يدخل مشروع قانون الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، بداية من الاثنين المقبل في مرحلة ما قبل الأخيرة من مسار الإعداد والتشاور والمصادقة، باعتباره سيكون محور استشارة عمومية على موقع البوابة الوطنية للإعلام القانوني التابعة لرئاسة الحكومة وعلى الموقع الرسمي لوزارة التكوين المهني والتشغيل. مسار أخذ حيزا زمنيا طويلا دام لسنوات (بداية التفكير في منظومة قانونية تتعلق بالاقتصاد التضامني انطلقت منذ سنة 2013 ودافع عنها وتحمس لها وتبناها خاصة الاتحاد العام التونسي للشغل). ورغم تبنيه رسميا من عدة حكومات متعاقبة بعد الثورة وخاصة الحكومات المنبثقة عن انتخابات 2014، إلا أن التريث كان السمة الغالبة على مسار الإعداد القانوني والتشاور في آليات الاقتصاد التضامني ومنظومة تمويله وتنظيم هياكله.. وينتظر أن تدوم مرحلة الاستشارة العمومية حوالي شهر يتم اثرها تعديل مشروع القانون على ضوء المقترحات والملاحظات المقدمة من العموم قبل أن يتم في مرحلة لاحقة وأخيرة إحالته على مجلس الوزراء للمصادقة والذي يحليه بدوره على أنظار مكتب مجلس نواب الشعب.. على أنه وجبت الإشارة إلى أن مشروع القانون التي ستعرضه الحكومة على الاستشارة يعتبر في جانب كبير منه نتاج لمقترحات تقدمت بها مكونات المجتمع المدني عل رأسها الاتحاد العام التونسي للشغل الذي كان سباقا إلى اعداد مشروع قانون مشابه واقترحه رسميا على السلطات المعنية ( رئاسة الحكومة) في منتصف سنة 2016. وكانت وزارة التكوين المهني والتشغيل قد أكدت مؤخرا في بلاغ لها، أن مشروع قانون الإقتصاد الاجتماعي والتضامني الذي تمت صياغته وفق مقاربة ومنهجية عمل تشاركية جمعت الحكومة والأطراف الاجتماعية ومختلف الهياكل العمومية المتدخلة، يهدف الى تحديد مفهوم واضح له وضبط مبادئه وأهدافه التي ترتكز أساسا على قيم العمل التشاركي والتسيير الديمقراطي واستقلالية التصرف وتنمية روح المبادرة التضامنية اضافة الى تغليب المصلحة النفعية والإجتماعية على الربحية. ومن شأن الاقتصاد الاجتماعي والتضامني أن يساهم في خلق فرص تشغيل وضمان العمل اللائق الى جانب خلق ديناميكية محلية بما يمكن من تقريب الخدمات. سبيل للتنمية المستدامة ويعرّف مشروع القانون الاقتصاد الاجتماعي والتضامني بأنه «سبيل للتنمية المستدامة والمدمجة، الملائمة لكل مجالات الأنشطة الإنسانية، قوامه الحرية والكرامة والعدالة والتضامن، يشمل الذوات المعنوية التي تمارس أنشطة اقتصادية واجتماعية تستجيب لحاجيات ومصالح مشتركة ومجتمعية دون ان تكون غايتها الأساسية توزيع الأرباح». ويقوم الاقتصاد الاجتماعي والتضامني على مبادئ أولوية الإنسان وقيمة العمل على رأس المال، والمصلحة المشتركة على المصلحة الفردية، مدنية الدولة والمواطنة وعدم التمييز على اسس جنسية او دينية او فئوية، حرية الانخراط والانسحاب، الاستقلالية، الاندماج، الحوكمة الرشيدة، التسيير الديمقراطي باعتماد قاعدة صوت واحد للشخص الواحد، التداول على التسيير، اعادة استثمار الجزء الأكبر من الأرباح الصافية، عدم قابلية الاحتياطات الوجوبية للقسمة او التوزيع. يهدف الاقتصاد الاجتماعي والتضامني إلى تحقيق التوازن بين متطلبات الجدوى الاقتصادية وقيم التضامن الاجتماعي وتكريس العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروات وتحقيق النمو المندمج والمدمج لفائدة كافة الفئات وتحقيق التنمية المستدامة والعادلة القائمة على التوازن بين الجهات والنهوض بالتشغيل في القطاعات التقليدية والمستحدثة عبر تنمية أنشطة مبتكرة، مع توفير العمل اللائق وتنمية قدرات المرأة والشباب وتفعيل طاقاتهم وتوسيع إسهامهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وهيكلة الاقتصاد غير المنظّم والمحافظة