رغم الانتقادات اللاذعة، صادقت لجنة المالية والتخطيط والتنمية أمس خلال اللقاء الذي عقدته بقصر باردو على مشروع قانون المالية التكميلي لسنة 2017 بموافقة نواب كتل النهضة ونداء تونس والاتحاد الوطني الحر والحرة لحركة مشروع تونس والوطنية واعتراض كتلتي الجبهة الشعبية والديمقراطية، وينتظر أن تعقد اللجنة جلسة أخرى تصادق خلالها على التقرير المتعلق بهذا المشروع لإحالته على مكتب مجلس نواب الشعب لكي يبرمج موعدا لعرضه على جلسة عامة. وتضمن المشروع ثلاثة فصول يرمي الاول والثاني وقد صادق عليهما النواب في صيغتهما الأصلية الى تحيين الميزانية الاصلية ويذكر أنه بمقتضى قانون المالية الاصلي لسنة 2017 تم تقدير حجم ميزانية الدولة باثنين وثلاثين الفا وثلاثمائة وخمسة وعشرين مليون دينار باعتبار القروض وتسبقات الخزينة الصافية، وتريد الحكومة بمقتضى مشروع قانون المالية التكميلي من مجلس نواب الشعب الترفيع في مبلغ الميزانية الى اربعة وثلاثين الفا واربعمائة وخمسة وخمسين مليون دينار. وفي ما يتعلق بالفصل الثالث فقد تم تعديله، وكان وزير المالية رضا شلغوم وافق أمس الاول على ان يكون للجنة مطلق الحرية في تعديله وهذا الفصل يتيح التمديد في المدة المنصوص عليها بالفصل الخامس عشر من قانون المالية لسنة 2017 الذي تم بمقتضاه منح موظفي الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية ذات الصبغة الادارية الزيادات العامة والزيادات الخصوصية في الاجور خلال الفترة الممتدة من غرة جانفي الى موفى نوفمبر 2017 في شكل اعفاء جبائي يتمثل في التخفيض في مبلغ الخصم من المورد المستوجب على مرتباتهم وأجورهم يساوي خمسين بالمائة من المبلغ الصافي المترتب عن الترفيع في أجورهم بمقتضى الزيادات العامة والخصوصية التي تمت برمجتها لسنة2017. وحذف النواب النقطة الثانية من الفصل الثالث وهي تتيح التمديد في هذا الاجراء الى موفى سنة 2018 وقالوا إن الحكومة مدعوة الى ادراجه في مشروع قانون المالية لسنة 2018. وبين منجي الرحوي رئيس اللجنة إثر المصادقة على مشروع قانون المالية التكميلي أن النواب أبدوا عدم رضائهم على إجابات وزير المالية عن الاسئلة التي طرحوها عليه أول أمس لأنه لم يبين بوضوح كيف أن القرض القطري الذي من المفروض ارجاعه خلال سنة 2017 لم يقع وضعه في قانون المالية الاصلي وتم ادراجه الآن في قانون المالية التكميلي وكأن الحكومة لم تضع في اعتبارها خلاص هذا القرض الضخم الذي تبلغ قيمته خمس مائة مليون دولار وهذا أمر غريب وعجيب للغاية في دولة من المفروض أن يكون في حكومتها خبراء فما حدث بالفعل يبعث على الحيرة. وأضاف رئيس اللجنة أن هناك مسألة أخرى وردت في مشروع قانون المالية التكميلي ازعجت النواب وتتعلق بكتلة الاجور، وذلك لأنه عند نقاش قانون المالية الاصلي خلال السنة الماضية نبه النواب الحكومة الى أن الموارد المرصودة للأجور لا تكفي لسنة كاملة لكن الحكومة أجابت بالنفي وقالت انها تكفي لسنة كاملة وتبين اليوم من خلال مشروع قانون المالية التكميلي أنها لم تقل الحقيقة وأنها لم تضع نحو ست مائة مليار مليم وهو مبلغ كبير في قانون المالية الاصلي وذلك لكي تخفي الامر على صندوق النقد الدولي ولكي تزين أمامه الميزانية وتقول له إنها ضغطت على كتلة الأجور. وأشار الرحوي إلى أن انزعاج النواب له ما يبرره اذ سيقع غلق ميزانية السنة الجارية بعجز قدره ستمائة واثنان وثلاثون مليون دينار أي بنسبة ستة فاصل واحد بالمائة، وبحجم كبير للدين العمومي بلغ مستوى تسعة وستين فاصل ستة بالمائة من الناتج المحلي مقابل واحد وستين فاصل تسعة بالمائة موفى السنة الماضية وهي نسبة عالية جدا وتنبئ بأخطار كبيرة على المالية العمومية وعلى مستقبل البلاد اذ اقترضت تونس خلال سنة 2017 10330 مليون دينار وهو مبلغ ضخم ويبعث على التساؤل عن مسار المالية العمومية ومستقبلها في ظل وضع قاتم لا يوجد فيه خلق للثورة ولا بوادر انفراج على مستوى النمو الاقتصادي ومراكمة الثروة. واعتبر رئيس لجنة المالية والتخطيط والتنمية أن المالية العمومية هي اليوم في احلك حالاتها وتتطلب وقفة جدية من أجل تصويبها وتحقيق التوازنات الحقيقة للاقتصاد. وبعد إنهاء النظر في مشروع قانون المالية التكميلي ستنطلق اللجنة بداية من يوم الثلاثاء القادم في نقاش مشروع قانون المالية ومشروع ميزانية الدولة والميزان الاقتصادي لسنة 2018 وستعقد جلسات استماع الى وزيري المالية والتنمية والى الاتحاد العام التونسي للشغل واتحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية والاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري وغيرها من المنظمات والجمعيات المعنية بأحكام هذا المشروع.