عاش غالبيّة التلاميذ بحر هذا الأسبوع ضغطا كبيرا سلّط عليهم من طرف أولياء أمورهم، ضغطا تطور في غالب الأحيان وبلغ حد الهرسلة التي تعكسها بعض الأسئلة من قبيل: هل ستحرز شهادة شكر؟ هل ستتحصل على عدد يساوي عشرين في مادة الرياضيات؟هل ستكون الأول على دفعتك؟ فلا هاجس للولي هذا الأسبوع غير دفتر الأعداد والمعدّل الذي سيحرزه ابنه أو الشهادة التي سيتحصل عليها والتي ستعكس من وجهة نظره تحصيله العلمي ومكاسبه المعرفية «المتميزة» هذا دون أن نتغافل عن النتائج التي ينتظرها الولي بفارغ الصبر لا سيّما في بعض المواد التي تعتبر ذات أفضلية مقارنة بغيرها على غرار مادة الرياضيات والتي يستميت بعض أولياء الأمور في أن لا يقلّ تحصيل أبنائهم العلمي فيها عن 15 من 20. من هذا المنطلق عانى غالبية التلاميذ «الويلات» خلال فترة اجتياز الامتحانات جراء شهاداتي»الشكر» و»الشرف» المنشودة من طرف الأولياء مما ولّد ضغطا نفسيا لدى التلميذ يؤكد المختصون في المجال ان تداعياته ستكون جد سلبية لاحقا على مستوى التلميذ. فالولي يرى في الشهادة التي سيحرز عليها ابنه اعتراف بمجهوده وثمرة جهوده المضنية طيلة فترة المراجعة. في حين يعتقد كثيرون أن المعدّل المتحصل عليه يعكس جيّدا مستوى التلميذ ومهاراته المعرفية متغافلين عن أنّ ارتفاع المعدلات قد يكون نتيجة حتمية لتكثيف دروس التدارك خلال فترة المراجعة بالنظر الى ان المعدلات الممتازة لا تعكس مطلقا وفقا للمختصين درجة ذكاء التلميذ. كما أن المعدل المتدني لا يعكس مطلقا ضعف التلميذ وتدني مستواه التعليمي فقد يكون لهذا التلميذ ملكات إبداع وقدرات خارقة في مواد أخرى غير أن الضّوارب المعتمدة والتي تمنح افضلية للمواد العلمية صنفته في وضعية التلميذ المتوسط. في هذا الخضم تطرح أسئلة ملحة: هل يترجم فعلا المعدل المحرز قدرات التلميذ الفعلية؟ والاهم من ذلك هل نحتاج اليوم وأكثر من أي وقت مضى الى تبني مراجعات جذرية في نظام التقييم المعتمد؟ ولان المربين يدركون أكثر من غيرهم حجم الضغط المسلط على التلميذ فقد أكد كثيرون ل"الصباح" بان الولي لا يهّمه فعلا التحصيل العلمي لابنه ولا الطريقة التي اكتسب بها مهاراته العلمية بقدر ما تهمه الشهادة المحرز عليها والأعداد المسندة إليه خاصة في بعض المواد كالفرنسية والرياضيات. ويفسّر في هذا الشأن المربي سعيد الجديدي أن الولي عادة ما يكثف في فترة المراجعة من دروس التدارك في مادة الرياضيات وتبعا لهذه الحصص المكثفة يتحصل التلميذ على عدد متميز غير أن هذا العدد لا يعكس مطلقا مدى تميز التلميذ او تمكنه من هذه المادة بالنظر الى أن العدد المحرز جاء نتيجة ضغط ونتيجة تكثيف لدروس التدارك في هذه المادة حتى لا يكون لها تاثير على المعدل العام للتلميذ. وفي نفس السياق تؤكد المربية عواطف العلوي أن الضغط المسلط على التلميذ خلال فترة إرجاع دفاتر الأعداد يطال أيضا المربي مشيرة في هذا الجانب إلى أن بعض التلاميذ ينفجرون بكاء خوفا من أوليائهم الذين يطالبونهم بإعداد ممتازة في مادة الرياضيات لا تقل عن 17 من 20 موضحة أنها اضطرت في