قضية منتحل صفة مسؤول حكومي.. الاحتفاظ بمسؤول بمندوبية الفلاحة بالقصرين    مخاطر الاستخدام الخاطئ لسماعات الرأس والأذن    صفاقس تُكرّم إبنها الاعلامي المُتميّز إلياس الجراية    مدنين: انطلاق نشاط شركتين أهليتين في قطاع النسيج    سوريا... وجهاء الطائفة الدرزية في السويداء يصدرون بيانا يرفضون فيه التقسيم أو الانفصال أو الانسلاخ    في انتظار تقرير مصير بيتوني... الساحلي مديرا رياضيا ومستشارا فنيّا في الافريقي    رابطة الهواة لكرة القدم (المستوى 1) (الجولة 7 إيابا) قصور الساف وبوشمة يواصلان الهروب    عاجل/ "براكاج" لحافلة نقل مدرسي بهذه الولاية…ما القصة..؟    الاحتفاظ بمنتحل صفة مدير ديوان رئيس الحكومة في محاضر جديدة من أجل التحيل    الطبوبي في اليوم العالمي للشغالين : المفاوضات الاجتماعية حقّ ولا بدّ من الحوار    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    انهزم امام نيجيريا 0 1 : بداية متعثّرة لمنتخب الأواسط في ال«كان»    نبض الصحافة العربية والدولية... الطائفة الدرزية .. حصان طروادة الإسرائيلي لاحتلال سوريا    الوضع الثقافي بالحوض المنجمي يستحق الدعم السخي    أولا وأخيرا: أم القضايا    المسرحيون يودعون انور الشعافي    إدارة ترامب تبحث ترحيل مهاجرين إلى ليبيا ورواندا    المهدية: سجن شاب سكب البنزين على والدته وهدّد بحرقها    الجلسة العامة للبنك الوطني الفلاحي: القروض الفلاحية تمثل 2ر7 بالمائة من القروض الممنوحة للحرفاء    الكورتيزول: ماذا تعرف عن هرمون التوتر؟    انتخاب رئيس المجلس الوطني لهيئة الصيادلة رئيسا للاتحاد الافريقي للصيادلة    لماذا يصاب الشباب وغير المدخنين بسرطان الرئة؟    وزير الإقتصاد وكاتب الدولة البافاري للإقتصاد يستعرضان فرص تعزيز التعاون الثنائي    مصدر قضائي يكشف تفاصيل الإطاحة بمرتكب جريمة قتل الشاب عمر بمدينة أكودة    عاجل/ تفاصيل جديدة ومعطيات صادمة في قضية منتحل صفة مدير برئاسة الحكومة..هكذا تحيل على ضحاياه..    الطب الشرعي يكشف جريمة مروعة في مصر    تونس العاصمة وقفة لعدد من أنصار مسار 25 جويلية رفضا لأي تدخل أجنبي في تونس    ارتفاع طفيف في رقم معاملات الخطوط التونسية خلال الثلاثي الأول من 2025    بالأرقام/ ودائع حرفاء بنك تونس والامارات تسجل ارتفاعا ب33 بالمائة سنة 2024..(تقرير)    إقبال جماهيري كبير على معرض تونس الدولي للكتاب تزامنا مع عيد الشغل    وزير الصحة: لا يوجد نقص في الأدوية... بل هناك اضطراب في التوزيع    عاجل/ مجزرة جديدة للكيان الصهيوني في غزة..وهذه حصيلة الشهداء..    الطبوبي: انطلاق المفاوضات الاجتماعية في القطاع الخاص يوم 7 ماي    نحو توقيع اتفاقية شراكة بين تونس والصين في مجال الترجمة    يوم دراسي حول 'الموسيقى الاندلسية ... ذاكرة ثقافية وابداع' بمنتزه بئر بلحسن بأريانة    البطولة العربية لالعاب القوى للاكابر والكبريات : التونسية اسلام الكثيري تحرز برونزية مسابقة رمي الرمح    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تختتم مسابقات صنفي الاصاغر والصغريات بحصيلة 15 ميدالية منها 3 ذهبيات    توقيع عدد من الإصدارات الشعرية الجديدة ضمن فعاليات معرض تونس الدولي للكتاب    عاجل/ المُقاومة اليمنية تستهدف مواقع إسرائيلية وحاملة طائرات أمريكية..    