سجل الانفاق العسكري في العالم خلال سنة 2006 رقما قياسيا جديدا بعد ان بلغ 1204 مليار دولار وهو ما يعادل 184 دولارا لكل فرد على وجه الارض وذلك وفق ما نشره معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام بما يثير مجددا واكثر من أي وقت الكثير من التساؤلات ونقاط الاستفهام العالقة التي ما انفكت تطرح دون ان تجد لها اجوبة مقنعة حول النوايا الخفية كما حول الاهداف والاستراتيجيات المتناقضة لمختلف الاطراف التي تحرص على اذكاء سوق السلاح وبقائه مستعرا خاصة بين دول العالم الاكثر فقرا وتخلفا وبين الشعوب الاكثر حاجة للغذاء والماء والدواء ولاكثر اسباب الحياة الكريمة والشروط المطلوبة لتحقيق التنمية والاستقرار فيها وتجنب تهديدات ومخاطر الفوضى وانعدام الامن... فليس سرا بالمرة اليوم ان الدول والاطراف المتحالفة في الحرب المعلنة ضد الارهاب منذ هجمات الحادي عشر من سبتمبر هي التي تقف وراء انتشار سباق التسلح في العالم وهي التي تتسابق للفوز وتوقيع صفقات الموت التي تؤجج الصراعات الدموية وتغذي اعمال العنف في اكثر من منطقة في العالم وفي ذلك اكثر من سبب لدعم الشكوك والمخاوف من احتمالات تنامي مظاهر العنف واسباب الصراعات الدموية والاقتتال في العالم، اذ وفي نفس الوقت الذي تتضاعف فيه مكاسب وارباح ميزانيات حكومات الدول الصناعية الكبرى المصدرة للسلاح وتتزايد معها ثروات اصحاب الصفقات وارصدة تجارالسلاح تتفاقم معاناة الكثيرين لاسيما المدنيين والنساء والاطفال جراء الانتشار المثير والمتنامي لاسباب الموت والدمار. ولاشك ان نظرة عاجلة على ما نشره تقرير معهد "سيبري" من شانها ان تكشف هوس القوى الكبرى في العالم بسباق التسلح ودورها المباشر او غير المباشر في اذكائه وابقائه كمصدر لاينضب لتمويل ميزانياتها العسكرية الضخمة بما يضمن وهذا الاهم تفوقها على بقية دول العالم ولكن بما يتناقض ايضا مع ما تعلنه وتدعيه وتروج له من جهود من اجل القضاء على بؤر التوتر في العالم وتغليب اسباب الامن والاستقرار فيه. واذا كانت الولاياتالمتحدة قد نجحت كالعادة في الحفاظ على موقعها بتصدرها قائمة الدول الاكثر انفاقا في المجال العسكري واستئثارها بحوالي 529 مليار دولار او حوالي 64 في المائة من حجم هذه النفقات فان بقية الدول الدائمة العضوية في مجلس الامن الدولي وهي روسيا والصين وفرنسا وبريطانيا قد حافظت بدورها على مواقعها كمصدر اساسي للسلاح لمنطقة الشرق الاوسط وافريقيا حيث تراوح نصيب كل منها بين الاربعة والخمسة بالمائة من هذه النفقات. اما عن اكبر مائة شركة للسلاح فان اربعين منها امريكية وهي تمثل اكثر من ستين بالمائة من المبيعات تليها الشركات الاوروبية... ان الواضح ان اهتمام الدول الصناعية الكبرى بمصالحها الضيقة وحساباتها الخاصة يفوق اهتمامها بامن اواستقرار المجتمع الدولي وما توفره صفقات التسلح لمخابرها لتصنيع المزيد من انواع الاسلحة الجديدة وتوفرحلبات الصراع المطلوبة لاختبار قدراتها وحدودها في الحاضر والمستقبل اهم بالنسبة لها من كل الاتفاقات الدولية والانسانية للحد من سباق التسلح ومخاطره على الانسانية وستبقى كل التبريرات مشروعة لديها للحفاظ على سباق التسلح قائما طالما ان ضحاياه في الحروب كما في الغارات الخاطئة في اغلب الاحيان لا ينتمون لتلك الدول المصدرة للسلاح ...