لا يزال حزب مشروع تونس يعاني من أزمة داخلية حادة ترجمتها «تسونامي» الاستقالات التي تكاد تعصف بالحزب بعد أن قدمت جهات بأكملها وقيادات من المكتب السياسي والتنفيذي استقالتها لتجتمع حول نقطة واحدة كانت بمثابة كلمة السر بين المستقلين. آخر الاستقالات التي افاق عليها الأمين العام للمشروع محسن مرزوق هي تلك التي نشرها القيادي المؤسس مهدي عبد الجواد وتحصلت «الصباح» على نسخة منها في تأكيد واضح على وجود أزمة حقيقية داخل مشروع تونس. استقالة أخرى معلنة أيضا للقيادي والسفير السابق في بيروت سمير عبدالله حيث دون على صفحته الخاصة رسالة مفتوحة إلى أصدقائه والرّأي العام جاء فيها: «قدّمت استقالتي من حركة مشروع تونس ومن عضويّة مكتبها السّياسي، تجربة انتهت وأطوي صفحتها بايجابياتها وسلبياتها.. بحلوها ومرّها..، اخترت أن أبقى وفيّا لقناعاتي وما يمليه عليّ ضميري وأن أحافظ على رصيد الثّقة الذي كسبته لدى الرّأي العام بتعبي وصدقي واخلاصي لهذا الوطن العزيز.. محطّة سياسيّة أغادرها لكن المشوار متواصل من الموقع الذي كنت فيه دائما.. موقع الدّفاع عن الخيار الوطني العصري التقدّمي وهو خيار وطن.. والوطن فوق الأحزاب». ولئن لم يكشف عبدالله عن أسباب استقالته فان مهدي عبدالجواد كان أكثر وضوحا وهو ما تضمنته الفقرة الثانية من بيان الاستقالة، والتي جاء فيها قوله: «إن الفوضى التنظيمية والكثافة البيروقراطية.. والتعامل غير الجدي مع المناضلين والمناضلات واحتقار المستقيلين وتشويههم.. أفقدت الحزب قيمته في الجهات ولدى المواطنين». ويبدو واضحا أن منسوب الاستقالات داخل الحزب هو في الواقع منسوب غير مستقر بعد انتشار عدوى الاستقالات من القاعدة إلى القمة حيث شملت قيادات محلية وجهوية بالإضافة إلى إنها لامست مستويات عدة من هيكل الحزب بلغت حتى أعضاء من المكتب التنفيذي والمجلس الوطني. ورغم تباعد الاستقالات زمنيا فان جميعها اتفق على ذكر سبب مباشر لهذا التسونامي بالتأكيد، حيث أكد الجميع «على غياب مبدأ التعامل الديمقراطي وتراجع الحوار كمنطلق للعمل السياسي المتواصل»، غير أنه من الملاحظ أن نشر الاستقالات بشكل متواتر يبعث القلق والحيرة حول واقع الاستقالات وتأثيرها على استمرارية العمل داخل المشروع سيما وأن الوزن السياسي للمستقلين يطرح اكثر من سؤال، حيث يحصل كل هذا في انتظار عدد من نواب الكتلة النيابية بعد استقالة عصام الجموسي، هذا إلى جانب ما يدور في الكواليس عن إمكانية تقديم اهم قياديين استقالاتهما اما نهاية هذا الاسبوع أو بداية الاسبوع القادم على أقصى تقدير. استقالات الحزب تقابلها عملية استقطاب واسعة يقوم بها المشروع حيث تنشر الصفحة الرسمية للأمين العام أو صفحة الحزب صورا والسير الذاتية للملتحقين وإذ يرى متابعون أن للحزب «ماكينة» لا تتوقف فإن آخرين يرون في تلك الاستقطابات والصور مجرد تعبئة للفراغات التي تركها المستقيلون. ويذكر ان عدلا منفذا توجه في الآونة الاخيرة الى المقر الاجتماعي لحزب مشروع تونس والى الامين العام محسن مرزوق، وقد تضمن محضر عدل المنفذ دعوة العارض عضو المكتب السياسي للحزب شكري عبدة الى «ضرورة الافصاح عن تمويل الحزب والاسباب الحقيقية لسطو الامين العام عن حركة مشروع تونس من خلال التفرد بالرأي وطرد المخالفين حيث بلغ عددهم أكثر من 100 شخصية بين مؤسسين ونواب ومناضلين جهويين»، كما تضمن المحضر دعوة صريحة لعقد اشغال مؤتمر استثنائي للرد على «تجاوزات محسن مرزوق». ويذكر أن الامين العام لحركة مشروع تونس محسن مرزوق راسل عضو المكتب السياسي للحزب شكري بن عبدة عن طريق رئيس لجنة النظام صلاح البرقاوي ليبلغه فيها عن تجميد عضويته من المشروع ليطرد منه فيما بعد.