بعد بضعة أيام من اختتام أشغال القمة العالمية للغذاء بروما صدر في استوكهولم التقرير السنوي للمعهد الدولي للأبحاث من أجل السلام متضمنا أرقاما مفزغة واستنتاجات لا يمكن إلا أن تضع علامات استفهام عديدة بخصوص حاضرالبشرية ومستقبلها. وإذا كان العالم قد تفاءل خيرا بانتهاء الحرب الباردة في بداية التسعينات معتقدا أنه دخل مرحلة من السلام والاستقرار بما يعني نظريا انخفاض نفقات التسلح فإن أرقام معهد استوكهولم تؤكد أن ذلك كان سرابا إذ ارتفعت النفقات على الصعيد العالمي خلال السنوات العشر الماضية بنسبة 54 في المائة فيما تصيب نسبة ارتفاع النفقات في أمريكا الشمالية والشرق الأوسط وآسيا وإفريقيا والمتراوحة بين 51 و65 في المائة المرء بخيبة أمل والإحباط بخصوص إمكانية تحسين أوضاع جانب كبير من الشعوب. ولا شك أن المتضرر الأول من تزايد النفقات العسكرية هي التنمية خصوصا في البلدان النامية فيما يفترض تخصيص مبالغ مالية معتبرة للأبحاث في المجالات الطبية قصد إيجاد أدوية لعديد الأمراض المستعصية غير أن تلك المليارات التي تصرف في الأسلحة هذا دون اعتبار تكاليف الأبحاث في المجال العسكري تؤكد أن التسلح أضحى مجالا "حيويا" يستقطب الاستثمار وتنسج على أساسه سياسات وما يصاحبها من مشاريع ومخططات. لقد اتضح أن كلمة لوبيات الصناعات العسكرية في الدول المصنعة مسموعة لدى صناع القرار وهو ما يترجمه وجود أسلحة جديدة في سوق السلاح وعدد الصفقات بأرقامها الخيالية ومن المفارقة أن الدول غنية كانت أو فقيرة تشتري الأسلحة حتى إن كان ذلك على حساب أولويات وحتى إن كان الأمر يؤدي إلى مزيد التوترات والحروب في العالم . ويبدو أن تنامي بعض الظواهر العابرة للقارات مثل الإرهاب والجريمة المنظمة يمثل عنصرا معتبرا في التسلح في حين أنه كان يفترض أن يعيش المجتمع الدولي فترة سلم تنخفض فيها نفقات التسلح مادامت الحرب الباردة بين المعسكرين الشرقي والغربي قد انتهت بانهيار الاتحاد السوفياتي إلا أن ظهور سياسات جديدة وبروز الحركات الإرهابية خلق مناخا من عدم الثقة وعدم الاستقرار في العالم . إن محافظة بعض القوى الكبرى على سياسات هجومية وتشبثها بالتدخل في مناطق عديدة من العالم وإمعان الإدارة الأمريكية على سبيل المثال في الوقوف إلى جانب إسرائيل سيبقي على التوتر في منطقة الشرق الاوسط وحين اتضح أن هذا التوتر كان - وسيكون له تأثيرات على مناطق عديدة.