لا شك أن العلاقة بين النداء والنهضة قد ظهرت انشقاقاتها وشروخها رغم كل محاولات التنميق والتزويق، فبعض القيادات في النداء أطلقت خراطيشها على التحالف القائم بينهما، وكذلك دفاع النهضة كان واضحا عندما اعتبرت أن النداء عاجز بدونها، ثم عادت بيانات «الملاطفة» وتصريحات الدفاع عن التوافق والتحالفات.. في وقت تحتاج فيه البلاد إلى حزب قوي يسير ويحكم وآخر أقوى في صف المعارضة... ومن المؤكد أن هذا التوافق لم يعد حقيقة إن لم نقل غير مبني على أسس صحيحة باعتباره محكوما بتبادل المنافع والمصالح بين الحزبين ولذلك قال الأمين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي إن البلاد تعيش بتوافق مغشوش وأردف الأمين العام المساعد بوعلي المباركي بأن البلاد تعيش أزمة سياسية حقيقية... وبالتالي فشلت «النهضة» ب«الترويكا».. ثم مع حكومة الحبيب الصيد وبعده مع حكومة الوحدة الوطنية، فالحزام السياسي للحكومة الذي يتحدث عنه النداء هو حزام ملمع في ظاهره لكنه في الباطن يعاني من التهرئة والتقطعات وبالتالي حتى وضع الحكومة بات يخشى عليه من هذه التقطعات والشروخ في الحزام... وإذ صحيح أن ممثلي آفاق في الحكومة قد خيروا خدمة البلاد على البقاء في حزبهم.. وحزب المسار تمسك بمساندة وثيقة قرطاج والبقاء في الحكومة من خلال دعم وزير الفلاحة سمير بالطيب الذي يعاني من تشكيك النداء خاصة والنهضة أيضا، فحافظ قائد السبسي انتقد حزب المسار رغم أنه ضارب في القدم وضم في صفوفه أشهر المناضلين... الندائيون يعتبرون أن المسار والجمهوري رغم أنهما ضما في صفوفهما شخصيات مناضلة كبيرة وكذلك آفاق تونس أحزاب لا تصلح للحكم، لكنهم (الندائيين) فشلوا في جمع 300 صوت في الانتخابات الجزئية بألمانيا وكشفوا حقيقتهم في المقابل اكتشف التونسيون أن الإسهال الحزبي (207 أحزاب) لم يخدم البلاد بقدر ما خدم الأشخاص، وأن الصراع السياسي بينها زاد الوضع الاجتماعي والاقتصادي تأزما.. فالرؤية غائبة والأهداف غير واضحة والبديل غير موجود حتى أن جلها أحزاب بلا طموح وأخرى أحزاب «جوتابل» أو صالحة للاستعمال مرة واحدة.. وهذا ليس في مصلحة الحكومة طبعا. هذا المشهد السياسي لا يخدم الحكومة بأية حال من الأحوال فالصراع السياسي يضيع الكثير من الوقت والعديد من الفرص.. وإيجاد البديل لأي حزب من الأحزاب الحاكمة لا يمكن أن يحصل إلا بتوحيد الصفوف وليس بتزايد عدد الأحزاب وتشتيت المناصرين والأصوات في الانتخابات، حتى لا تبقى الحكومة تحت ضغط حزبين هما النداء والنهضة، خاصة أن رئيس الحكومة قد قالها صراحة في إطلالته الأولى على «الفايسبوك» لمخاطبة المواطنين أن التونسيين يحتاجون إلى حلول ويطالبون بها.. وهذه الحلول لا يمكن للحكومة توفيرها إذا كان الطيف السياسي مشتتا كما أنه لا بد للبلاد من حزب قوي يمكنه قيادة السفينة والتعاطي الايجابي مع معارضة قوية وفاعلة لأنه بان بالكاشف أن ما يسمى بالتوافق ليس إلا مجرد تبادل للمنافع والمصالح والحماية وبقية الأحزاب مشتتة وحتى معارضتها لا وزن لها...