بات من الواضح ان لبنان يعيش أتون فتنة قادمة تطبخ على نار غير هادئة وانه يتعين على مختلف الاطياف اللبنانية وبرغم صراعاتها الكثيرة الانتباه الى الخطر وسحب البساط أمام كل الاستفزازات الحاصلة لجر لبنان الى صراع طائفي دموي من شأنه أن يزيد الوضع المتأجج في المنطقة التهابا... ولاشك ان دخول اسرائيل على خط الازمة السياسية في لبنان والتهديدات المتكررة لتل أبيب من شأنها أن تنذر بالأسوأ.. نعم، أخطأ وزير الخارجية اللبناني جبران باسل في إهانته لرئيس مجلس النواب نبيه بري الديبلوماسي المخضرم وصوت الحكمة والاعتدال والرصانة في لبنان.. ولا شك أن تسريب ما تفوه به باسيل في حق بري ووصفه بالبلطجة كان خطأ ديبلوماسيا وكان يتعين على الوزير المعني الاعتذار العلني بعد ان انتقلت الازمة الى الشارع بين أنصار الطرفين. فالاعتذار من شيم الكبار وفي هذا الاعتذار طوق النجاة للبنان الذي لولا تدخل الرئيس ميشال عون لتهدئة الأمور لربما كان المشهد مختلفا اليوم.. طبعا ليس مهما البحث عمن يقف وراء تسريب التسجيل الذي يدين وزير الخارجية اللبناني ولا عن أهدافه، فتلك وللأسف هي السياسة وكواليسها وحسابات المتنافسين فيها. والاهداف في مثل هذه الاحوال واضحة ولا يمكن أن تكون لمصلحة لبنان الذي يعاني للحفاظ على بقاء الحكومة الائتلافية الهشة... خطآن أساسيان دفعا بالمشهد اللبناني الى التأزم... أما الأول فمرده ما تم تسريبه على لسان وزير الخارجية اللبناني الذي يفترض أن يكون ديبلوماسيا محاذرا في مواقفه. وأما الخطأ الثاني فيتمثل في نقل الازمة الى الشارع على حد تعبير الرئيس اللبناني لتتحول الى مواجهة بين الطرفين... وربما فات وزير الخارجية اللبناني أن كلمة أو زلة لسان أو تصريحا غير محسوب قد يؤدي الى الحرب في بلد عانى كثيرا ويلات الحرب الاهلية الطائفية وصراعات الاخوة الاعداء في منطقة واقعة على فوهة بركان حيث يقف الاحتلال الاسرائيلي مترصدا متربصا بلبنان الذي خرج لتوه من أزمة استقالة الحريري. ولا شك أن اندفاع المشهد اللبناني أو سقوطه في صراع جديد يشكل أُمنية تتطلع اليها تل أبيب لتكتمل بذلك الحلقة ويلحق لبنان بما يحدث في سوريا والعراق.. والحقيقة أن الرئيس ميشال عون الذي اعتبر "أن كرامة رئيس مجلس النواب من كرامته" قرأ المشهد وأبعاده جيدا، ولعله انتبه لخيوط الفتنة المستيقظة مع عودة التهديدات الاسرائيلية في الجنوب اللبناني، ولكن ايضا مع ارتفاع الاصوات الاسرائيلية الداعية للسيطرة على المياه اللبنانية وتحذير وزير الحرب الاسرائيلي أفيغدور ليبرمان الشركات النفطية من الاستجابة لدعوات لبنان التنقيب عن الغاز في المياه اللبنانية.. تحذيرات من الواضح أنها تسعى الى جر لبنان ومن ورائه "حزب الله" الى مواجهة غير محسوبة مع اسرائيل ولكن هدفها النهائي يظل في السيطرة على ما تم رصده من آبار للغاز في المياه اللبنانية وتحويلها للسيطرة الاسرائيلية وحرمان لبنان من عائداتها.. آسيا العتروس