تونس العاصمة مسيرة للمطالبة بإطلاق سراح أحمد صواب    صادم: أسعار الأضاحي تلتهب..رئيس الغرفة الوطنية للقصابين يفجرها ويكشف..    التوقعات الجوية لهذا اليوم..طقس حار..    قيس سعيد: ''عدد من باعثي الشركات الأهلية يتمّ تعطيلهم عمدا''    محمد علي كمون ل"الشروق" : الجمهور على مع العرض الحدث في أواخر شهر جوان    توجيه تهمة 'إساءة استخدام السلطة' لرئيس كوريا الجنوبية السابق    منذ سنة 1950: شهر مارس 2025 يصنف ثاني شهر الأشد حرارة    كأس أمم إفريقيا لكرة القدم داخل القاعة للسيدات: المنتخب المغربي يحرز لقب النسخة الاولى بفوزه على نظيره التنزاني 3-2    وفاة أكبر معمرة في العالم عن عمر يناهز 116 عاما    منظمة الأغذية والزراعة تدعو دول شمال غرب إفريقيا إلى تعزيز المراقبة على الجراد الصحراوي    معز زغدان: أضاحي العيد متوفرة والأسعار ستكون مقبولة    زراعة الحبوب صابة قياسية منتظرة والفلاحون ينتظرون مزيدا من التشجيعات    مباراة برشلونة ضد الإنتر فى دورى أبطال أوروبا : التوقيت و القناة الناقلة    في تونس: بلاطو العظم ب 4 دينارات...شنوّا الحكاية؟    اتحاد الفلاحة: أضاحي العيد متوفرة ولن يتم اللجوء إلى التوريد    رابطة ابطال اوروبا : باريس سان جيرمان يتغلب على أرسنال بهدف دون رد في ذهاب نصف النهائي    سؤال إلى أصدقائي في هذا الفضاء : هل تعتقدون أني أحرث في البحر؟مصطفى عطيّة    أذكار المساء وفضائلها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الصباح» تفتح ملف «الأمن المعلوماتي» القومي: اتهامات ب«اختراق فرنسي».. و«القلب الالكتروني» للدولة تحت الضغط
نشر في الصباح يوم 17 - 05 - 2018

ماذا يحدث في وزارة تكنولوجيات الاتصال والاقتصاد الرقمي؟ هذه الوزارة التي قد تبدو ظاهريا بعيدة عن الجدل العام وعن المشاحنات الحزبية والصراعات السياسية، وعن «اهتمامات» الرأي العام إلا أن اليوم هناك حالة من التململ النقابي داخلها واستياء من عدد كبير من أعوان وإطارات المركز الوطني للإعلامية الذين نفّذوا وقفات احتجاجية، للتعبير عن رفضهم لبعث مؤسسة «التونسية للتنمية الرقمية» واعتبروها تهدّد «الأمن المعلوماتي» الوطني..
ملف آخر يأخذ حيزا من اهتمام الأعوان داخل الوزارة هو قرار تغيير مقرّ الوزارة الذي اتخذه ونفّذه أنور معروف.. ملف محلّ تتبّع قضائي من طرف المحكمة الإدارية اليوم، ورغم تعلّل الوزير بتردّي حالة المبنى الاّ أن النقابة الأساسية بالوزارة وعدد من الأعوان والاطارات احتجوا على التغيير «الاعتباطي» للمبنى واعتبروه هدرا للمال العام وتجاوزا للسلطة ..
حول الاتهامات الموجّهة رأسا لوزير تكنولوجيات الاتصال والاقتصاد الرقمي أنور معروف بتجاوز السلطة والعبث بالأمن المعلوماتي الوطني والاتهامات الموجهة للحكومة وللأحزاب بشأن تسهيل عملية اختراق الاستراتيجية الوطنية للاتصال والاقتصاد الرقمي و«الصمت» عن عمليات تضارب مصالح صارخة وعلى بعض اللوبيات الأجنبية التي تعبث ب»المعطيات الشخصية للتونسيين» تفتح «الصباح» هذا الملف الاستراتيجي والحسّاس .
