أعلنت المنظمة التونسية للأطباء الشبان أمس خلال لقاء صحفي عقدته بالعاصمة عن اعتزامها اتخاذ خطوات تصعيدية جديدة في صورة عدم تجاوب سلطة الإشراف مع مطالبها في غضون اليومين القادمين.. وأكدت أنه على ضوء اجتماعات عامة تقريرية بمنظوريها في كليات الطب الأربع قررت مواصلة التحركات وتعديل تراتيب الاحتجاج في اتجاه سحب الأطباء المتربصين المقيمين والداخليين من مواقع التربص بجميع المستشفيات الجامعية بداية من يوم الاثنين القادم خلال الفترة الممتدة من الثامنة صباحا الى الثانية بعد الزوال، مع تأمين حصص الاستمرار الممتدة من الثانية بعد الزوال الى الثامنة صباحا بأقسام الاستعجالي والانعاش، ومواصلة اضراب الطلبة، وذلك إلى حين امضاء محضر اتفاق يوثق التزامات وزير الصحة العمومية حيال المنظمة. وبين جاد الهنشيري رئيس المنظمة، أن مطالبهم تتلخص في أربع نقاط اساسية أولها نشر النظام الأساسي الخاص بالمتربصين الداخليين والمقيمين كما تم الاتفاق عليه منذ شهر فيفري 2017. وأكد ان النظام الاساسي جاهز وهو مكسب للطب في تونس وللأطباء الشبان ولكل من يحتاج الى الصحة العمومية. أما المطلب الثاني فيتمثل في الحفاظ على الشهادة الوطنية للدكتوراه في الطب وعدم دمجها مع شهادة الاختصاص، وفسر أن الدراسات الطبية تعرضت الى تنقيح أول سنة 2012 وتنقيح ثان سنة 2015 دون ان يقع تشريكهم فيه، كما ان جوهر التنقيحات غير معروف وطرق تطبيقها غير مدروسة وهو ما نتج عنه نقص بحوالي خمسين بالمائة في عدد المتربصين في الطب ثم أنهم فوجئوا لاحقا بأن سلطة الاشراف ودون تشريكهم تنكب على تنقيح الأمر في اتجاه الغاء الشهادة الوطنية للطب.. وقال الهنشيري ان الشهادة خط أحمر وبين انه من غير المعقول ان ينتظر طالب الطب تسع سنوات كاملة او اكثر حتى يحصل على شهادة ومن يرغب منهم في استخراج بطاقة تعريف وطنية يجد امام المهنة عامل يومي او ربة بيت. وعبر عن رفض المنظمة رفضا قاطعا حجز الشهادة العملية وقال انه من غير المعقول اطلاقا ان لا يقع تسليم الشهادة الى صاحبها الا بعد نهاية التخصص. وندد رئيس المنظمة بشدة بما وصفه بتعاطي سلطة الاشراف مع الاطباء الشبان بالعصا الغليظة وذكر ان هذا الاسلوب هو الذي يجبرهم على الهجرة وهو الذي أدى الى نزيف كبير في قطاع الصحة العمومية. وأضاف أن عقلية السيطرة والوصاية تتجسد في غياب التشاركية، فسلطة الاشراف لم تشرك احدا في صياغة الاوامر حتى المجالس العلمية لم تكن على بينة بمضامينها أما المنظمة فقد وجهت 13 مراسلة للوزارة لمطالبتها بمدها بنسخة من المشروع لكن دون جدوى. وأضاف أن رئاسة الحكومة أعادت مشروع النظام الاساسي الى وزارة الصحة منذ اشهر لكن الوزارة احتفظت به في الدرج لأنها تدرك ان نشره سيفضح الخور الموجود في قطاع الصحة العمومية وسيكشف النقص المهول في عدد الاطباء والاطارات شبه الطبية وذلك لأن الوزارة تستعمل المتربصين والاطباء المقيمين كغطاء للنقص الفادح في الموارد البشرية. ويتمثل المطلب الثالث للمنظمة التونسية للأطباء الشبان حسب جاد الهنشيري في مراجعة شروط الاعفاء من الخدمة الوطنية بما يضمن المساواة مع باقي المواطنين التونسيين. وبين أنه من حق الأطباء الذين لهم ظروف اجتماعية او صحية ان يتمتعوا بالإعفاء.. وذكر ان وزارة الصحة ترسل قائمة بأسماء الاطباء المتخرجين حديثا لإدارة التعبئة والتجنيد ليقع تجنيدهم دون اي استثناء لا للمرأة الحامل ولا لمن في كفالتهم اباء وامهات ولا لمن لهم ابناء وهم اذا رفضوا تقع احالتهم على المحكمة العسكرية. وبخصوص هذه النقطة قال رئيس المنظمة انه تم وعدهم بان يتم التدخل والأخذ بعين الاعتبار ظروف الاطباء المتخرجين حديثا العائلية والصحية. وذكر جاد الهنشيري ان المطلب الرابع للمنظمة يتمثل في مراجعة اجور زملائهم الاجانب الدارسين بكليات تونس لضمان التساوي مع نظرائهم التونسيين من مقيمين وداخليين.. وذكر ان الأطباء المتربصين القادمين من فلسطين وموريتانيا وغيرها من البلدان يقدمون خلال فترة تربصهم