صادقت لجنة تنظيم الإدارة وشؤون القوات الحاملة للسلاح أمس خلال جلستها الملتئمة بمجلس نواب الشعب بحضور أقل من نصف عدد أعضائها على الفصلين 26 و27 من مشروع مجلة الجماعات المحلية لكنها أجلت التصويت على الفصلين 28 و29 إلى حين استشارة خبراء في القانون حول دلالات بعض المفاهيم الواردة فيهما. وهي ليست المرة الأولى التي تستنجد فيها اللجنة بخبراء في القانون وذلك رغبة في تجويد النص وتحصينه قدر الإمكان من شبهات عدم الدستورية وتجنيبه مطبات هيئة الرقابة على الدستورية. وبتأجيل التصويت على الفصلين 28 و29 وصل عدد الفصول المعلقة أي التي لم يقع التصويت عليها بسبب عدم التوافق خمسة فصول إلى حد الآن. وبسرعة فائقة استكمل النواب في بداية الجلسة التصويت على الأحكام المتعلقة بالسلطة الترتيبية للجماعات المحلية التي ناقشوها الأسبوع الماضي، وصادقوا على الفصلين الأخيرين الواردين في هذا القسم، وبمقتضى الفصل 26 يمارس رئيس الجماعة المحلية الاختصاصات الترتيبية المسندة بالقانون أو بالتراتيب أو المفوضة له من قبل مجلس الجماعة المحلية وبموجب الفصل 27 تنشر القرارات الترتيبية للجماعات المحلية بالجريدة الرسمية للجماعات المحلية ويتم تعليقها بمقر الجماعة المحلية ونشرها على موقعها الالكتروني. الديمقراطية التشاركية بحماس واضح للعيان انطلق النواب في نقاش الفصول الواردة تحت عنوان :»في الديمقراطية التشاركية والحوكمة المفتوحة»، واختلفت آراؤهم حول الفصلين 28 و29 ويتعلقان بدور المواطنين والمجتمع المدني في إعداد برامج التنمية وبرامج التهيئة العمرانية، وبمشاركة المواطنين في إبداء الرأي في مشاريع القرارات الترتيبية للجماعات المحلية.. ونظرا لوجود بعض المفاهيم والمصطلحات القانونية التي تحتمل أكثر من تأويل قرر النواب تأجيل التصويت على الفصلين واستشارة أحد الخبراء في القانون. ونص الفصل 28 على أن يخضع اعتماد البرامج التنموية وجوبا إلى آليات الديمقراطية التشاركية. ولا يمكن إعدادها إلا بعد استيفاء إجراء مشاركة فعلية للمتساكنين ولمنظمات المجتمع المدني. يضمن مجلس الجماعة المحلية للمتساكنين مشاركة فعلية شاملة لكافة الفئات الاجتماعية والمناطق المكونة للجماعة المحلية في مختلف مراحل إعداد برامج التنمية ومتابعة تنفيذها وتقييمها. تلتزم الجماعة المحلية باتخاذ كل التدابير لإعلام المواطنين ومنظمات المجتمع المدني مسبقا بالسياسات العامة والبرامج التنموية وضمان مشاركتهم. يتم عرض البرامج التنموية على مصادقة المجالس المحلية المعنية بعد استيفاء الإجراءات المنصوص عليها بهذا الفصل. ترفض المجالس المحلية كل برنامج تنموي لا يحترم أحكام هذا الفصل. يضبط إطارا لمنهجية التشاركية وصيغها بمقتضى أمر حكومي باقتراح من المجلس الأعلى للجماعات المحلية وبناء عل رأي المحكمة الإدارية العليا، أما الفصل 29 فنص على أن تمسك الجماعة المحلية وجوبا سجلا خاصا بآراء المتساكنين. تنشر الجماعات المحلية بمواقعها الالكترونية وتعلق بمقراتها مشاريع القرارات الترتيبية التي تنوي عرضها للتداول على مجالسها المنتخبة وذلك قبل خمسة عشر يوم على الأقل من انعقاد جلسة التداول. يتم ضبط شروط تنفيذ هذا الفصل وإجراءاته بمقتضى أمر حكومي بعد أخذ رأي المجلس الأعلى للجماعات المحلية وبناء على رأي المحكمة الإدارية العليا. واقترح النواب حذف عبارة السياسات العامة من الفصل 28 لأنها على حد اعتقادهم تثير لبسا وطالبوا بتوحيد المصطلحات المتعلقة بالطرف المستهدف من العملية التشاركية: متساكنون ومواطنون ومجتمع مدني واختلفت آراؤهم بين مطالبين باستعمال عبارة متساكنين وبين متمسكين بعبارة مواطنين حرفيا كما وردت في الفصل 139 من الدستور الذي نص على ان تعتمد الجماعات المحلية آليات التشاركية ومبادئ الحوكمة المفتوحة لضمان اسهام أوسع للمواطنين والمجتمع المدني في اعداد برامج التنمية والتهيئة الترابية ومتابعة تنفيذها طبقا لما يضبطه القانون. وهناك من النواب من اعتبر المعني بالمشاركة في هذه الحالة هو المواطن بمعنى كل من يحمل