... من مجموع 250 الف منتج حبوب مصرح بهم رسميا.. 25 الفا فقط يسلمون محاصيلهم الى ديوان الحبوب والتعاضديات المركزية المختصة... وهذا الرقم لا يمثل سوى عشر الناشطين في القطاع الى جانب بعض المجمعين الخواص وتمثل الكميات المسلمة ما بين 6 و7 مليون قنطار.. هذه الارقام كشف عنها صراحة وزير الفلاحة والموارد المائية مؤخرا مستغربا بدوره من تدني عدد المتعاملين مع مراكز التجميع.. وان كان الحبيب الحداد متفهما والى حدما لتمسك عدد هام من الفلاحين بتقاليد الاحتفاظ بجانب من الصابة لاستهلاكم الشخصي ولا يجد في ذلك ادنى حرج او اشكال.. فأنه دعا الى الانكباب على دراسة هذا الوضع وبحث خلفياته مؤكدا ضرورة مواصلة نهج الاحاطة بالفلاحين المتعاملين مع مراكز التجميع وتمكينهم من مستلزمات الانتاج ودعم تأطيرهم.. بين «العولة» والمسالك الموازية ان الارقام التي كشفها وزير الفلاحة ونحن على ابواب صابة جديدة تدعو فعلا للتساؤل عن اسباب هذا العزوف وتراجع الاقبال على فضاءات التجميع.. ونعتقد ان عامل ادخار جانب من المحصول «كعولة» للفلاح وعائلته على اهميته لا يشكل المبرر الوحيد لهذا الواقع وانما يتجاوزه الى رواج ظاهرة مسالك التجميع الموازية التي انتشرت في المواسم الماضية يقف وراءها تجار ودخلاء يتوجهون مباشرة الي مزارع واغراء اصحابها بأسعار تزيد قليلا عن تلك المعتمدة بشكل رسمي واعفائهم من عناء ومصاريف نقل منتوجهم.. وطبعا امام كل هذا الاغراء لا يقدر عديد الفلاحين خاصة الصغار منهم على المقاومة.. على كل يتوقع ان يتغير المعطى هذا الموسم بعد اقرار زيادة استثنائية في الاسعار عند تسليم المحاصيل قبل موفى اوت مساندة للمنتجين وتشجيعا على البذر وعلى تسليم الصابة حتى ان الاسعار المحلية الجديدة باتت تفوق الاسعار العالمية للقمح بعد تراجعها في المدة الاخيرة واصبح القمح المورد يصل الى تونس بأقل من 42 دينارا القنطار والشعير المورد يبلغ 40 دينارا. ما أحوجنا للكميات الضائعة ونحن نتحدث عن موسم الحصاد بعد ان دخل موسم الزراعات الكبرى اسابيعه الاخيرة نشير الى ظاهرة عرج عليها الوزير في اجتماع بمقر المنظمة الفلاحية تتعلق بضياع كميات هامة من الصابة جراء تقادم معدات الحصاد وعدم صيانتها والاعتماد بشكل بارز على العمل اليدوي مما يتسبب في ضياع كميات مهولة من الحبوب المزروعة.. وطبعا ما احوجنا لهذه المحاصيل التي تذهب هدرا وهباء في زمن نبحث فيه عن تأمين امننا من الحبوب وانقاذ كل حبة قمح لبلوغ الهدف المنشود في تحقيق معدل انتاج لا يقل عن 27 مليون قنطار خصوصا وانه بالامكان بلوغ الاكتفاء الذاتي من القمح الصلب بل وحتى الرجوع الى التصدير من هذا الصنف فيما تتحدث مصادر فلاحية عليمة عن صعوبة تحقيق ذلك بالنسبة للقمح اللين بما يحكم علينا بمواصلة التوريد والتعويل على ما ينتجه الاخرون لنا لتلبية حاجياتنا الاستهلاكية من هذه المادة وطبعا عن نزيف العملة الصعبة لتمويل هذه الشراءات حدث ولا حرج.