في تونس، جامعًة بين البراعة في البيانو والكاريزما في عصا القيادة. وتؤكد موهبتها، التي حظيت بإشادة النقاد والجمهور، أن مستقبل المشهد الموسيقي التونسي يُكتب أيضاً بالمرأة. تعليقات