تغيير مقرّ الوزارة أمام القضاء
تحوّل ملف تغيير المقرّ من مجرّد احتجاجات الى القضية تحت عدد 152577 مرفوعة أمام المحكمة الإدارية ضدّ وزير تكنولوجيات الاتصال الرقمي أنور معروف في الطعن بالإلغاء في قرار الوزير المتعلّق بتغيير مقرّ الوزارة، والتي تم تكييفها قانونا ب «تجاوز السلطة».
فالنقابة والأعوان اعتبروا أن وزير تكنولوجيات الاتصال تعمّد حجب تقريرا مهما في مراسلته وهو الاختبار الثالث والأخير الذي قامت به وزارة التجهيز والإسكان والتهيئة الترابية بتاريخ 12 أكتوبر 2017 حول وضعية البناية وأعطى رأيا مخالفا للتقريرين الآنف ذكرهما.
واقترحت لجنة التفقّد بوزارة التجهيز والإسكان «القيام بطريقة مستعجلة بانجاز أشغال الإصلاحات المتعلّقة بشبكة المياه المستعملة بما في ذلك القنوات والمجموعات الصحية والماء الصالح للشراب وانجاز الإصلاحات المتعلّقة بشبكة مياه الأمطار» وذلك دون « الإخلاء التام بالمبنى».
ولكن رغم ذلك تقول النقابة أنه تم اقتناء بناية من مخصّصات ميزانية البريد التونسي لسنة 2017 بكلفة تقدّر ب 17 مليون دينار (17 مليار) ووضعها على ذمة الوزارة دون موافقة وزارة المالية بعد أن عبّر ممثّل وزارة المالية في مجلس إدارة الديوان الوطني للبريد عن ذلك صراحة، خاصّة وأنه تم تخصيص ميزانية تقدّر ب2.6 مليون لترميم الوزارة وصيانتها وهو ما أثبته مجلس إدارة البريد التونسي لشهر مارس 2017.
مركز الاعلامية على «صفيح ساخن»
تطرّق أغلب المرشحين خلال حملتهم الانتخابية الى مسائل لها علاقة بتكنولوجيات الاتصال وبالرقمنة من خلال إطلاق وعود انتخابية في علاقة بتطوير شبكة الانترنات و»الويفي» ولعلّ الكلمة التي قالها رئيس حركة النهضة في اجتماع انتخابي عندما وعد ب»الويفي» المجاني في الأماكن العامة والتي أثارت ردود أفعال كبيرة على مواقع التواصل الاجتماعي تثبت وعي الطبقة السياسية بأهمية التكنولوجيات الرقمية في بناء المستقبل الرقمي وكذلك المستقبل السياسي للتونسيين.
فراشد الغنوشي الذي أكّد «مُتباهيا» أن من يقود التكنولوجيات الحديثة في تونس هو «وزير نهضاوي» وأن الحركة تسعى ل«رقمنة الادارة والحياة السياسية والاجتماعية» كما وعد بأن تكون الانترنات متاحة لكل البلديات التي ستنتخب النهضة وأن «الويفي» سيكون بالمجان في كل الأماكن العامّة بما في ذلك الجامعات والمساجد والحدائق.
ولكن «وزير النهضة» الذي يقود اليوم «التحديث التكنولوجي» متهما من طرف النقابة الأساسية للمركز الوطني للاعلامية بسعيه «الى بعث مؤسسات موازية تتحكّم في المعطيات المعلوماتية لكل القطاعات» وذلك على اثر قرار المجلس الاستراتيجي للاقتصاد الرقمي والداعي الى بعث مؤسسة «التونسية للتنمية الرقمية» و هو القرار الذي اعتبرته النقابة الأساسية في بيان لها بتاريخ 2 أفريل الماضي «ضربا للأمن القومي والمعلوماتي العام والخاصّ» و«ضربا لقطاعات وطنية حساسة ويمس من السيادة الوطنية حتى وإن تستّر بنوايا تزعم التطوير والتعصير»، ودعت على خلفية ذلك كافة أعوان واطارات المركز الى وقفات احتجاجية يومية بمقر العمل.
