لا حديث هذه الايام في الشارع التونسي وفي الاحياء الشعبية من شمال البلاد الى جنوبها كالحديث عن لعبة «الحوت الازرق»، اللعبة التي اكتسحت البيوت والمدارس والاعداديات والشوارع وتجمعات المراهقين والمراهقات، هذه اللعبة الموحشة والمخيفة والتي يفزع منها الاولياء الى درجة الهوس وتتحدث عنها المعلمات في تجمعات المآتم والأفراح موجهات اللوم للأولياء الذين يمكنون ابناءهم من هواتف جوالة ذكية جدا ولا يراقبون التطبيقات التي يلعبون بها ولا المواقع الخطيرة التي يلجونها. لعبة "تحدي الحوت الازرق" التي يعتقد البعض انها ترفيهية هي لعبة قاتلة تشجع على الانتحار توجه بها مطورها الروسي فيليب بودييكين الى الأشخاص الذين يعانون الاكتئاب لتسهيل التواصل بينهم خاصة وان بودييكين عانى من الاكتئاب الذي دفعه عديد المرات الى الانتحار ولكن الحقيقة التي اكتشفتها الشرطة الروسية هي انه صممها للتخلص من الأطفال أصحاب الأوضاع النفسية الهشّة )وهو حاليا مقيم في السجن). ولكن كيف تطورت هذه اللعبة من ترفيهية دافعة للتواصل مع الآخرين وكسب التحديات التي تخرج اللاعب من حالة العزلة والرغبة في الموت الى حالة التواصل الى لعبة دافعة للانتحار خوفا من تهديدات مجموعة f57.. التهديدات التي ترتكز على ما تم جمعه من معلومات شخصية على اللاعبين وهم يقومون بالتحدي تحد تلو التحدي الى ان يصلوا الى التحدي رقم 50 وهو الاقدام على الانتحار شنقا او الالقاء بالنفس من مكان عال على شنق النفس؟ ضحية تونسية منذ أربعة أيام هذه اللعبة «الترفيهية» انتشرت في عدد كبير من الدول سنة 2016 وبدأت نتائجها الوخيمة تظهر في تونس سنة 2017 وتواصلت الى بداية 2018 وكانت لها ضحايا من اطفالنا اقدموا على الانتحار ومن بينهم طفلة تدعى ‹›أمل›› من معتمدية خنيس من ولاية المنستير عمرها 14 سنة اقدمت مساء الخميس 15 فيفري 2018، على الانتحار شنقا بسبب لعبة الحوت الأزرق. وقبل «امل» شنق طفل عمره 13 سنة من مدينة زغوان نفسه حتى الموت يوم الأحد 11 فيفري 2018، وقد تبين انه وصديق له في مثل سنه تقريبا مارسا اللعبة وتحدياتها قرابة 50 يوما قبل ان يقدم على الانتحار.كما انتحرت بمنطقة حي الجمهورية بالمنيهلة من ولاية أريانة فتاة تبلغ من العمر 16 سنة بعد سقوطها من سطح الطابق الثاني بمنزل عائلتها، وتوجهت الشكوك الى ان «لعبة مريم» أو «الحوت الأزرق» بعد ان اكد اصدقاؤها انها مارست هذه اللعبة. طبعا عدد الضحايا اكبر من هذا ولا احد يعرف بالضبط عدد الذين تفطن اولياؤهم ومعلموهم وانقذوهم . ومنذ ذلك الوقت تم اطلاق صيحة فزع تتزعمها بعض المعلمات في الاحياء الشعبية تعملن على توعية الامهات وعلى تحذيرهن ودعوتهن إلى ضرورة مراقبة الاولياء لأطفالهم او منعهم نهائيا من استعمال الانترنات والهواتف الذكية، علما بأنه سبق للوكالة الوطنية للسلامة المعلوماتية ان حذرت في بلاغ لها صدر يوم 14 ديسمبر2017، من إبحار الأطفال والناشئة على شبكة