على البيئة والثروات الطبيعية وترشيد استغلالها وتحسين جودة الحياة وتحقيق الرفاه الاجتماعي والاقتصادي والمحافظة على القطاع العام ودعمه.. مكونات الاقتصاد الاجتماعي والتضامني تتوزع مكونات الاقتصاد الاجتماعي والتضامني وفقا لمشروع القانون إلى صنفين، صنف يتكون وجوبا بحكم طبيعة نشاطها من التعاونيات وشركات التأمين ذات الصبغة التعاونية والشركات التعاونية للخدمات الفلاحية والتعاضديات والوحدات التعاضدية للإنتاج الفلاحي ومؤسسات التمويل الصغير المكونة في شكل جمعياتي ومجامع التنمية في قطاع الفلاحة والصّيد البحري وتجمّع المصالح الاقتصادية وتعاضديات العمّال ومؤسسات العمّال ومؤسسات العمل الاجتماعي والمؤسسات والهيئات الناشطة في مجال الإحاطة الاجتماعية، ثم وبصفة اختيارية الشركات التجارية التي تستجيب لشرطي الغاية الاجتماعية للنشاط وإعادة استثمار الأرباح في حدود الثلثين على الأقل في مجال موضوعها الاجتماعي باستثناء الشركات التجارية الناشطة في قطاعات الصحة والتعليم والنقل.. هيكلة الاقتصاد الاجتماعي والتضامني يقترح مشروع القانون في الباب المتعلق بهيكلة الاقتصاد الاجتماعي والتضامني احداث هيئة مركزية وهيئات جهوية منتخبة لها صفة الممثل الشرعي والمخاطب لدى السلطات العمومية والأطراف الاجتماعية والمنظمات الدولية ومكتبا وطنيا للاقتصاد الاجتماعي والتضامني والمكاتب الجهوية يتولى تمثيل قطاع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني والعمل على تنميته على المستوى الوطني يتركب من الجلسة العامة ومجلس الإدارة و الكتابة العامة. ويقترح مشروع القانون إحداث مجلس أعلى للاقتصاد الاجتماعي والتضامني كإطار وطني للتشاور والحوار من أجل تطوير مؤسسات الاقتصاد الاجتماعي التضامني وتأهيلها يتولى المساهمة في وضع مخطط خماسي للنهوض بالقطاع وتحفيز انخراط الشباب فيه ودعم مشاركة المرأة في تسيير مؤسساته وتعزيز مقومات العمل اللائق داخلها فضلا عن التعريف به في إطار المؤسسات التعليمية العمومية. كما ينص على احداث مرصد وطني للاقتصاد الاجتماعي والتضامني يتابع تطور قطاع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني على المستوى الوطني ويعد الدراسات عن واقعه ويساعد على أخذ القرارات المتعلقة به ويمسك قاعدة البيانات والمعلومات الخاصة به. آليات تمويل خصوصية ينص مشروع القانون على اجراءات إستراتيجية لضمان استمرارية القطاع خاصة من حيث التمويل والاستثمار على غرار التمويل الذاتي القار عبر اقتطاع المؤسسات 15 % من أرباحها الصافية في شكل مدخرات وجوبية إلى أن تبلغ 50 % من رأس مالها كحد أدنى يضمن ديمومتها زمن الأزمات ولا توزع أكثر من 35 % من نفس الأرباح ويقع إعادة استثمار الجزء المتبقي في المؤسسة في تنمية أنشطتها وتطويرها. تمنح مؤسسات الاقتصاد الاجتماعي والتضامني اعفاءات وامتيازات مالية وجبائية خصوصية. كما تخصص نسبة من الطلبات العمومية لفائدة مؤسسات الاقتصاد الاجتماعي والتضامني مع احترام مبدأ المنافسة وتكافؤ الفرص طبق التشريع الجاري به العمل. وتضبط بأمر حكومي هذه النسبة والشروط المستوجبة في المشاريع والمؤسسات المعنية بهذا الإجراء. كما سيتم احداث بنك تعاوني في أجل ثلاث سنوات من تاريخ المصادقة على مشروع القانون تكون مؤسّسات الاقتصاد الاجتماعي والتّضامني المساهم الرئيسي في رأس ماله وحريفه الأساسي لغاية توفير التمويلات الضرورية للقطاع وبشروط ميسرة تأخذ بعين الاعتبار البعد الاجتماعي للمشروع إلى جانب مردوديته. في الأثناء تفتح بالمؤسسات البنكية ولدى صندوق الودائع والأمانات خطوط تمويل خاصة بمؤسسات الاقتصاد الاجتماعي والتضامني كما تمنح لها امتيازات مالية وجبائية خصوصية إلى أن تحقق إقلاعها وتخصّص لها نسبة من الطلبات العموميّة.