وترى النقابة الأساسية للمركز الوطني للإعلامية أنه»عوض دعم المركز وتطويره يقع اللجوء الى بعث مؤسسة موازية لها نفس المهام والأهداف وذلك من خلال إقصاء المركز الوطني للإعلامية من تطوير المنظومات التي بعهدته ايواء واستغلالا منذ إنشائها كمنظومة الحالة المدنية ومنظومة انصاف للتصرّف الآلي في الموارد البشرية للدولة،» وهو ما يستشفّ منه حسب بيان سابق للنقابة أن الهدف غير المعلن من ذلك هو بالأساس رغبة بعض الأطراف في «الوصول الى المعطيات وقواعد البيانات الحساسة للدولة».
في جلسة تفاوض بتاريخ 6 أفريل الماضي اجتمعت النقابة الأساسية للمركز الوطني للاعلامية وبحضور الأمين العام المساعد سمير الشفّي وبمبادرة من الأمين العم للاتحاد العام التونسي للشغل مع وزير تكنولوجيات الاتصال والاقتصاد الرقمي الذي وعد بعد مفاوضات بالعدول عن بعث مؤسسة التونسية للتنمية الرقمية والانطلاق في سلسلة من الجلسات التحاورية بحضور ممثلي الاتحاد لبحث سبل دعم وتطوير المركز الوطني للاعلامية الاّ أن الوزير وحسب الطرف النقابي قد تراجع على تعهّداته ورفض التوقيع على محضر جلسة التفاوض هذه.
وهذا الموقف أثار حفيظة النقابيين الذي رأوا من خلاله «ضرب مباشر لمهام المركز كما أدّى الى احتقان المناخ الاجتماعي ودفع المخاوف الى ذروتها بشأن نوايا الوزير الحالي في «العبث» بالأمن المعلوماتي الذي يعتبر جزء من السيادة الوطنية والأمن القومي .
المركز الوطني للإعلامية.. «القلب الالكتروني» للدولة يعاني من «الضغط»!
تُشرف وزارة تكنولوجيات الاتصال والاقتصاد الرقمي على المركز الوطني للإعلامية الذي يُعالج ويأوي معلومات على غاية من السرّية والخطورة وهي معلومات تهم خاصّة برمجة ومتابعة العمل الحكومي والمراسلات الالكترونية وكل المعطيات الشخصية للمواطن وسجل موظفي الدولة والسجل الانتخابي وسجل الحالة المدنية.
ويؤمّن المركز ترابطا لمخزون معلومات متعدّد الاختصاصات حيث أن طبيعة المهام والأنشطة الموكولة للمركز الوطني للإعلامية تهم كل الوزارات والإدارات والمؤسسات عبر توطين المنظومات الوطنية الكبرى كمنظومة «انجاز» لمتابعة وتقييم المشاريع والبرامج العمومية،منظومة «إنصاف» للتصرّف الآلي في الموارد البشرية للدولة،منظومة «أدب» لمتابعة ميزانية الدولة،منظومة «أمان» لبرمجة ومتابعة العمل الحكومي،منظومة «رشاد» للتصرّف في المأموريات بالخارج،بالإضافة إلى تأمين الخدمات الإدارية عبر شبكة إدارية مندمجة كالتراسل الالكتروني بين موظفي الدولة ومنظومة التصرّف الالكتروني للبريد بين مكاتب الضبط للوزارات.
كما قام المركز بانجاز منظومة انتخابات 2011 و2014 فيما يتعلّق بالقوائم الانتخابية ونفس الشيء بالنسبة للانتخابات البلدية.
