«ينبغي ان يكون التفاوض حول اتفاق التبادل الشامل والمعمق بين تونس والاتحاد الأوروبي فرصة لكلا الطرفين لتعزيز التنمية المشتركة والتي من شأنها أن تفيد كليهما، كما يجدر الأخذ بعين الاعتبار مختلف الأوزان الاقتصادية والعلاقات غير المتناظرة، ويجب أن يؤدي الاتفاق إلى خلق وظائف مستقرة وجيدة تضمن كرامة المواطنين على جنبي البحر المتوسط وتضمن حماية حقوقهم وحرياتهم والتنمية المستدامة بأبعادها الثلاثة الاقتصادية والإجتماعية والبيئية» هذا ما أكدته لبنى الجريبي رئيسة جمعية سوليدار خلال لقاء إعلامي تحت عنوان «اتفاقية التبادل الحر المعمق والشامل الواقع والآفاق» مبنية على علاقة تبادل حر وشامل ومعمق مع الاتحاد الأوروبي تتطلب اعتماد منهج تفاوضي تدريجي وتقدمي يأخذ بعين الإعتبار الأولويات التونسية ورؤية التونسيين لنموذج تنموي شامل. وأكدت الجريبي ان إتفاقية التبادل الحر والشامل والمعمق بين تونس والاتحاد الأوروبي تتطلب إدخال تغييرات على الإطار التشريعي التونسي ليكون مواكبا ومتناغما مع الإطار التشريعي الأوروبي مما سيحتم على تونس بذل جهد كبير لذلك. وشددت رئيسة سوليدار أن الاتفاقية تتطلب المشاركة الفعالة للمجتمع المدني التونسي والأوروبي بمختلف مكوناته بما في ذلك ممثلي النقابات والمهن في المفاوضات بدءا من إعداد مقترح تونسي من طرف المهن والقطاعات التي ستقوم تونس بتحديدها مع ضبط قائمة المنتجات الفلاحية من قبل الجهات التونسية والتي سيتم استبعادها أو تحريرها تدريجيا مع ضمان الحفاظ على الموارد الطبيعية وضمان مدخول للفلاحين ودعم خاص لصغار الفلاحين على اعتبار ان هذا القطاع يحتاج إلى التعصير وذلك بتعزيز معايير الصحة نظرا لأهمية القطاع بالنسبة للتنمية الجهوية، كما يجب على هذه الإتفاقية ان تثمن وتعزز الزراعة البيولوجية التونسية. ومن بين النقاط التي يجب التنصيص عليها ضمن الإتفاقية هي ان لا تحتوي على اي شكل من أشكال التمييز تجاه أحد الطرفين بما في ذلك تنقل المواطنين في الفضاء الأوروبي- التونسي وهو ما يعد احد العناصر الأساسية للمفاوضات وأن يتم الإعتراف المتبادل بالشهادات عبر إحداث منظومة اعتمادات للمؤسسات التي تقدم هذه الشهادات حتى يتم الاعتراف بمسديي الخدمات. هذا إلى جانب ضمان نفاذ أوسع للتمويل في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصال وهو ما سيفتح فرصا كثيرة لتدعيم التصدير وتحريك سوق الشغل على أن يكون الإتفاق مربحا بالنسبة للمؤسسات الصغرى والمتوسطة وكذلك بالنسبة للمؤسسات الناشئة حتى يتم تشجيعها على النمو بما يمكن من تدويلها. وواصلت الجريبي مؤكدة على وجوب ان تنص الاتفاقية على ضرورة الحفاظ على حق السلط التونسية في تنظيم اقتصادها فيما يتعلق بالتفاوض حول تحرير الخدمات وحماية الإستثمارات مع الحفاظ على الأفضلية للمؤسسات التونسية فيما يتعلق بالصفقات العمومية من أجل حماية أنشطة هذه المؤسسات لا سيما الصغرى والمتوسطة من أجل الحفاظ على مواطن الشغل فيها، كل هذا مع ضرورة التأكيد على الشفافية في التراتيب والإجراءات حتى يكون النفاذ إلى الأسواق أكثر وضوحا لضمان وجود فاعلين اقتصاديين أكثر اطلاعا من كلي الطرفين. أفضلية لقطاعات دون أخرى ومن جانبها أفادت فاطمة مراكشي أستاذة في الاقتصاد أن الدراسة التي أجريت مع عدد من الناشطين في مختلف القطاع الإقتصادية على امتداد سنتين كشفت أن هنالك قطاعات مستعدة أكثر من غيرها للتحرير والانخراط في اتفاقية التبادل الحر الشامل والمعمق مع الاتحاد الأوروبي وهي قطاع التكنولوجيا الحديثة وبعض قطاعات المهن الحرة على غرار الخبراء المحاسبين والحقوق والصحة كونهم قادرين على الانفتاح على السوق الأوروبية، وأكدت اطلاعها على حاجيات هذه القطاعات لتطبيق هذه الإتفاقية وهي صعوبة الحصول على شهادات المعادلة وشهادة في جودة الخدمات المقدمة وخاصة حرية التنقل في إتجاه دول الاتحاد الأوروبي ما سيمكن من الحصول على صفقات في هذه الدول. وبالنسبة للتهديد الذي سيواجه المؤسسات الصغرى والمتوسطة والذي قد يهدد الاتفاقية المبرمة مع الاتحاد الأوروبي ديمومتها فقد بينت أنه يجب على هذه الشركات العمل على نقاط قوتها وتطويرها حتى تكون ذات قدرة تنافسية عالية. إشكال في التفاوض ومن جهته أكد نبيل عبد اللطيف الرئيس الشرفي لهيئة الخبراء المحاسبين ان الإشكال في المفاوضات يكمن في عدم وجود طرف قار للتفاوض مع الجانب الأوروبي على اعتبار وجود بعض المفاوضين ليست لهم حتى الكفاءة للتفاوض بإسم الجمهورية التونسية. وشرح أن العرض المقدم من الجانب الأوروبي هو عرض تقليدي ولا يرقى إلى تطلعات التونسيين خاصة من حيث حرية التنقل نحو دول الاتحاد وخاصة بالنسبة للمهن الحرة التي تتوفر على الشروط اللازمة. لا مكان للخوف وختم سفير الاتحاد الأوروبي مشددا على وجوب ان لا يخاف الجانب التونسي والتونسيون من الانفتاح على الاتحاد من خلال فرض شروطها بكل ثقة في قدرتها على النجاح في هذه الاتفافية حتى تكون في صالحها، مؤكدا على وجوب وضع الجانب التونسي لاستراتيجيا واضحة للتفاوض تمكنه من فتح آفاق جديدة ورحبة للاقتصاد التونسي بما يمكن من خلق حركية اقتصادية قادرة على خلق مواطن شغل جديدة تستوعب الشباب العاطل.