غادرت عالمنا الممثلة المصرية القديرة مديحة يسري التي كانت من بين آخر رموز العصر الذهبي في مصر والعالم العربي. وقد رحلت الممثلة المصرية يوم أمس 30 ماي الجاري عن سن ناهزت 96 سنة. وكانت الراحلة قد انطلقت في مسيرتها الفنية بعد أن اكتشفها المخرج محمد كريم وكان أول ظهور لها مع محمد عبد الوهاب في فيلم ممنوع الحب عام 1940 كصاحبة وجه مبتسم، واختيرت واحدة من بين أجمل عشر نساء في العالم خلال حقبة الأربعينات من القرن الماضي. وحصلت على فرصتها الحقيقة حينما شاهدها يوسف وهبي وهي تؤدي مشهداً في إحدى البلاتوهات فاستدعاها هو وشريكه توجو مزراحي، وعرض عليها العمل معه في ثلاث أفلام دون أن تعمل مع غيره، وهي: «ابن الحداد» و«فنان عظيم» و«أولادي». وتعتبر مديحة يسري، هي والراحلة فاتن حمامة الممثلتان الوحيدتان اللتان مثلتا مع أربعة من نجوم الغناء في مصر، وهم محمد عبد الوهاب، وفريد الأطرش، ومحمد فوزي، وعبد الحليم حافظ. وكانت قررت إعتزال المجال الفني في عام 2012 بعد مشوار حافل بالأفلام والمسلسلات حيث كانت في كل مشاركة لها تترك بصمتها وتفرض هيبتها على الجميع. ولعل من ابرز افلامها «كيد النساء» و«النائب العام» و«بنات الليل» و«خطيب ماما» و«الرقص مع الشيطان» وعشرات الأفلام الأخرى التي بقيت في المدونة السينمائية المصرية والعربية والتي كرست مديحة يسرى كممثلة وفنانة ونجمة من طراز عال. وفيما يتعلق بحياتها الشخصية، تزوجت مديحة يسري أربع مرات، ثلاث منها كانت من الوسط الفني. اولها زواجها من المطرب والملحن محمد أمين، وأثمر زواجهما عن تأسيس شركة إنتاج سينمائي أنتجت خلال سنوات زواجهما الأربع أفلاماً مثل «أحلام الحب» و»غرام بدوية»، و»الجنس اللطيف». بعد انفصالهما تزوجت مديحة يسري من الفنان أحمد سالم عام 1946، ولكنها زيجة لم تستمر طويلاً. وقع الانفصال وتزوجت من الفنان محمد فوزي، الذي ساندته كثيرا في تأسيس شركة الأسطوانات الخاصة به، وحدث اللقاء الأول بينهما في فيلم «قبلة في لبنان»، وبعد زواجهما اشتركت معه في بطولة العديد من الأفلام التي أعادت اكتشاف نقاط دفينة في موهبتها مثل فيلم «فاطمة وماريكا وراشيل» الذي يعد أول تجربة كوميدية لها، كما شاركته في بطولة أفلام «آه من الرجالة» و«بنات حواء» الذي قدمت فيه دور رئيسة جمعية المرأة تساوي الرجل. وقد أثمر زواجهما عن انجاب ابنهما عمرو الذي توفي في حادث سيارة. أما آخر زيجاتها فكانت من الشيخ إبراهيم سلامة الراضي، شيخ مشايخ الحامدية الشاذلية الصوفية. وقد توفيت مديحة يسري في الساعات الأولى من صباح يوم أمس الأربعاء في مستشفى المعادي العسكري بالقاهرة، بعد صراع طويل مع الأمراض المصاحبة للشيخوخة. وعموما قدمت مديحة يسري ما لا يقل عن 90 فيلماً سينمائياً وعديد المسلسلات نذكر من بينها «الباقي من الزمن ساعة» و»وداعا يا ربيع العمر» ويحيا العدل» و»الحب المحرم» و»اليتمية «و»هوانم غادرن سيتي». والجميل في تجربة مديحة يسري التي يمكن أن نقول أنها من بين آخر عناقيد عصر الفن الجميل أنها رغم ما كانت توحي به ملامحها من صرامة فقد كانت صاحبة ابتسامة ساحرة كما أنها كانت تتقن جيدا أدوار الكوميديا وهو ما يؤكد مقدرتها الفنية وموهبتها الحقيقية. فوداعا أيتها الفنانة التي لم تقتّر يوما على المشاهدين ولم تكن تبخل على جمهورها فقد كانت غزيرة الإنتاج وكانت بالخصوص ممثلة مقتدرة وكفئة وصادقة تماما، مثلما هو الحال عادة مع فناني العصر الذهبي أو ما يصطلح عليه بعصر الفن الجميل.