ورغم أهمية هذا المركز إلا أنه طالما كان بعيدا عن الأضواء، ولكن بعده عن الأضواء لم يلغ محاولة توظيفه سياسيا وحزبيا كما أكّد ذلك عدد من إطارات وأعوان المركز الذين طالبوا أكثر من مرّة بإلحاقهم بهياكل رئاسة الحكومة ليكونوا بمنأى عن كل توظيف حزبي أو سياسي قد يطال الوزارة ويؤثّر على نزاهة المركز أو يمسّ بالمعطيات التي يؤويها وهي معطيات شخصية على غاية من الأهمية والخطورة وتعتبر جزءا من الأمن القومي والاستراتيجي الوطني.
ومنذ بداية شهر أفريل المنقضي يشهد المركز الوطني للاعلامية تحرّكات احتجاجية ينفّذها الأعوان والاطارات بشكل يومي على خلفية ما اعتبروه محاولة للسطو على مهام المركز من خلال بعث مؤسسة «التونسية للتنمية الرقمية» ككيان مواز للمركز بغاية سحب صلاحياته،كذلك احتجاجا على ما وصفوه بمحاولات توظيف المركز سياسيا لخدمة اجندات حزبية خاصّة بعد الثورة.
ويذكر أن حزبي حركة النهضة وآفاق تونس من بين أكثر الأحزاب تداولا بعد الثورة على حقيبة وزارة تكنولوجيات الاتصال والاقتصاد الرقمي.
وزير تكنولوجيات الاتصال والاقتصاد الرقمي ل«الصباح»: اتفقنا مع الاتحاد وأعوان مركز الاعلامية رفضوا تنفيذ الاتفاق..!
◄ هؤلاء حرموا ملايين التوانسة من تطبيقة «مضمون أون لاين»
◄ لهذه الأسباب اتخذت قرار تغيير مقرّ الوزارة..
◄ أدعو المؤسسات الوطنية ل«حماية المعطيات الشخصية»
◄ وفّرنا ألف موطن شغل في الأسبوع المنقضي
«التونسية للتنمية الرقمية» ستكون مؤسسة حليفة للمركز الوطني للإعلامية ولن تنافسه على صلاحياته.. مستعد لوضع «التونسية للتنمية الرقمية» بين قوسين بشرط أن نتحاور ونتناقش في الأمر بجدّية وموضوعية.. قيادة الاتحاد كانت متفهّمة واتفقنا ولكن أعوان مركز الإعلامية رفضوا تنفيذ الاتفاق.. نحن أبدينا استعداد لسماع كل المقترحات حول تطوير مركز الإعلامية وتحسين أدائه وتقوية هيكلته ووظائفه وقد دعونا إلى ذلك ولكن في فوضى الاحتجاج لا أحد أراد أن يسمع أو يتناقش.. اليوم أنا لست سعيدا بأن يكون 3 أو 4 مهندسين بدعوى الاحتجاج عطّلوا مشروع «مضمون أون لاين..» وعطّلوا «فرحة ملايين التوانسة».. أدعو هؤلاء المهندسين «باش يرجعلهم شاهد لعقل ويخدمو على أرواحهم باش يفرحوا التوانسة وإلا فأنهم سيتحملون مسؤوليتهم»..
كانت هذه أبرز المقتطفات من إجابات وزير تكنولوجيات الاتصال والاقتصاد أنور معروف حول عدّة أسئلة واتهامات يواجهها اليوم من بعض أعوان وإطارات وزارته وكذلك من أعوان وإطارات بالمركز الوطني للإعلامية التي يشهد احتجاجات تكاد تكون يومية منذ بداية شهر أفريل المنقضي بسبب بعث مؤسسة «التونسية للتنمية الرقمية».
