تنطلق غدا مناقشة ميزانية الدولة لسنة 2018 بمجلس نواب الشعب في ظروف غير عادية.. وأجواء ساخنة على مستوى التحالفات والتكتلات السياسية والبرلمانية التي سبقت انطلاق المصادقة، فقد فتح تأسيس جبهة برلمانية (وتضم عددا من نواب النداء ونواب آفاق تونس خاصة باعتبار أن حزبهم شريك في الحكومة..) أبواب الرد بجبهة مضادة قيل عنها أنها تنسيقية ولكنها في النهاية "ترويكا ثانية" تجمع النداء والنهضة اللذين استعادا حزبا كان ينتظر أول زلة لآفاق تونس لينقض على الفرصة ويعود إلى أحضان الحزبين الحاكمين. فبقدرة قادر أصبح الاتحاد الوطني الحر يدعم حكومة الوحدة الوطنية ووثيقة قرطاج.. وإذا كان الاتحاد الوطني الحر أول مستفيد من انبعاث هذه الجبهة، باعتبارها تضم حزبا يعتبره "الوطني الحر" غير مؤهل للحصول على حقائب وزارية هي من حقه لكونه يأتي في المرتبة الثالثة من حيث عدد النواب، فإن النهضة ،التي تمنت ظاهريا النجاح للجبهة البرلمانية، (هي تدرك جيدا أنها أسست ضدها، وليست ضد حليفها)، طلبت من الاتحاد الوطني الحر العودة لتدعيم كتلتها وكتلة النداء في البرلمان بما يمكن من تمرير القوانين والقرارات والمقترحات بأكبر عدد ممكن من الأصوات... رغم الظروف التي يعيشها الوطني الحر بسبب مشاكل رئيسه.. وأول ثمرة "للترويكا" الجديدة كانت انتخاب رئيس هيئة الانتخابات وبما أن النهضة صاحبة بدعة "الترويكا" بعد انتخابات 2011، فلم يعد تهمها مشاكل المتحالفين معها بقدر ما يعنيها حشد الأصوات وجلب التأييد لضرب الجبهة البرلمانية من ناحية باعتبارها تعرف أنها موجهة ضدها تحت مظلة الرضا عن الوطني الحر ،وحماية نداء تونس، الحزب الحاكم بكتلة نيابية يقل عددها بشكل بارز عن الحزب الثاني وهو حركة النهضة.. فالنداء لا تقلقه الجبهة مباشرة لتقارب المنتمين إليها فكريا من الحزب الحاكم.. ولكن بما أن "النهضة" منحته فرصة الزعامة حتى بعد تشتته وتسجيله لعديد الانسحابات وتقهقر عدد كتلته فيحتم عليه الواجب أن يبقى في نصرة "النهضة" التي باتت تقود الساحة السياسية على جميع المستويات لكن على الاتحاد الوطني الحر أن يفهم جيدا أنه يبقى مجرد رقم في حسابات الحزبين الحاكمين لأن أي "ترويكا" مآلها الاندثار..، ودائما المستفيد الوحيد من أية تحالفات أو أي عمل جبهوي حتى لو كان مضادا لها... والمؤكد أن "النهضة" لطالما تمكنت بفضل تماسكها رغم مشاكلها الداخلية من قلب كل الموازين لصالحها.. فالانتخابات البلدية ستكون المستفيد الأبرز منها، وستتربع على عرش السلطة المحلية.. وفي مجلس النواب يعود الجميع بفضل انضباط كتلتها وعلى الساحة السياسية ما انفك تتغلغل، وهو أبرز استعداد لها لانتخابات 2019، التي قد تكتسحها وقد ترضى بعد ذلك على النداء أو تفك الارتباط به بما أن "الأحزاب الأتباع" قد تصطف وراءها وحينذاك لا عزاء للنداء ولا أيضا للوطني الحر، ويكفي البقية بما في ذلك حركة مشروع تونس وآفاق تونس وبعض الأحزاب الأخرى شرفا ،أنها نبهت مبكرا لهيمنة "النهضة".. وانحراف النداء عن توجهاته الرئاسية.