أكثر من مناسبة الى استدعاء الولي وإقناعه بان العدد المسند لا يعكس فعليا قدرات التلميذ ومكاسبه المعرفية. كما اكد كثيرون أن التلميذ عادة ما يكون خلال فترة إرجاع الدفاتر قلقا من ردة فعل الولي لا سيّما إذا سجل تراجعا في بعض المواد او في المعدل العام. هاجس للأولياء في تفاعله مع الشهادات السالفة الذكر أورد محمد بن فاطمة الخبير في النظم التربوية في تصريح ل»الصباح» انه عادة ما تكون خريطة نتائج الامتحانات هاجسا للأولياء أكثر من التلاميذ بالنظر الى أنهم يمنحون قيمة كبيرة للأعداد المسندة وتحديدا المعدل العام معتبرا أن هذا الموقف يبقى غير مرغوب فيه بالنظر الى تداعياته السلبيّة على نفسيّة التلميذ الى جانب المشاكل التي قد يتسبب فيها في صورة حصول التلميذ على معدل متدن. وأضاف بن فاطمة أنه يجدر بالأولياء البحث عن الأسباب التي أفضت الى هذا التحصيل العلمي المتدني معتبرا في السياق ذاته أن العلاج لن يكون إلاّ بالعمل أو تجاوز الأسباب التي أفضت الى هذه النتيجة السلبية والتي يمكن تجاوزها بالاستعانة بالتلميذ على غرار مزيد العمل على مرافقته أثناء الدّراسة لا سيّما أن الدراسات أثبتت أنّ عدم مرافقة التلميذ دراسيا تنجر عنها صعوبات في التعلم كما ان انخراط الأولياء في الحياة المدرسية يسهّل عملية الاستيعاب ويساهم في نجاح التلميذ. وحول الدعوات المتعالية لاعتماد ضوارب متساوية في جميع المواد المدرجة خاصّة أن البعض يراها المتهم الرئيسي في تقزيم قدرات التلميذ أورد الخبير في النظم التربوية أنه تم الحديث في وقت سابق عن طرح يفضي الى أنّ تكون جميع المواد متساوية في الضوارب لكن سرعان ما تم التراجع عن الفكرة معربا في السياق ذاته عن امله في الخوض مجددا في هذا الطرح حتى تكون حظوظ جميع التلاميذ متساوية. من جهة أخرى وفي تقييمه للمسالة لا سيّما أنّ البعض يرى أن المعدل المحرز لا يعكس مطلقا قدرات التلميذ المعرفية يرى الكاتب العام للنقابة العامة لمتفقدي التعليم الابتدائي نور الدين الشّمنقي في تصريح ل»الصباح» أن عملية التقييم هي نتاج منظومة متكاملة على غرار التقييم الاشهادي والتقييم التكويني موضّحا أن منظومة التقييم تحتاج الى مراجعات معتبرا في المقابل أن إسناد شهادتي شكر أو تقدير للتلميذ يعتبر عاملا تحفيزيّا يشجع التلميذ على الخلق وتنمية قدراته فحتى التلميذ الذي تحصّل على شهادة رضا فهذا سيمثل دافعا له من اجل مزيد البذل والعطاء. غير أن هذا لا يمنع من وجهة نظر المتحدث من إدخال إصلاحات على منظومة التقييم. ثقافة جديدة وفسّر المتحدّث في هذا الإطار أن استماتة الولي في حصول ابنه على معدل جيد يعكس في جزء كبير الثقافة المجتمعية التي تدل على ان المعدل هو ترجمة فعلية لمهارات ومكتسبات التلميذ. ودعا الشمنقي في هذا الإطار الى ضرورة تبنّي ثقافة جديدة تقوم على جملة من المبادئ على غرار تبني ثقافة التكوين والتّحفيز والدافعية والمرافقة فضلا عن تنمية شخصية وذكاء التلميذ معتبرا في السياق ذاته أن المسار الإصلاحي التربوي(المعطل منذ سنتين) تبنى مقترحات إصلاحية وجيهة في هذا الخصوص.