التونسية للتنمية الرقمية
حول كل ما قيل عن مؤسسة «التونسية للتنمية الرقمية» قال وزير تكنولوجيات الاتصال والاقتصاد الرقمي «التونسية للتنمية الرقمية ليست شركة بل هي مؤسسة عمومية محدثة بأمر،وهذه المؤسسة فرضها الأمر الواقع،إذ كنّا في الحكومة أمام رهانات التسريع في الاستثمار وفي رقمنة الدولة ولكن عند تقييمنا للواقع كما وجدناه وقفنا على أن جلّ المشاريع معطّلة ومستوى التقدّم في حدود 5% فقط،وبتشخيص أسباب تبيّن لنا أن الأموال موجودة ولكن التصرّف فيها صعب في غياب آلية سلسة لفعل ذلك،كما تبيّن لنا أن هناك مشكلة حوكمة لأنه ليس لدينا جهاز مستقل يشرف على تنمية المشاريع الاستراتيجية للدولة، وثالثا نحن لدينا كوزارة موكول لها الاشراف على هذه المشاريع، لدينا مشكلة كفاءات تقنية عالية مخصصة لتنفيذ هذه المشاريع، ورغم احتكامنا على كفاءات ادارية عالية فإنه في بعض المشاريع نحتاج لكفاءات تقنية بعينها وكان الأمر يتطلبّ احداث مؤسسة تفاعلية ومرنة في استيعاب الكفاءات وتشغيلها وفق الحاجيات المتغيّرة بما يسرّع انجاز المشاريع الاستراتيجية الكبرى للدولة واستجلاب الأعمال و«الطلبيات» للمركز الوطني للاعلامية.
لأن مركز الاعلامية ببساطة لا يستطيع أن يقوم بذلك لو هناك وضعيات يكون فيها المركز في نفس الوقت البائع والشاري وهذا غير ممكن.. هناك وظائف لا تحتمل الجمع ولكنها جميعا تحت سقف الدولة.
حماية المعطيات الشخصية
حول سؤال يتعلّق بالمخاوف من اختراق «المعطيات الشخصية للتونسيين» واستباحتها من الشركات الأجنبية في إطار التعاقدات الكبرى للدولة، أجاب الوزير بقوله أن «معالجة المعطيات الشخصية في بلادنا خاضعة لمنظومة قانونية كاملة ونحن داعمون لهذه المنظومة لأننا نعرف أنه من بين نتائجها أن تكون بلادنا قبلة للشركات التي تريد الانتصاب في بلادنا ومعالجة المعطيات الشخصية للمواطنين الأوروبيين»..
وأضاف «أنا أدعو المؤسسات الوطنية التي تعالج هذه المعطيات وأوّلها المركز الوطني للإعلامية أن يضع الصيغ والآليات والمناهج المطلوبة للمحافظة على خصوصيات المعطيات وسريتها وحفظها من كل عملية استغلال أو توظيف تمس بالأمن القومي أو بهذه المعطيات».
المجلس الاستراتيجي
وفيما يتعلّق بغياب وزارتي الداخلية والدفاع عن تركيبة المجلس الاستراتيجي للاقتصاد الرقمي قال أنور معروف أنه لا يرى مانعا «من اعادة النظر في تركيبة المجلس الاستراتيجي للاقتصاد الرقمي بما يمثّل أكثر الأطراف التي لها دفع ودور في تركيبة المجلس مثل وزارتي الداخلية والدفاع».
تغيير مقرّ الوزارة
بالنسبة لمسألة نقل المقرّ وما أثير حوله من شبهات واتهامات قال أنور معروف «ظروف العمل في المقرّ السابق أقل ما يقال عنها أنها لا تحترم الحدّ الأدنى من كرامة الإنسان.. أنا عاينت هذه الظروف وتألمّت لتلك الجدران المتداعية ولمستوى الرطوبة المرتفع في المكاتب التي تفتقد للتهوئة والنظافة ولتلك الأسقف المتآكلة وسقط بعضها فوق المكاتب أو القبو الذي غرق في المياه المتسرّبة،ولأني المسؤول الأوّل عن صحة وسلامة الأعوان كان عليّ وقتها اتخاذ القرار المناسب لسلامة الأعوان ولان من واجبي تحسين ظروف العمل وكذلك لأن وزارة تكنولوجيات الاتصال والاقتصاد الرقمي هي مقرّ سيادة وطنية وهي وزارة استثمار ووجهة للزوّار من داخل البلاد ومن الخارج ولذلك كان يفترض امّا اعمال تهيئة وترميم مكلفة وقد تستغرق سنوات وستكون صعبة بوجود ذلك العدد الكبير من الأعوان، أو اتخاذ قرار بنقل المقرّ بعد مشاورات مع الأعوان والأخذ بعين الاعتبار ملاحظاتهم وطلباتهم وهو ما تم بالفعل».
