قرّرت أمس، الهيئة الوقتية لمراقبة دستورية القوانين عدم دستورية مشروع قانون عدد 78 لسنة 2017 المتعلّق»بمنح عطلة استثنائية للأعوان العموميين في الانتخابات الرئاسية والتشريعية والجهويّة والبلدية» بعد أن قبلت الطعن فيه شكلا وأصلا، على اثر تقدّم 39 نائبا من الكتلة الديمقراطية وكتلة الحرّة ونواب من آفاق تونس ونواب مستقلين بتاريخ 8 جانفي الجاري باعتبار أن فصول هذا القانون مخالفة لمقتضيات الدستور وتكرّس لعدم احترام مبدأ المساواة بين المواطنين والتمييز بينهم بمنحة امتيازات لأشخاص دون غيرهم ويؤسس لإهدار المال العام. ومع اقتراب المواعيد الانتخابية القادمة وأوّلها الاستحقاق البلدي الذي تفصلنا عليه بضعة أشهر بدأت تُطرح إشكاليات قانونية وتقنية وأخرى تتنزّل ضمن»الأخلاق السياسية» في علاقة بالاستحقاقات وكما تم الطعن في القانون عدد 78 هناك أحزاب أعربت عن»انزعاجها» من خيار حزب نداء تونس بأن تتولّى عدد من الشخصيات الندائية إعداد القائمات الانتخابية ومن ضمن هذه الشخصيات وزراء وكتّاب دولة في حكومة يوسف الشاهد وقد برّرت هذه الأحزاب ذلك بمخاوفها من توظيف إمكانيات الدولة في الحملة الانتخابية للنداء، مخاوف عبّر عنها الحزب الجمهوري بمراسلة رسمية لهيئة الانتخابات للفت نظرها الى ما اعتبره محاولة «توظيف إمكانيات الدولة خدمة لحزب النداء». نداء تونس يبرّر.. قرّر حزب نداء تونس على اثر ندوته الوطنية المنعقدة في 6 جانفي الجاري، تكوين هيئة وطنية للإشراف على إعداد القائمات استعدادا للانتخابات البلدية القادمة، ومن بين الشخصيات الحكومية والرسمية التي اقترحها النداء، وزيرة السياحة سلمى اللومي في خطّة رئيسة لجنة الدعم وشكري بن حسن في خطّة «رئيس لجنة الناخبين والمتابعة الجهوية» كما أعلن حزب حركة تونس تكليف 29 مفوضا من الحركة لمتابعة إعداد القائمات الانتخابية بينهم وزير التربية حاتم بن سالم ووزير الثقافة محمد زين العابدين ووزير الشباب والرياضة ماجدولين الشارني ووزير المالية رضا شلغوم ووزير النقل رضوان عيارة ووزير الخارجية خميس الجيهناوي ووزير أملاك الدولة مبروك كورشيد بالإضافة إلى بعض مستشاري رئيس الدولة ومنهم سليم العزابي وفراس قفراش والناطقة باسم رئاسة الجمهورية سعيدة قراش... ورغم أن هذا الخيار الانتخابي أثار موجة من الانتقادات من طرف عدد من الأحزاب منها حزب»تونس أوّلا» الذي قام بمراسلة هيئة الانتخابات ولفت نظرها إلى إن هناك «تداخلا بين الحزب والدولة» في إعداد الانتخابات وكذلك حزب مشروع تونس الذي انتقد هذا التوجّه بالإضافة إلى حزب المسار الموقّع على وثيقة قرطاج والمشارك في الحكومة حيث اتهم حزب النداء ب»تجنيد حزب نداء تونس لإمكانيات الدولة وأجهزتها عبر تكليف الوزراء وأعضاء الحكومة بالإشراف على الحملات الانتخابية في الجهات يؤثر على المناخ الانتخابي ويمس بالمنافسة الانتخابية». انتقادات واجهها نداء تونس بالتمسّك بحقّه في استغلال كفاءاته وقياداته من أجل الاستحقاق الانتخابي وقد وضّح المدير التنفيذي حافظ قائد السبسي في تدوينة له على صفحته الرسمية أن «أعضاء الحكومة والمستشارين المنتمين لحركة نداء تونس بحكومة الوحدة الوطنية والمستشارين برئاسة الجمهورية هم في الأصل قيادات بالحركة وتوليهم لمهام لا ينفي عنهم صفاتهم الحزبية وانتمائهم السياسي ولا دورهم داخل حزبهم.. وهذا لا يتعارض مع مبادئ العمل الديموقراطي». اتهامات بتوظيف امكانيات الدولة .. من بين الأحزاب التي انتقدت خيارات حزب نداء تونس، الحزب الجمهوري الذي قام بمراسلة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات للفت نظرها لما قد ينجر عن هذا الخيار من تجاوزات وخروقات. وفي تصريح ل»الصباح» اعتبر الأمين العام للحزب الجمهوري، عصام الشابي أن قيام نداء تونس بتسخير طاقم حكومي للاشراف على الاستعدادات للانتخابات هو مؤشر خطيرعن تداخل الحزب مع الدولة وفق تعبيره، وقد أضاف «نحن لفتنا نظر هيئة الانتخابات لهذا الأمر في مراسلة رسمية بعد أن عاين أن بعض الوزراء وبعد يوم من التحاقهم بالنداء تمت تسميتهم كمفوضين في الانتخابات كوزير الثقافة، فماذا يعني ذلك ؟ ذلك لا يعني الاّ أن هناك رغبة في استغلال امكانيات الدولة لأغراض حزبية ثم ان بعض الوزراء لم يعلنوا انضمامهم للنداء ولكن نجدهم ضمن هيئة الاشراف عن الاعداد للانتخابات مثل وزير أملاك الدولة مبروك كورشيد.» ويضيف الشابي كذلك تكليف شكري بلحسن كاتب الدولة لدى وزير الشؤون المحلية والبيئة بملف الانتخابات في الحزب الحاكم يجعل الإدارة غير محايدة خصوصا وانه مكلف بملف الجماعات المحلية وهو ملف ذو علاقة مباشرة بالانتخابات وكذلك تكليف السيدة سلمى اللومي بملف الدعم المالي وهي وزيرة بالحكومة سيجعلها في موقع متميز يمكن أن يؤثر على مبدأ المساواة في الحصول على الدعم المالي الخاص بالحملة الانتخابية كما أن تكليف مستشارين بالرئاسة سيضرب مبدأ حياد رئاسة الجمهورية في الانتخابات البلدية ونحن اليوم نملك أدلّة عن محاولة السطو على امكانيات الدولة لصالح الحزب فوزيرة الشباب والرياضة التي عُينت كمفوّض من حزب النداء في دائرة باجة أعلنت منذ يومين بصفتها وزيرة عن اجراءات استثنائية لفائدة ولاية باجة أليس ذلك دعاية انتخابية للنداء؟». وأشار الشابي الى أن كل ذلك يحصل رغم أن هناك منشورا من رئيس الحكومة منذ أسابيع يدعو الوزراء من خلاله الى عدم توظيف امكانيات الدولة خدمة للأحزاب ويقول الشابي «نحن اليوم ندعو الوزراء لاحترام منشور رئيس الحكومة وندعو هيئة الانتخابات الى احترام الأحزاب والردّ كتابيا على مراسلتنا لتثبت مدى استقلاليتها ومدى حيادها ونحن نريد الردّ على رئيس الهيئة الذي قال أن لا شيء يمنع قانونا من ذلك نحن نريد أن نقول له أن الأخلاق السياسية وحياد الادارة والدولة يمنع ذلك حتى من منطلق دستوري».