يعتبر محسن الجندوبي من أفضل المدافعين الذين أنجبتهم كرتنا وأحد المساهمين في ملحمة 78 وصاحب الحذاء الذهبي سنة 77.. تميّز في مسيرته الطويلة بالصمود والانضباط والدفاع على ألوان «البقلاوة» والمنتخب الوطني بكل شراسة وتحصل في مسيرته على إنذار وحيد.. وفضلا عن تألقه وتميزه فقد عرف الجندوبي بدماثة أخلاقه ولاقى احتراما وتقديرا من كافة الجماهير الرياضية بمختلف انتماءاتها.. الجندوبي تحدث في هذا الحوار مع «الصباح» عن مسيرته الحافلة وعن موقفه من مختلف التطورات التي عرفتها كرتنا. أجواء كرتنا أبعدتني عن الأضواء خيّر لاعبنا الدولي محسن الجندوبي الابتعاد عن الأضواء بسبب الاجواء المشحونة التي أصبحت تحيط بكرتنا وقال في هذا الصدد:» المشاكل أضحت تحيط بكرتنا من كل حدب وصوب من تسيب واعتداءات وخروج عن الميثاق الرياضي.. فضلا عن تراجع المستوى الفني فاللاعبون لا يقدمون عطاء غزيرا بقدر الملايين التي يتقاضونها.. لم تعد هناك نكهة ولم نعد نشاهد العروض الجميلة وشخصيا لم أتحول للمعلب سوى في 3 مناسبات في مباريات كان الملعب التونسي طرفا فيها» مازلت أرغب في التدريب.. وهذا ما كسبته من الكرة خيّر الجندوبي الاحاطة بعائلته وتربية أبنائه ولم يتجه للتدريب رغم انه متحصل على الدرجة الثالثة في التدريب ورأى أن عائلته لها الاولوية المطلقة ولكنه في الوقت الحالي لا يعارض الفكرة وقال: «أريد العودة إلى كرة القدم عبر التدريب طبعا في تونس لأنني لم أعد قادرا على الابتعاد عن عائلتي». أكد الجندوبي أن كرة القدم أمّنت له مستقبله وحب الناس حيث نجح في تكوين علاقات وأصدقاء يفتخر بصداقتهم مشددا على أن مدربيهم كانوا بمثابة آبائهم وأصدقاء في الآن نفسه لأنهم كانوا يفكرون في مصلحتهم ويؤطرونهم جيدا..»هكذا كانت علاقاتنا يسودها الحب والاحترام فاللاعب الذي يعتدي على منافسه يحرم من المكافآت». مدين بنجاحي للمدرب عمر الماجري لمن لا يعرف اللاعب الدولي محسن الجندوبي فقد كانت انطلاقته في رياضة الجمباز لكن المدرب عمر الماجري غيّر وجهته حيث قام بإلحاقه بالملعب التونسي ودربه تدريبات خاصة خارج أوقات التمارين ولكنه بعد خروجه والتحاقه بتدريب فريق آخر انسحب الجندوبي مجددا على حد تعبير محدثنا: «انقطعت عن التدريب لمدة عام لكن بعودته إلى الملعب التونسي أعادني مجددا ووضعني على السكة الصحيحة لذلك أرى أنني مدين له بذلك». جمهور «البقلاوة» احتفل بي في أول انذار تحصل محسن الجندوبي في مسيرته الرياضية على انذار واحد وكان ذلك ضد محيط قرقنة وفي آخر موسم له قبل الاعتزال وعلّق قائلا: «من الطرائف أن جمهور «البقلاوة» بقي ينتظرني بعد نهاية المباراة للاحتفال بي لحصولي على أول انذار والسر في ذلك أن الحكام يعرفونني جيدا وعلى دراية ان تدخلاتي كانت عن حسن نيّة حتى أنّي أحيانا كنت أحسّ بأنني استحق إنذارا لكن الحكم يرى عكس ذلك.. علي الكعبي وسرّ الخوف من الطائرة تحصل الجندوبي على أول بطولة مع البقلاوة في صنف الآمال وحاز أيضا على الحذاء الذهبي سنة 1977 ليتوّج مسيرته بالمشاركة في مونديال الأرجنتين لأول مرة قال إنها لن تمحى من الذاكرة وحقق اول انتصار على المكسيك متمنيا أن ينجح منتخب معلول في نحت مسيرة ناجحة في صورة المرور الى المونديال وتحدث في هذا الصدد عن أحد الطرائف التي رافقت رحلة المنتخب في الأرجنتين قائلا: «بعد الفوز على المكسيك في روزاريو تقرر أن نخوض مباراتنا ضد بولونيا في كوردوبا وتقرر أن تقلنا طائرة عسكرية وكان الشتالي يعرف مسبقا أن علي الكعبي يخاف من الصعود في الطائرة لذلك توجه نحو القائد ثم عاد الينا وقال نطلب من الله ان يحمينا لان السماء كانت ملبّدة بالغيوم.. ولا يمكن أن أصف لكم حالة الكعبي الذي كان يرتعد خوفا وبدأ يتلو القرآن ولكن تدخلنا وطلبنا منه أن يخبره الحقيقة خوفا على صحته.. وهذا يقودني إلى الحديث عن الأجواء الجيدة داخل المجموعة وكنا عائلة واحدة وكان مدرب المنتخب يجمع اللاعبين الدوليين في نزل بعد كل مباراة انطلاقا من الاثنين إلى الاربعاء وذلك لتقوية اللاعبين». شكرا لمختار ذويب.. وهذه