نصف شهر مرهق هو هذا الذي مررنا به جميعا تلاميذا وأولياء ومربين… مراجعة ومتابعة وسهر وإنجاز.. كل ذلك من أجل تكليل كل تلك المجهودات المبذولة على امتداد سداسية بأكملها .. ثم بعد ذلك مرحلة إصلاح الاختبارات… ثم وأخيرا مرحلة احتساب المعدلات وإعداد دفاتر المراسلات المعروفة عندنا ب" الكرني".. الجميع يشعر بالإرهاق… التلميذ ينتظر نتيجة اجتهاده وتعبه ومثابرته… الولي ينتظر نتيجة متابعته وحرصه واستثماراته وتضحياته في سبيل تعليم ابنه… والمربي ينتظر ثمرة تعبه واجتهاده في تدريس تلاميذه وتبليغهم ما يطلبهم منه البرنامج الدراسي السداسي بمختلف محتوياته وأهدافه… فنجاح تلاميذه هو في الأول والأخير مؤشر على مدى نجاحه ونجاعته… الكل متعب.. الكل مرهق.. هذا أكيد.. لكن المربي الذي يعمل بمدارسنا الابتدائية يشعر في هذه الفترة بالذات أنه الحلقة الأضعف وأنه مهضوم الجانب وأن أحدا لا يفكر في معاناته وأنه يعامل معاملة دونية رغم كل ما يبذله من جهود… فالمربي المطالب بإعداد الاختبارات السداسية مع ما يتطلبه ذلك من جهد كبير… هو مطالب أيضا بتمرير الاختبارات في نفس الوقت الذي بقوم فيه بالتدريس .. ثم هو مطالب بالإصلاح وتنزيل الأعداد بدفاتر التقييم بكل تفاصيلها فمثلا مادة القراءة: فالمدرس مطالب بتنزل عدد الاختبار الكتابي وكذلك تنزيل عدد القراءة الجهرية ثم تنزيل العدد النهائي للمادة (مجموع العددين) داخل دفتر التقييم والمتابعة ومرة أخرى على دفاتر التلاميذ… ثم تعمير دفاتر المراسلات للتقييم والمتابعة "الكرني" واحتساب معدلات المجالات والمعدلات السداسية والرتب هذا إظافة إلى كتابة الملاحظات .. كل ذلك في مدة ثلاثة أيام …؟؟؟ ليتم تسليم الدفاتر مباشرة ودون تأخير لإدارة المدرسة "يعني المدير فالإدارة بالمدارس الابتد ائية كما هو معلوم كلها بعهدة المدير بمفرده وفي أحن الحالات مع نائب له" ليقوم هو أيضا بالتثبت والمتابعة والختم لكل دفاتر المدرسة التي قد تبلغ ثمانمائة أو تسعمائة دفترا أوربما أكثر ؟؟؟ بينما زملاؤنا في المعاهد الثانوية يتم تمتيعهم بأسبوع مغلق لتمرير الاختبارات التأليفية … وأسبوع عطلة للإصلاح… ليقوموا بعد ذلك بمد الإدارة بالأعداد وهذه الأخيرة التي تتكون من عديد الإطارات من إداريين وقييمين وكتبة هي التي تقوم ببقية العمل من إعداد لبطاقات الأعداد …. إن الغبن والإرهاق والقهر الذي يعانيه المربي بمدارسنا الابتدائية في كل سداسية أو ثلاثية لا يمكن وصفه… فلا يكفي المدرس عناء إعداد الدروس مع مواصلة العملية التعليمية وإجراء الاختبارات والإصلاح .. نكلفه بعمل إداري مرهق وفي وقت قياسي وهو ما يفوق طاقة البشر .. مما يجعل بعض المربين يصابون بإرهاق شديد وتوعك صحي وضغط نفسي ويجبرهم على التغيب من شدة الضغط والإجهاد.. هذا و لا يجب أن ننسى أن المربين هم أيضا أولياء في نفس الوقت ولهم أبناء بحاجة لمن يقف إلى جانبيهم في نفس تلك الفترة بالذات ؟؟؟ فمتى ترفع هذه المظلمة التي طال أمدها في حق مدرسي التعليم الابتدائي ومتى يصبح لهم هم أيضا إدارة خاصة بمدارسهم تقوم بتحمل الأعباء الدارية من حراسة للتلاميذ أثناء الراحة وأثناء المراجعة من القيام بالأعمال الإدارية المختلفة من وثائق وإحصائيات ودفاتر مراسلة؟؟؟ ومتى تضع نقابتنا الموقرة هذا المطلب المزمن المتناهي القدم على رأس جدول أولياتها؟؟؟ ومتى يفهم الجميع أنه طالما بقي المربي يشعر بالظلم وهضم الجانب فإن حال التربية لن ينجبر مهما نظر المنظرون وادعى المدعون بأنهم جادون في صلاح التربية ومنظومتها المتداعية ؟؟؟