أثار «النقاش» الذي دار بين مايا القصوري والمدعو الشاب بشير في برنامج «كلام الناس»، ردود أفعال كثيرة بين لائم لمايا على دخولها في نزال غير متكافئ القوى وبين متشف فيها ومتلذذ لما تلفظ به ذاك «الرجل» من عبارات جارحة إن لم نقل فيها الكثير من قلة الحياء. وفي الحقيقة هذه المرأة ليست المرة الأولى التي تكون فيها عرضة للعنف اللفظي وحملات التشويه والإساءة، سواء في البلاتوهات أو على صفحات التواصل الاجتماعي إلى درجة أن عديد الصفحات عمدت إلى فبركة وتركيب فيديوهات الغاية منها هي الإساءة قدر المستطاع إلى هذه المرأة وهي صفحات تقف وراءها جهات لا تروق لها أراء مايا التي تفضحهم وتعريهم. ولعل ما شد انتباهي هو أن السلاح الذي يستعمل ضدها في كل مرة، سلاح غير شريف ولا يستعمله إلا من لا حول ولا وقوة لهم من العُجّز. محاولات تشويهها أخلاقيا أو التعاليق الجانبية حول المظهر – وإن كانت في رأيي أنيقة ومتناسقة- وغير ذلك من السخافات مثل محاولة إحراجها بسنها !!! والحال أنها تقريبا من القليلات، التي تصرح بسنها بلا حرج ولا عقد. وماذا يعني أن يكون الإنسان في الثلاثين أو الخمسين أو السبعين؟... هل أن سن الإنسان معرّة أو نقيصة؟ مثل هذه الخزعبلات لا تصدر إلا عن عجّز وجهلة وهي محاولات فاشلة لإرباكها... ولكن لماذا؟ لأنهم يعلمون جيدا أن لا أدوات تحليل لديهم ولا قدرة لهم على المجابهة بالحجة والإقناع ومقارعة الفكرة بالفكرة.. عجز يحاولون تغطيته بالتهريج.. وإضحاك «الجمهور» الذي يصفق في كل مرة ولا يدري لماذا.. الغريب أن من بين الذين يصفقون فتيات.. تتحمل مايا لؤم «الضيف الكريه» دفاعا عنهن وهن غافلات.. يصفقن ولا يعلمن لماذا تثور مايا وتتحمس عندما يتعلق الأمر بالإساءة للمرأة ولقيم الحداثة.. يصفقن ل»رجل» يعتبرهن عورات.. ليس المهم ان يكون صوت المرأة عورة المهم أن مايا جاوزت الخمسة والثلاثين من العمر... لذلك علينا أن نصفق ونضحك و»نشيخ»... التصفيق علامة استحسان وتلذذ. تلذذ ماذا؟ تلذذ الإساءة إلى تلك المرأة. ومن تكون هذه المرأة؟ إنها نموذج للمرأة التونسية المثقفة، ليست أفضل من بقية النساء وقد نختلف معها ولكنها هنا مستهدفة لأنها ابنة المدرسة التونسية البورقيبية الحداثية وظهورها مزعج لهؤلاء خاصة أنها أبدت الكثير من التمكن والصلابة والمتانة والانسجام الذي يجهله الشاب بشير وأمثاله... «تشاو بشير».