رغم أننا تعودنا على التغريدات الغريبة والمتناقضة في أحيان كثيرة مع أبجديات الديبلوماسية والتعامل السليم مع الدول الأخرى الأعضاء في المجموعة الدولية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إلا أن ما صدر عنه أخيرا من مواقف فيما يتعلق بسوريا تحدث فيها عن قرار يعتزم اتخاذه بسحب القوات العسكرية الأمريكية منها خلال فترة وجيزة، يدفعنا إلى التساؤل عن حدود الجشع والوقاحة التي يمارسها إزاء الدول العربية، والخليجية منها وعلى رأسها المملكة العربية السعودية. ذلك أنه مع عدم إنكارنا حق الولاياتالمتحدة في اتخاذ ما تراه من قرارات تتواءم مع مصالحها الرئيس، نرى أن الرئيس ترامب قد تعمد المغالطة بإعلانه رغبته في سحب القوات الأمريكية من سوريا لوقف نزيف الأموال الباهظة المنفقة في هذه المنطقة والمقدرة ب70 مِليار دولار في سوريا و7 تريليونات دولار أُخرى بالشرق الأوسط على مَدى السنوات الماضِية، والتي قال أن بلاده لم تَجن مقابلها غَير القتل والدمار. ونقول مغالطة لأن الرئيس الأمريكي أكثر من يعلم أن القوات الأمريكية لم يتم إرسالها إلى سوريا استجابة لهذا الحليف أو ذاك في المنطقة بل لتنفيذ مخطط استراتيجي أعد في واشنطن من أجل خدمة أهداف ومصالح أمريكية بالأساس... مخطط ظاهره تقوية جانب معارضي الرئيس بشار الأسد لتمكينهم من الانتصار عليه والإطاحة به وبنظامه من السلطة، وباطنه السيطرة والاستحواذ على مصادر الطاقة في هذا البلد، ولهذا اختارت القوات الأمريكية التمركز على منطقة يتجمع داخلها ما نسبته 95 بالمائة من إنتاج سوريا من النفط. فهل فعلا تنوي إدارة الرئيس ترامب التخلي عن كل هذا وتفسح المجال لكل من روسيا وإيران بتحقيق أهدافها التي تتناقض تماما مع أهداف واشنطن بكل حرية؟ سؤال يغني عن الجواب... ويبدو من الواضح ما يستهدفه زعيم البيت الأبيض الذي يدرك حاجة المملكة العربية السعودية ودول الخليج العربية الأخرى الخليفة لها للدعم والمساندة الأمريكيين لها في مواجهة الطموحات والمخططات الإيرانية، ألا وهو مزيد ابتزاز هذه الدول لدفع المزيد من الأموال إلى واشنطن. إنه الجشع الترامبي الذي لا ينتهي، والذي يتوجب على الدول المعنية التصدي له ورفضه في نهاية المطاف.