أحسن مكافأة أشاد الجندوبي بمختار ذويب احد صانعي ملحمة 78 وأكد أنه على اتصال دائم به ويسعى دائما إلى لم شمل اللاعبين والذي توجه له بالشكر وأكد انه على اتصال أيضا بكمال الشبلي وكذلك بخالد القاسمي احد أقرب اصدقائه باعتبارهما يعملان معا وفي هذا السياق قال الجندوبي: «بالمناسبة أتمنى الشفاء لحمادي العقربي والحمد لله أن أغلب نجوم 78 في حالة اجتماعية جيدة». وفي حديثه عن أحسن مكافأة تحصل عليها أكد الجندوبي انها كانت في ملحمة 78 حيث تم تمكين كل لاعب من منحة قدرها 3 آلاف دينار». اشادة بخالد بن يحيى والقاسمي كان الجندوبي واحدا من أفضل المدافعين الذين أنجبتهم كرتنا وتحدث ل»الصباح» عن المدافع الذي كان يرى فيه نفسه فقال: «خالد بن يحيى لديه إمكانيات فنية عريضة ويحسن التصرف وخالد القاسمي كان يحسن المحاصرة الفردية وأتذكر جيدا كيف حاصر المصري حسن الخطيب وعلى اليسار تميز الكعبي صراحة أسماء يصعب تعويضهم.. لكن اليوم نعاني مشاكل كبيرة على مستوى الدفاع لأنهم لا يعيرون أهمية للاختصاص في السابق كانت هناك تدريبات خاصة بكل خطة وكل لاعب يعرف الدور الموكول إليه». لهذا خيرت الابتعاد عن البقلاوة.. و»مساكين» الحكام تحدث الجندوبي عن وضعية الملعب التونسي واعتبر ان الموارد المالية لا تسمح للفريق بانتداب لاعبين يتمتعون بمستوى فني عال الذين يفضلون الالتحاق بالرباعي المتصدر للبطولة الذي هرب بأشواط على مستوى قيمة الصفقات وكلفة الانتدابات». وعن ابتعاده عن قلعة باردو أكد لاعبنا الدولي السابق أن الابتعاد كان خيارا منه وفسّر ذلك قائلا: «منذ 5 أو 6 سنوات اتخذت هيئة الملعب التونسي قرارا بتعيني مرافقا للفريق ولما التقيت بأحد المسؤولين أكد لي أن مهمتي ستكون متابعة الحكم والاحتجاج عليه إذ اقترف خطأ ضد الفريق وان لزم الأمر الدخول الى الملعب فغادرت منذ ذلك الوقت دون رجعة لأنني انتظرت أن يطلب منّي الاحاطة باللاعبين وتأطيرهم وليس محاصرة الحكم.. وللأسف مثل هذه الممارسات في كرتنا اليوم تؤثر على تركيز الحكم الذي أصبح متخوفا من ردود الفعل ويتعرض لضغوطات وتهديدات تؤثر على تركيزه وعلى العكس فقد نال حكامنا خارج تونس حظهم ونجحوا وتألقوا لا بدّ من تغيير العقلية حتى ننجح». ضعف الشخصية أطاح بالترجي والنجم.. تحدث الجندوبي عن الخيبة الجماعية لأنديتنا في المسابقات الإفريقية وقال إن الترجي والنجم تنتظرهما الأندية وتعد لهما كما يجب.. فالترجي ربح المباراة قبل أن يلعبها وانهيار واستسلام فريق جوهرة الساحل أمام الاهلي كان مفاجئا أمام فريق صاحب تجربة لكنه ليس الأفضل وتميزه يكمن في قوة شخصية لاعبيه.. ولكن لا يجب تهويل الأمور فلكل جواد كبوة والجمهور التونسي لم يتقبل الهزيمة العريضة لأنه لم يتعود على ذلك.. فالبرازيل على أرضها خسرت بسباعية أمام ألمانيا وبرشلونة أطاحت بالريال بخماسية كاملة وآمل ان تكون أنديتنا تعلمت الدرس ويمكن تفسير هذا السقوط بضعف الشخصية.. بالنسبة للنادي الصفاقسي فهو بصدد اعداد فريق للمستقبل في انتظار تطعيمه ببعض الانتدابات خصوصا على مستوى الخط الامامي أما النادي الإفريقي فان الظروف المحيطة به كانت لها انعكاسات سلبية على اللاعبين ولكن نتمنى أن يتدارك.. وهو في حاجة الى ترميم خط الدفاع الذي يطرح أكثر من نقطة استفهام. حان وقت تحويل الأندية إلى شركات شدّد محسن الجندوبي انه حان الوقت كي تتحول الأندية إلى شركات وأنه يجب تفعيل هذا المشروع الذي بقي في الرفوف.. ومن ناحية ثانية شدد الجندوبي على ضرورة عودة الجماهير الى الملاعب معتبرا ان حالة مدارج ملاعبنا مثل مسرح بلا متفرجين. على معلول المحافظة على مجموعته عبّر الجندوبي عن أمله في ترشح المنتخب إلى مونديال روسيا وأكد أن قرار معلول بإيقاف البطولة خوفا على معنويات اللاعبين لكن ذلك قد يوثر على اللياقة البدنية للاعبين وأكد أن اللاعبين مطالبون بفوز هام على ليبيا وتحقيق الترشح الذي بات قريبا حتى ينسى الجمهور خيبة أنديتنا.. مبرزا أن المجموعة الحالية في المنتخب تضم أفضل اللاعبين في البطولة ونأمل أن يذكرونا بمونديال 78».