يعد قطاع الفنون التشكيلية من أكثر القطاعات الثقافية تضررا من مشروع قانون الفنان والمهن الفنية نظرا لخصوصية هذا القطاع واختلاف «عوالمه» ووضعه مقارنة ببقية القطاعات الثقافية الأخرى، الأمر الذي دفع أبناء القطاع للمسارعة بالتحرك بقوة سواء عبر الهياكل الخاصة بقطاعهم كاتحاد الفنانين التشكيليين ونقابة مهن الفنون التشكيلية والرابطة التونسية للفنانين التشكيليين أو بصفة فردية لبعض الفنانين في محاولة للدفع نحو مراجعة بعض الفصول المنصوص عليها في ثنايا مشروع هذا القانون. وقد التقى وفد من اتحاد الفنانين التشكيليين ترأسه الأمين العام الدكتور وسام غرس الله، يوم أول أمس، برئيس لجنة التربية والشؤون الثقافية والبحث العلمي وبعض أعضائها بمقر مجلس النواب. ونزّل وسام غرس الله هذا اللقاء في سياق التحرك العملي لاتحاد الفنانين التشكيليين من أجل إنقاذ قطاعهم مما وصفه ب«المطبات» والمزالق الخطيرة والتضييقات التي يتضمنها ما وصفه «بقانون العسكرة والفن الرسمي» والدفاع عن حقهم الدستوري المتمثل في حرية الإبداع لأنه يشدد على أن المبدع صانع التاريخ والحضارة ومغيّر الطبيعة وموقعه ووجوده ضروري في المجتمع. وأكد أنه ليس من مصلحة أحد في الساحة الثقافية في تونس رفض القانون الذي ناضلوا من أجله سنوات والعودة من جديد إلى النقطة الصفر بل طالب بضرورة تنقيحه فصلا فصلا، وهو ما يعمل أبناء قطاعه على تنفيذه سواء من خلال تقديم مقترحاتهم ووجهات نظرهم إلى اللجنة المعنية بهذا القانون في مجلس النواب او من خلال جملة المقترحات والمشاريع التي تم تقديمها في الغرض. وفيما يتعلق بجملة الفصول التي لا تنطبق في أبعادها وتفاصيلها على قطاع الفنون التشكيلية مقارنة ببعض القطاعات الأخرى بيّن أمين عام اتحاد الفنانين التشكيليين أن مسألة بطاقة الاحتراف غير مطروحة في قطاعهم بل هناك بطاقة مهنية فضلا عن عدم الوضوح والضبابية المسجلة في مستوى الأهداف والمحتوى والاستراتيجيات الثقافية والإبداعية المطلوبة. وأفاد في سياق متصل ان الفن التشكيلي له خصوصياته كغيره من الفنون ومجالات الإبداع الأخرى التي تمارس بطريقة فردية كالأديب والكاتب ولا تمارس داخل مؤسسات كما هو الشأن بالنسبة للمسرح والسينما مثلا. لذلك لا يمكن للفنان الفرد أن يخضع لقانون المؤسسة مع ضرورة أن يكفل القانون حق الجميع في الإبداع والثقافة بحرية وأفاد أن 90 % من الفنانين التشكيليين لا يعتمدون على الفن كمصدر رزق. وفي جانب آخر من الحديث عن النقاط التي طالب الاتحاد بمراجعتها وتنقيحها قال محدثنا: «أعتقد أنه لا أحد يقبل بالشروط المجحفة للحصول على ما يسمونها ببطاقة الاحتراف أو البطاقة المهنية في المقابل ليس هناك حوافز او امتيازات تقدمها سلطة الإشراف. وفي ذلك توجه علني وصريح لغلق مجال ممارسة الشباب لأي نوع او شكل من أشكال الثقافة وخاصة إذا تعلق الأمر بالفنون التشكيلية ليصبح من المستحيل للشباب دخول هذا القطاع الذي يعد من أهم القطاعات الثقافية في تونس وأكثرها تطورا فضلا عن وجود 13 مؤسسة جامعية مختصة في الفنون الجميلة والملتيميديا يتخرج منها سنويا أعداد كبيرة من المختصين في المجال». استبعاد ما له علاقة بالزجر والجباية من جهة أخرى أكد وسام غرس الله أن الحلول المطروحة بالنسبة للقطاع الذي يمثله لا تختلف عن الحلول التي تعني بقية القطاعات الثقافية الأخرى لكن مع تسجيل بعض الاختلافات. وذلك بالعودة إلى مشاريع القوانين التي قدموها في السنوات الأخيرة لوزارة الشؤون الثقافية وكانت ثمرة لسلسلة من الأشغال والاستشارات لأنها كانت بمثابة خارطة طريق واضحة المعالم تحمي الفنان وتدفع نحو تطور الإبداع وتنشيط الحركية الثقافية مع ضمان حقوق كل أبناء الحقل العرضيين منهم ومن يعتمدون على الفن مصدر رزقهم الوحيد. وشدد على أن ذلك القانون لم يتضمن زجرا ولا تضييقا على النشاط الفني، وأن الأداءات الجبائية المنصوص عليها تتنافى مع خصوصية العمل الفني غير الربحية لأنه ليس هناك صناعة فنية في تونس. ودعا محدثنا الجميع إلى ضرورة تقديم البدائل والتمسك بضرورة تنقيح هذا القانون وتعديله تعديلا جوهريا بانفتاح لجنة التربية والشؤون الثقافية والبحث العلمي على مختلف الأطياف الثقافية وتشريكها في هذه عملية التعديل مع ضرورة استبعاد كل ما له علاقة بالزجر والجباية ولا يراعي البعد الاجتماعي للفنان والمبدع.