رغم دخول تعاونية الفنانين والمبدعين والتقنيين في المجال الثقافي في تونس حيز العمل منذ نهاية العام المنقضي بعد انتخاب هيئتها التسييرية برئاسة منير بعزيز وفتح باب الانخراط للمعنيين بهذا الهيكل الجديد خاصة منهم المستقلين الذين لا يتمتعون بتغطية اجتماعية أو مورد رزق قار، فإن أعداد كبيرة من الفنانين والتقنيين والناشطين في الحقل الثقافي ليسوا بعد على دراية بخدمات وأهمية ومزايا هذا الهيكل. مما يتوجب على هيئته الإدارية إيلاء مسألة التعريف بخدمات هذه التعاونية وتقريب صورتها والتعريف بأهدافها في الأوساط الثقافية مسألة أكيدة وعاجلة بما يسهّل مهمة الجميع. هذا تقريبا ما أثبتته حادثة وحالة الفنان التونسي فيصل رجيبة الذي تعرض مؤخرا إلى أزمة صحية مفاجئة وحادة تعكرت بسببها حالته الصحية، لكنه وجد نفسه غير قادر على توفير مستلزمات العلاج والمتابعة الطبية رغم أن حالته الصحية كانت دقيقة بسبب محدودية إمكانياته المادية خاصة أنه ليس له دخل قار باستثناء عمله العرضي كفنان. وقد عبر فيصل رجيبة عن استيائه الشديد من تردي وضعيته الاجتماعية وقال في نفس السياق: "رغم مسيرتي الطويلة والحافلة بالنجاحات وشهادات استحسان كل من استمع لصوتي فإني اليوم أقف عاجزا عن توفير مستلزمات علاجي خاصة أن الوعكة الصحية التي تعرضت لها كانت حادة ونجم عنها "تعكرات" أخرى. والخطأ أنه ليس لي دخل قار او تغطية اجتماعية. ومثل حالتي كثيرين في الساحة الثقافية والفنية في تونس". ونوه محدثنا بالدور الكبير والإحاطة التي وجدها من قبل بعض المسؤولين الجهويين في ولاية بنزرت إضافى إلى وقفة بعض الفنانين والموسيقيين وغيرهم من الناشطين في الحقل الثقافي ممن لم يبخلوا عليه بالزيارة والسؤال للرفع من معنوياته وذكر من بينهم كل من لطفي بوشناق وصلاح مصباح وعبدالوهاب الحناشي إضافة إلى نجاة عطية ومنيرة حمدي وغيرهم. مسيرة زاخرة بالألقاب لكن! وتجدر الإشارة إلى أن الفنان فيصل رجيبة يعد من بين الأصوات التونسية البارزة والمتميزة. وله مسيرة زاخرة بالتتويجات على مستويين وطني ودولي. إذ يكفي التوقف عند جوانب من الخطوط العريضة البارزة فيها. فهو من أكثر الفنانين المتحصلين على جوائز في مهرجان الأغنية التونسية بتتويجه خلال مسيرته التي انطلقت في الثمانينات بستة جوائز إضافة إلى حصوله على الميكروفون الذهبي لنفس المهرجان في دورة 1993 والسعفة الذهبية لمهرجان الموسيقى العربية بوريا فضلا عن تتويجه بجائزة مهرجان البحر الأبيض المتوسط للموسيقى سنة 1981 في أول مشاركة له في مسابقة دولية وكان عمره خمسة عشرة سنة تنافس فيها مع عدد من نجوم الأغنية في تلك الفترة على غرار ماجدة الرومي وإيلي شويري. كما تحصل على أكثر من 12 جائزة في المهرجانات والتظاهرات الفنية تؤكد تخصصه في الطبوع التونسية والمالوف. وكانت آخر مشاركة فنية له مع فرقة الرشيدية ببنزرت بتقديم سلسلة من العروض بالعاصمة وعدة ومناطق من الجمهورية في العام الماضي. أما على المستوى الدولي فقدّم سنة 2016 مع جمعية نادي الموسيقى ببنرزت عرض "السيد درويش" بمصر وهو من انتاجهم الخاص بعد أن رفضت وزارة الشؤونه الثقافية دعم هذا الانتاج. كل ذلك لم يشفع لصاحب الصوت المتميز ليوفر ما يحتاجه من إمكانيات مادية يحتاجها في محنته الصحية التي يمر بها اليوم. ولكنه برز في السنوات الأخيرة بغيابه عن الساحة وقلة الانتاج والظهور الإعلامي. وحول هذه المسألة وأضاف هذا الفنان قائلا: «صحيح أني متحصل على ديبلوم في الموسيقى وسبق أن درست بالعهد العالي للموسيقى لكن بصفة عرضية. لذلك وبسبب ظروف معينة خيرت العودة للإقامة بمسقط رأسي بنزرت. الأمر الذي أثر سلبيا على مشواري الفني حيث أصبحت فرص العمل والنشاط والحضور الإعلامي أقل. لتتراكم الظروف ليصل الأمر إلى الحالة التي أصبحت عليها اليوم". واعترف في جانب آخر من حديثه ل"الصباح" أن نقص التأطير والابتعاد عن دائرة العمل والضوء بالعاصمة من العوامل التي أثرت على مسيرته. وأكد أنه تلقى وعودا من السلط الجهوية، التي تدخلت في عديد المناسبات لفائدته أو من ممثلي السلط الرسمية، بالتدخل لإيجاد حلول عاجلة لحالته الصحية وتسوية وضعيته الاجتماعية باعتبار أنه لا يتمتع بتغطية اجتماعية ثم أن وضعه الصحي يتطلب متابعة علاجية دقيقة بصفة يومية.