تونس الذكية
هل أن مشروع «تونس الذكية» الذي راهن عليه أنور معروف بقوّة مشروع يتقدّم وفق الاهداف المرسومة له؟سؤال أجاب عليه أنور معروف بقوله «لتونس الذكية بعدين، أوّلا قدرته الذاتية على تحقيق الأهداف المرسومة والبعد الثاني هو المناخ العام ومدى مساعدته على استجلاب الاستثمارات،ولكن نحن الأسبوع الماضي خلقنا 1000 موطن شغل وهذا ليس بالأمر الهيّن..».
المدير العام السابق للمركز الوطني للإعلامية ل«الصباح»: اجتياح واختراق فرنسي للأمن المعلوماتي التونسي
◄ المجلس الاستراتيجي للاقتصاد الرقمي التونسي يضم عضوا
من المكتب التنفيذي لحزب «ماكرون» !
◄صفقات مريبة وتضارب مصالح والمهندسون التوانسة «خماسة» في مشروع «تونس الذكية»
يعتبر عبد المجيد ميلاد من أبرز الخبراء التونسيين في مجال السلامة المعلوماتية وكان قد تقلّد منصب مدير عام المركز الوطني للإعلامية الذي غادره بعد بلوغه سنّ التقاعد،عبد المجيد ميلاد وفي حواره ل«الصباح» انتقد غياب وزارتي الداخلية والدفاع عن التركيبة الحالية ل«المجلس الاستراتيجي للاقتصاد الرقمي»، خاصّة وأن هذا المجلس موكول له حسب رأيه مهمة رسم كل الاستراتيجيات والمخطّطات الوطنية للاقتصاد الرقمي كأحد رهانات المستقبل،عبد المجيد ميلاد بدا متوجّسا من مشروع «التونسية للتنمية الرقمية» وعلى مستقبل المركز الوطني للإعلامية.
* أين تكمن أهمية المركز الوطني للإعلامية؟
- يشتغل المركز على منظومات معلوماتية هامّة وحساسة بالنسبة للدولة كمنظومة «انصاف» ومنظومة «مدنية» ومنظومة «أمان».. و يضم أكثر من 120 مهندسا من خيرة الكفاءات الوطنية في التكنولوجيات والرقمنة وهذه الكفاءات ومنذ أخذت الدولة على عاتقها في 1975 مسألة تطوير المنظومات المعلوماتية الوطنية قادرة على تطوير المنظومات الوطنية التي لها علاقة بالأمن المعلوماتي التونسي دون أن تكون في حاجة ل«كيانات موازية» لمركز الإعلامية لتطوير هذه المنظومات.
* هل يمكن توظيف هذه المنظومات لمآرب سياسية أو حزبية؟
- طبعا من يملك معلومة في قيمة منظومة «قاعدة البيانات الانتخابية» يمكن أن يوظّفها انتخابيا..المركز الوطني للإعلامية يضمم معطيات شخصية تتعلّق بأغلب التونسيين ومن واجب الدولة أن تحمي هذه المعطيات..
* هل يمكن اعتبار المعطيات الشخصية التي يحتكم عليها المركز الوطني للإعلامية بحكم مهامه جزءا من الأمن القومي المعلوماتي لتونس؟
- أجل دون شك هي جزء من الأمن القومي لتعلّقها بمعطيات إستراتيجية.
