يبدو أن الاتفاق الحاصل بين اتحاد الأساتذة الباحثين التونسيين «اجابة» ووزارة التعليم العالي سيدفع نحو أزمة اخرى بين سلطة الاشراف والجامعة العامة للتعليم العالي وذلك على خلفية قرار الجامعة مقاضاة وزير التعليم العالي سليم خلبوس وإعلان القطيعة في التعامل معه بما ينذر بان الاجواء ستكون «أكثر من ساخنة» على حد تشخيص البعض خلال السنة الجامعية القادمة. ما إن تجاوزت وزارة التعليم العالي ازمتها مع نقابة «اجابة» حتى وقعت في أزمة اخرى بعد ان قرّرت الهيئة الإدارية القطاعية للجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي رفع قضية استعجالية ضد وزير التعليم العالي والبحث العلمي ومقاطعته وعدم التعامل معه مستقبلا «لإنعدام المصداقية وضربه عرض الحائط بالنصوص القانونية المنظمة للتفاوض مع النقابات وعدم استقرار سياساته». وأبرزت الهيئة في بيان أصدرته الخميس الماضي تمسكها بضرورة تفعيل الإجراءات الإصلاحية العاجلة المتفق عليها بداية من السنة الجامعية المقبلة، وتفعيل ما ورد في إتفاق مارس 2018. كما أكدت تمسكها بتفعيل إتفاق مارس 2018 في آجاله المعلنة، والتسريع بالدخول في مفاوضات إجتماعية لتحقيق مطالبها، وذلك في إطار النظام الاساسي الجديد الذي وقع الإعلان عن أبرز مضامينه في ورقة عمل ممضاة بين الوزارة والجامعة العامة في 16 أفريل 2018. واعتبرت الجامعة أن الاتفاق الأخير الممضى من قبل سلطة الإشراف، مع إتحاد الأساتذة الجامعيين الباحثين التونسيين››إجابة››، هو»اتفاق غير قانوني وهزيل ولم يحقق أي مكسب لصالح الجامعيين»داعية وزير الشؤون الاجتماعية إلى تحديد الطرف الأكثر تمثيلية بالنسبة إلى الجامعيين في وثيقة ملزمة لسلطة الإشراف. وجاء في نص البيان للهيئة الإدارية القطاعية ما يلي»نحتفظ بحقنا في اتخاذ أشكال نضالية تصعيدية، في حالة ما وقع التسويف في تفعيل اتفاق مارس 2018 وفي الدخول في مفاوضات اجتماعية جادة وجدية». حول دواعي وأسباب هذه الخطوة التصعيدية أورد كاتب عام الجامعة العامة للتعليم العالي والبحث العلمي حسين بوجرة في تصريح ل «الصباح» أن الهيئة القطاعية المجتمعة مؤخّرا قررت مقاضاة وزير التعليم العالي بالنظر إلى أن الاتفاق على المسائل المالية لا يمكن أن يكون إلا مع الطرف النقابي الأكثر تمثيلية موضحا في هذا الإطار وجود حوالى7 آلاف منخرط بالجامعة العامة مقابل 1600 منخرط في النقابة «الموازية «(في اشارة منه إلى نقابة اجابة). وأضاف بوجرة أن الاتفاق الحاصل بين نقابة إجابة وسلطة الإشراف يعتبر خرقا للقانون مشدّدا على أن الجامعة العامة للتعليم العالي تطالب فقط بتطبيق القانون. كما أضاف بوجرّة من جانب آخر ان وزير التعليم العالي يخضع للضغط من قبل بعض الأطراف سواء من داخل الجامعة التونسية أو من قبل بعض الأحزاب الحاكمة في البرلمان. وردا على سؤال يتعلق بان الاتفاق الحاصل بين نقابة «اجابة» والوزارة هدفه انقاذ السنة الجامعية من شبح السنة البيضاء اعتبر بوجرة ان انقاذ السنة الجامعية لا يعني انتهاك القانون قائلا:«لا يحق مطلقا للوزير انتهاك القانون ويتعين عليه احترام النصوص القانونية». وبالتوازي مع قرار مقاضاة الوزير بيّن بوجرّة ان الجامعة العامة للتعليم العالي قرّرت أيضا مقاطعة الوزير وعدم التعامل معه مستقبلا موضحا في هذا الإطار أن الوزير لم يعد يحظى بالمصداقية على اعتبار أن هناك اتفاقيات سابقة بين الجامعة العامة وسلطة الإشراف لم يحترمها الوزير فضلا عن أن الأغلبية الساحقة من الأساتذة لم تشارك في هذا الإضراب الاداري. وفي محاولة لمعرفة موقف سلطة الإشراف من البيان»التصعيدي» للجامعة العامة لاسيما فيما يتعلق بمقاضاة الوزير, أوضح المستشار المكلف بالعلاقات والاتصال صلب وزارة التعليم العالي إدريس السايحي في تصريح ل»الصباح» ان الوزارة في الوقت الراهن لا موقف لديها بالنظر إلى أن سلطة الإشراف ارتأت المحافظة على أجواء هادئة فضلا عن ان الجهود منكبة حاليا على تامين سير الامتحانات. من جهة أخرى وتعقيبا على القرارات التصعيدية السالفة الذكر التي اتخذتها الجامعة العامة للتعليم العالي, أورد المنسق العام لاتحاد إجابة زياد بن عمر في تصريح ل»الصباح» أن نقابة اجابة هي نقابة ديمقراطية وتؤمن بالتعددية النقابية وحرية التفكير موضحا أن القضاء الإداري قد حسم سنة 2015 في مسالة التعددية النقابية كما قطع مع الفكر الواحد وهو ما يترجمه الاتفاق الذي وصفه «بالتاريخي» بين اجابة» والوزارة داعيا في السياق ذاته الجامعة العامة إلى تغليب المصلحة العليا للجامعة التونسية.