الأنترنات وذلك بسبب انتشار لعبة خطيرة تسمى «لعبة الحوت الأزرق» موجهة للأطفال تنتهي بأن يطلب مصمم التطبيقة من الفائز أن ينتحر وذلك بعد أشهر من اللعب والتحدي لاستكمال المراحلة 50 من اللعبة. توعية ودعوة للترشيد تصل حد التخويف ولكن يبدو ان اسلوب التخويف بغاية التوعية الذي تنتهجه بعض النساء ضد بعضهن البعض وخاصة في المآتم ومواكب التعزية -المناسبة الوحيدة التي يتاح فيها اللقاء بين النساء بعد ان اكتفين بالانترنات والتلفزة – اثمرت حيث ذكرت بعض النساء انهن منعن الهواتف عن ابنائهن وأنهن يوصين المعلمات والمعلمين وأساتذة الاعدادي بمزيد المراقبة ومصادرة الهاتف كلما ثبت لهم سوء الاستعمال. وقالت احداهن - وقد اتجهت لها كل الانظار بما في ذلك اهل الميت - انه ليس من العسير على الام الحذرة ان تكتشف ممارسة اطفالها لهذه اللعبة لأنها تتطلب الانزواء وكثرة الاستماع الى الموسيقى الحزينة والكئيبة والرغبة في متابعة افلام الرعب والإسراع في اخفاء الهاتف او تغيير الصفحة كلما احسوا باقتراب أي احد من افراد العائلة منهم وكذلك كثرة فزعهم وإحساسهم بالخطر من اتفه الاسباب اضافة الى تصوير السمك على المعصم او الذراع وفي المناطق التي لا ترى بسهولة في البداية بالقلم الجاف وهي احدى مراحل التحديات التي تتطور الى استعمال الآلات الحادة وجرح الايدي حتى يسيل الدم. الانسحاب من اللعبة ممنوع طبعا اذا اكتشفت الام ما تورط فيه ابنها فليس من العسير ان تنقذه اما هو فلا يمكنه ذلك اذ لا يسمح له المسؤول عن اللعبة بالانسحاب وإذا اصر فيتم تهديده وابتزازه بالمعلومات التي أعطاها عن نفسه وعن افراد عائلته وخاصة عن والديه يهددونه بقتلهما فلا يجد من حل لحمايتهما إلا التضحية بروحه بالإقدام على شنق نفسه او القفز من مكان شاهق. ظهرت هذه اللعبة ايضا وانتشرت بين اطفال في اغلب بلدان العالم وفي بعض الدول العربية بداية من سنة 2017، ونتجت عنها عدة حالات انتحار بين الأطفال والمراهقين ومن بين هذه البلدان لبنانوالجزائر والسعودية، وفي روسيا مثلا تسببت هذه اللعبة في انتحار الطفلة أنجلينا دافيدوفا، 12 عاماً، والطفلة فيلينا بيفن، 15 عاماً، التي قفزت من الطابق 13 بمنزلها في أوكرانيا وتوفيت على الفور، كما توفيت الطفلة خلود سرحان العازمي، 12 عاماً، في السعودية بسبب اللعبة نفسها وفي الجزائر سجلت حالات انتحار لعدد من التلاميذ احدهم في التاسعة من عمره في مدينة سطيف. وقد دفع عدد الاطفال المدمنين على العالم الافتراضي والمنخرطين في هذه اللعبة والمكتفين بالعلاقة مع هواتفهم ولوحاتهم الالكترونية في لبنان الى تحذير الاولياء والمدرسين ودفعهم الى مزيد تنظيم علاقة ابنائهم وإبعاد تلاميذهم بطريقة سلسة عن الألعاب الالكترونية الخطيرة .وحاليا يتحد الاولياء والمدرسة وبعض منظمات المجتمع المدني لمحاربة هذه اللعبة واللعب المماثلة ولترشيد استعمال الاطفال للهواتف الذكية والايباد والانترنات بصفة عامة.