الجنسية التونسية في حين هناك من يرى ان العبارة الانسب في قانون سيجسد مفهوم الحكم المحلي هي «المتساكنون» وهناك من لاحظ ان المتساكنين الاجانب عندما يكونون من دافعي الضرائب من حقهم ابداء الرأي في المشاريع والبرامج التي سيتم تنفيذها من قبل الجماعة المحلية التي يعودون اليها بالنظر وفي صورة استعمال كلمة مواطن فسيقع إقصاؤهم. الاستئناس بمقترحات المجتمع المدني أمام استحالة التوافق تم إرجاء التصويت على الفصل 28، واطلع النواب قبل ذلك على مقترحات المجتمع المدني بخصوصه: فالمنظمة الدولية للتقرير عن الديمقراطية أوصتهم بضبط معنى السياسات العامة التي يجب على الجماعة المحلية إعلام المواطنين بها وضمان مشاركتهم فيها، فهل المقصود منها السياسات العامة للدولة ام تلك التي تحددها الجماعات المحلية؟ كما اقترحت تعديل الفصل في اتجاه ان تخضع مختلف مراحل إعداد البرامج التنموية وتنفيذها وتقييمها وجوبا الى آليات الديمقراطية التشاركية ويشمل مجلس الجماعة المحلية المشاركة الفعلية والشاملة للمتساكنين ولمنظمات المجتمع المدني ولكافة الفئات الاجتماعية ولكافة المناطق المكونة للجماعة، وتعلم الجماعة المحلية وجوبا كل الأطراف السابق ذكرها بكافة البرامج التنموية في آجال معقولة لضمان مشاركتهم الفعلية. على أن تعرض البرامج التنموية على المجالس المحلية بعد استيفاء اللجوء إلى آليات الديمقراطية التشاركية. وتتحقق المجالس من احترام مقتضيات هذا الفصل قبل المصادقة على البرامج التنموية ويعد باطلا اعتماد كل برنامج تنموي على اختلاف الصيغ التي يضبطها الفصل أي انه في صورة عدم استشارة المتساكنين والمجتمع المدني تصبح البرامج باطلة. اما «الحركة الجمعياتية» فتعتبر احكام الفصل28 تتنافى ومبدئي التدبير الحر والاستقلالية واقترحت أن ينص على الزام كل جماعة محلية وبالشراكة مع مركز التكوين ودعم اللامركزية بإعداد دليلا يضبط المنهجية التشاركية ويحتوي على الصيغ والآليات اللازمة لضمان شفافية اعمال الجماعات المحلية وتشريك المتساكنين والمجتمع المدني بطريقة مباشرة في اتخاذ القرارات المتعلقة بكيفية انفاق ميزانيات التنمية للجماعات المحلية وطريقة متابعة وتقييم تنفيذها على أن يوضع هذا الدليل على ذمة المواطنين والمجتمع المدني ويعرض على أنظار المجلس الأعلى للجماعات المحلية. واقترحت ان يقع تمكين اي مواطن او جمعية مجتمع مدني من اللجوء الى القضاء الإداري اذا تم الاخلال بمبادئ وآليات الديمقراطية التشاركية. في حين أبدت جمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية رغبتها في تدقيق عبارة المشاركة الفاعلية للمتساكنين والمجتمع المدني واقترحت أن يتم التنصيص على مشاركة المتساكنات والمتساكنين وتطبيق مبادئ النزاهة والديمقراطية والحياد والتعددية وتفادي تضارب المصالح مع استعمال كافة وسائل الاتصال المتاحة وملاءمتها مع طبيعة الجماعات المحلية واهتمام المتساكنين بناء على تقييمات تعد في الغرض، واقترحت جمعية كلنا تونس اعداد خطة شاملة للتواصل مع المتساكنين والمجتمع المدني واعلامهم وتشريكهم في اعداد ومتابعة وتقييم عمل الجماعات المحلية. وبخصوص الفصل 29، عبر النواب عن رغبتهم في معرفة هل ان راي المحكمة الادارية والمجلس الاعلى للجماعات المحلية هو راي مطابق او رأي استشاري. ويذكر ان جمعية كلنا تونس اقترحت ضبط اجال الاعلام بثلاثة اسابيع عوضا عن اسبوعين وقالت جمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية إنه من الافضل التنصيص على امكانية ابداء المواطنين آراءهم بمختلف الوسائل مع اجبارية تسجيلها واقترحت الاستغناء عن الاحالة لأمر حكومي تجنبا للتعقيدات فمن الانسب ان تتولى الجماعات المحلية بنفسها تحديد الشروط التفصيلية، اما المنظمة الدولة للتقرير عن الديمقراطية فاقترحت ان تمسك الجماعات المحلية وجوبا بالسجل الخاص بآراء المتساكنين وعلى الجماعات المحلية نشر مشاريع القرارات الترتيبية بموقعها الالكتروني وتعليقها بمقراتها خمسة عشر يوما على الاقل قبل عرضها على مداولة مجلسها.