* يحتجّ اليوم أعوان وإطارات مركز الإعلامية على بعث مؤسسة «التونسية للتنمية الرقمية» ويعتبرونها كيانا موازيا سيمتصّ صلاحيات المركز.. هل توافقهم الرأي؟
- الهدف المعلن لهذه الشركة كما صرّح المسؤولين هو تطوير منظومات المركز الوطني للإعلامية ولكن نحن لا نتحدّث عن «بنوك المعلومات» فقط ولكن نتحدّث عن تطوير منظومات إستراتيجية تهم الأمن القومي فهل من المعقول أن يُمنح ذلك لشركات خاصّة؟
فمن يريد تطوير المنظومة من الطبيعي أن يكون له الحق في الاطلاع على قاعدة البيانات لهذه المنظومة حتى يتم التطوير وفق قاعدة البيانات وهذا ما يحدث اليوم حيث هناك اليوم شركات أجنبية عالمية دخلت إلى إدارة المركز الوطني للإعلامية وهي بصدد الاطلاع على البيانات.
* ماذا يعني ذلك؟
- يعني أن هناك سياسة مبرمجة وممنهجة لاختراق القطاع بدءا بتغيير تركيبة المجلس الاستراتيجي للاقتصاد الرقمي، الذي لا يضمّ اليوم الاّ من أسميهم ب «بيوعة فرانسا» وأحد أعضائه تحمل جنسية مزدوجة وهي كذلك أحد أعضاء المكتب التنفيذي لحزب «الجمهورية الى الأمام» حزب الرئيس الفرنسي الحالي ايمانويل ماكرون.. وبالتالي نحن اليوم نتحدّث عن سياسة ممنهجة للوبي فرنسي الذي اجتاح واخترق الأمن المعلوماتي التونسي وتغلغل فيه.
* ألا تعتقد أن الثورة المعلوماتية التي يشهدها العالم هو من دفع الى هذا الانفتاح والتمازج؟
- ليس بهذه الطريقة فأغلب المؤسسات الوطنية ذات العلاقة بهذا الملف تكاد تكون غائبة عن تركيبة هذا المجلس، هذا المجلس يتحكّم في اطار ما يسمّى بتونس الرقمية في صرف 5500 مليار من 2016 الى 2020 منهم 1800 لتونس الذكية والتي هي شركات ال«الأوف شور» والتي تشغّل المهندسين التونسيين وتستفيد من خبرتهم ومهاراتهم كيد عاملة كأنهم «خماسة».
وأوّل مشروع كان «صفقة دعم وارساء الادارة الالكترونية والحكومة المفتوحة» حصلت عليها شركة DELOITTE Conseil tunisie التي يملكها محمد الوزير مؤسس حزب آفاق تونس بمبلغ يناهز 527.810.5 أورو، والشركة الثانية والتي هي Business et Decision حصلت على الصفقة بقيمة 116.321.690 دينارا هي شركة نائلة بن زينة عضو المجلس الاستراتيجي للاقتصاد الرقمي وصاحبة الجنسية المزدوجة في حزب ماكرون.. فهل بعد هذا تضارب في المصالح .
* تبدو متخوّفا من مشروع «تونس للتنمية الرقمية» لماذا؟
- المركز الوطني للاعلامية اشتغل لعقود طويلة على منظومات استراتيجية تضم معطيات شخصية حول موظفي الدولة،وحول الناخبين وحول المرضى ولذلك هي جزء من الأمن القومي الوطني ولا يمكن أن نترك كل هذه المنظومات الهامّة والاستراتيجية في يد غير يد الدولة وأنا أتساءل كيف لنا أن نضع منظومة مثل منظومة «أمان» التي تحوي محاضر كل المجالس الوزارية ليطلع عليها كل من هبّ و دبّ.
* هل تعتقد أن هناك شبهات فساد خلف كل ما يحصل؟
- دون شك ما يحدث مريب ومثير للشبهة، وسأعطيك مثالا أنا لمّا كنت مدير عام المركز الوطني للإعلامية راسلنا الحكومة بشأن «المعرّف الوحيد» أو ما يسمّى بالمنظومة الوطنية للتعريف الموحّد للمواطن باعتبار أن المركز يملك كل القاعدات البيانية المطلوبة وقدّرنا كلفة المشروع ب«70 ألف دينار» وفي أجل لا يتجاوز السنة ولكن تم تجاهل المراسلة وبعد ذلك تم اسناد الدراسة الى شركة OXIA في ديسمبر 2014 بمبلغ جملي يفوق 235 ألف دينار والى اليوم لم يُنجز شيء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.