الداخلي والاقامة مثلهم مثل التونسيين نفس الخدمات للمرضى لكن وزارة الصحة تمنحهم منحة تقدر بثلث المنحة التي تعطيها للتونسيين مستغلة وضعياتهم الصعبة. تحركات احتجاجية ذكر جاد الهنشيري خلال اللقاء الصحفي بالتحركات الاحتجاجية للمنظمة التونسية للأطباء الشبان، وقال ان المنظمة اودعت ثلاث برقيات اضراب بالإضافة الى ايقفات احتجاجية للتربص والدراسة. وكانت أول برقية اضراب يوم 30 نوفمبر 2017 وكانت الشرارة الاولى للثورة في القطاع الصحة وبعد اجتماع مع وزير الصحة تعهد خلاله بأنه سيتم التعامل الجدي مع المطالب المدونة في ثلاثة محاضر اتفاق سابقة بتواريخ 2012 و2014 و2017 سبقت المنظمة حسن النية لكن الى حدود شهر جانفي 2018 لا يوجد اي تقدم فأصدرت برقية اضراب ثانية بمدة ثلاثة ايام بداية من السادس من شهر فيفري 2018 نظرا لعدم قبول التفاوض حول مطلب الشهادة الوطنية للدكتوراه في الطب.. وتوج هذا التحرك باجتماع مع كاتب عام الحكومة ورئيس ديوان رئيس الحكومة تم التأكيد خلاله على ان وزارة الصحة هي المسؤول عن نظام الدراسات الطبية وأنها مطالبة بالبت في مطالب المنظمة.. واثر ذلك تم ايداع برقية ثالثة لإضراب بستة أيام في 9 فيفري 2018 وتم المضي في الاضراب بنظام ايقافات عمل احتجاجية يومية. وذكر رئيس المنظمة ان ما حدث معهم مهزلة لأنه لم يقع احترام ثلاثة محاضر ممضاة وقال انهم اعتقدوا بفضلها ان الشمس ستشرق على مستشفيات تونس لكن المتربص الداخلي والمقيم لم يتغير حاله وهو يمضي سنوات طويلة من التربص يذوق فيها الويلات، فالدول الاخرى تفتح لهم الابواب على مصراعيها اما تونس فسلطة الاشراف تحسسهم انها غير مستعدة حتى لكي تقدم لهم مطلبا بسيطا وهو امر حكومي ينظم تربص الاطباء ويقول لهم انه ليس من حقكم العمل بصفة مسترسلة اكثر من 24 ساعة، ففي البلدان الاخرى يحجر على الطبيب العمل اكثر من 24 ساعة لكن في تونس يضطر للعمل 48 وحتى 72 ساعة بصفة مسترسلة. وحذر رئيس المنظمة سلطة الاشراف من ان الاطباء لن يصمتوا وأنها لن تتلاعب بمصيرهم وذكر ان ايقاف التحرك امر غير مطروح ومن العيب على وزارة الصحة ان تستهين بطلب المنظمة المتمثل في العودة الى القواعد واستشارتها وذكر ان القواعد هي التي قررت عدم ايقاف التحرك وهي تحمل المسؤولية لسلطة الاشراف. وبين ان وضعية المستشفيات متأزمة وذكر ان الاطباء المتربصين يشعرون بالخطر المحدق بالصحة العمومية فلوبيات الفساد لا تريد ان يتغير اي شيء. والبارونات التي تستغل مكانتها في المستشفيات من اجل النهب وتجاوز القانون تريد ان يتواصل استغلال الاطباء المقيمين والداخليين للتغطية على غيابها عن المستشفى العمومي عندما تكون تعمل في القطاع الخاص في منافسة غير شريفة للقطاع العمومي. وخلص رئيس المنظمة الى ان الاطباء الشبان هم حاليا في مرحلة اللاعودة الى الوراء وان الشرارة الأولى لثورة في القطاع الصحي العمومي ستكون على ايديهم. شيطنة قدم زياد بوقرة عضو المنظمة بسطة عن مسار اعادة هيكلة الدراسات الطبية الذي انطلق منذ سنة 2008 ولم يقع تشريك الطلبة والاطباء الشبان في صياغة القرار الذي يراد بمقتضاه حرمان الطبيب الشاب من الشهادة الوطنية للدكتوراه في الطب وبين انهم تصدوا لهذا الامر بقوة وطالبوا بمراجعة مشروع اعادة الهيكلة وبوضع نظام اساسي يضمن للمتربص في الطب حقوقه.. وذكر ان الاطباء الشبان عندما تمسكوا بمطالبهم المشروعة تمت شيطنة تحركاتهم وتسييس قضيتهم وتجريمهم واكد ان المنظمة مستقلة وبعيدة عن كل التجاذبات السياسية. ومن جهتها قالت ريم محجوب الطبيبة والنائبة عن افاق تونس ونداء التونسيين بالخارج والطبيبة التي واكبت الندوة الصحفية رفقة بعض الاطباء أن المشكل اعمق بكثير من اصدار نظام اساسي خاص بالمتربصين الداخليين والمقيمين فهو يتعلق بوضعية قطاع الصحة العمومية ككل الذي يحتاج الى حلول جذرية وحذرت من انه في صورة تواصل الامر على ما هو عليه الان خاصة في علاقة بهجرة الاطباء لن يجد التونسيون في المستقبل من يعالجهم.