هدأ إيلون ماسك قليلًا في حملات التضليل الواسعة على شبكته الاجتماعية X (تويتر سابقًا). بل قدّم ما يشبه الاعتذار حين كشف هوية «جيوش الظل» التي تُروّج لسموم الافتراء و الأخبار الزائفة. غير أنّ ماسك لم يتراجع يومًا عن تصريحاته المضلّلة حول الانتهاكات المزعومة ضد البيض في جنوب إفريقيا. فالملياردير اختفى عن الأنظار منذ أن فنّد الرئيس سيريل رامافوزا تلك الادعاءات داخل المكتب البيضاوي في البيت الأبيض، لكن نظيره الأمريكي دونالد ترامب لا يزال متمسكًا بها. صحيح أن هذا الموقف يخدم السياسة المناهضة للهجرة التي يتبناها الجمهوري، لكن النتيجة أنّ هذه القضية تسمّم العلاقات بين واشنطنوبريتوريا، بل إنها تهدّد أسس مجموعة العشرين نفسها. و رغم أن ماسك خفّف من حدّة خطابه — خطوة ضرورية للصحة العالمية بعد كل الوحل الذي أغرق به منصته — إلا أن جنوب إفريقيا ما تزال تدفع ثمن الادّعاءات التي روّج لها مالك X. و حتى النفي القاطع الذي صدر عن رامافوزا لم يغيّر شيئًا ؛ فترامب قاطع قمة مجموعة العشرين في جوهانسبرغ في نوفمبر الماضي، والآن يضغط لاستبعاد بريتوريا من القمة المقبلة المقرّرة في ميامي سنة 2026. ما الذي سيفعله ماسك لمحاولة إصلاح الأضرار التي تسبّب فيها ؟ تبقى الآمال معلّقة على أن يستيقظ ضميره و أن يجد بعد اختراع قصة «الإبادة الجماعية للمزارعين الأفريكانرز» الشجاعة لنفي نفسه بنفسه. في كل الأحوال، الرجل الذي يقود أقوى اقتصاد في إفريقيا يقاتل بوسائله، في مواجهة قوة أمريكية كاسحة لا تقيم وزنًا للأخلاق و لا للأعراف... و قال الرئيس الجنوب إفريقي: «في بداية الأسبوع، سلّمنا رسميًا رئاسة مجموعة العشرين لعام 2026 إلى الولاياتالمتحدة، وفق البروتوكول الدبلوماسي المعمول به. قبل أيام، صرّح الرئيس دونالد ترامب بأن جنوب إفريقيا لن تُدعى إلى قمة مجموعة العشرين في الولاياتالمتحدة. و قد كرّر مزاعم كاذبة بشأن إبادة جماعية تستهدف الأفريكانرز و مصادرة أراضي البيض في بلادنا. يجب أن نوضح أن جنوب إفريقيا هي إحدى الدول المؤسسة لمجموعة العشرين و بالتالي فهي عضو كامل العضوية. و سنواصل المشاركة كعضو كامل، فاعل و بنّاء في المجموعة». و أضاف أنّه رغم المقاطعة الدبلوماسية من واشنطن، فقد شاركت الشركات الأمريكية و مجموعات المجتمع المدني في أعمال القمة : «ندرك كدولة أن الموقف الذي تبنّته الإدارة الأمريكية تأثّر بحملة تضليل مستمرة تقودها مجموعات و أفراد داخل بلادنا، و في الولاياتالمتحدة، وفي أماكن أخرى. هؤلاء الذين ينشرون التضليل يعرّضون المصالح الوطنية لجنوب إفريقيا للخطر و يدمّرون فرص العمل و يضعفون علاقات بلادنا مع أحد أهم شركائنا». و هكذا انهارت سنوات من الشراكة السياسية المتينة و من الروابط التي عزّزها سلف ترامب، جو بايدن. لكن بما أنّ الجمهوري قرّر نسف كل ما بناه «جو النائم»، بما في ذلك كل المراسيم التي وقّعها، فإن الضرر كان متوقّعًا. و تجدر الإشارة إلى أن جنوب إفريقيا تُعدّ ركيزة أساسية في قانون «النمو و الفرص الإفريقية» (AGOA). قد ينجو الاقتصاد من انفعالات البيت الأبيض، لكن الدبلوماسية لن تفعل. على أي حال، سنرى... فمع ترامب كل الانقلابات ممكنة. تعليقات