تطفئ اليوم جريدة "الصباح" شمعتها السابعة والستين وهي تواصل مسيرة انطلقت ذات 1 فيفري 1951 حين أقدم المرحوم الحبيب شيخ روحه مع ثلة من الوطنيين على إصدار جريدة تكون صوتا للحركة الوطنية ووسيلة لإذكاء روح النضال الوطني من أجل كسب معركة الاستقلال ومواجهة الاحتلال بالكلمة الصادقة والهادفة لتحقيق حلم الشعب التونسي في التحرر واستعادة الكرامة. ومنذ ذلك التاريخ، أي قبل 67 عاما، تأسست مدرسة صحفية وإحدى كبريات الدور الصحفية في تونس، ويسجل التاريخ الدور الذي قامت به "الصباح" في دعم الحركة الوطنية وإبلاغ صوت المناضلين التونسيين للرأي العام العربي والعالمي محتضنة خيرة الأقلام التي لم تدّخر جهدا للمساهمة في كسب المعركة من أجل الاستقلال ثم في كل معارك التحرر وعلى رأسها تحرير الشقيقة الجزائر والقضية الفلسطينية. وقد واصلت بعد الاستقلال "الصباح" الاضطلاع بدورها الوطني في إقامة أسس الدولة الوطنية الحديثة والارتقاء بأوضاع الإنسان التونسي وهو ما دأبت عليه طيلة عقود رغم التحديات والصعوبات بشتى أنواعها مما جعل منها صحيفة جديرة بالثقة ومرجعا لأجيال عديدة بفضل تمسكها بثوابت توارثتها الأجيال التي مرت على "دار الصباح"، قوامها المصداقية والنزاهة والانحياز للقضايا الوطنية وقضايا التحرر في العالم. وكتب في "الصباح" منذ افتتاحية العدد الأول بقلم محمود المسعدي أغلب النخبة السياسية والفكرية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد إبان معركة الاستقلال وفي مرحلة بناء الدولة نذكر منهم فرحات حشاد، وصالح بن يوسف، وأحمد بن صالح، والشاذلي القليبي، والحبيب الشطي، ومحمد المصمودي، وحسين التريكي، ومحمد مزالي، ومصطفى الفيلالي، والرشيد إدريس، والبشير بن سلامة، والحبيب بولعراس... ولقد نجحت "الصباح" وشقيقاتها"لوطون" و"الصباح الأسبوعي" و"الصباح نيوز" في مواكبة مختلف التطورات التي شهدتها البلاد بعد الثورة وجميع المحطات المفصلية وأدت دورها بكل أمانة متحدية العراقيل والمصاعب من أجل تقديم مادة صحفية جيدة للقارئ التونسي في ظرف تفاقمت فيه منافسة أنماط الإعلام المستحدثة للصحافة الورقية. و"دار الصباح" اليوم ورغم الصعوبات ورغم المنافسة الشديدة وغير النزيهة في بعض الأحيان يصر أبناؤها على مواصلة المسيرة والالتزام بقواعد المهنة وبأخلاقياتها سيرا على الدرب كي تظلّ منارة إعلامية يحتذى بها ومدرسة حقيقية تتخرج منها الأجيال. ويأتي إحياء ذكرى ميلادها هذه السنة والمؤسسة تستعد لدخول مرحلة جديدة من مسيرتها بعد الإعلان عن إجراءات التفويت فيها بوصفها مؤسسة مصادرة..، ويأمل أبناء الدار أن يكون المستقبل أفضل وان تتواصل مسيرة التطوير رغم التحديات الجمة المطروحة أمام القطاع. وان تكون الغاية الأولى للمقتنين الجدد الحفاظ على "دار الصباح" منارة إعلامية بالنظر إلى مكانتها ورصيدها التاريخيين ودورها الوطني والإقليمي والدولي في مراحل تاريخ تونس المعاصر.. واعتقادنا انه بعزيمة أبنائها ستظل "دار الصباح" مؤسسة صحفية كبيرة برصيدها الزاخر وستواصل من موقعها المساهمة في بناء نظام ديمقراطي تحترم فيه الحقوق والحريات وترسخ فيه ثوابت الإعلام الحر والمستقل ويكفل فيه حق التعبير كمكسب جاءت به ثورة الحرية والكرامة.