«لم اكن اتصور اقدام المخرج المسرحي سامي النصري على استعمال نصي «ديوان الزنج» في مسرحيته « القادمون»، سمعت عبر الهاتف، ولكنني لم اتحرك إلا عندما تأكدت بنفسي بعد تصريح افاد به سامي النصري جريدة «الصباح» ليوم الجمعة 6 جويلية 2018. «هكذا بدا الاديب عز الدين المدني حديثه مع «الصباح» وقد اراد ان يعبر عن استنكاره لما حدث لنصه «ديوان الزنج» دون علمه أو استشارته والرجوع اليه وهو حي يرزق ومقره معروف. و«القادمون» مسرحية من إنتاج مركز الفنون الدرامية والركحية بالكاف ونص وإخراج سامي النصري عن فكرة «ديوان الزنج» لعز الدين مدني. ويلعب أدوار البطولة فيها المنجي الورفلي وهيفاء الطويهري وناجي الشابي ومحمد السعيدي وزهير عروم ومحمد سليمة وشوقي سالم وسوار عبداوي وسيف الدين شارني. واكد عز الدين المدني انه يتحرك اليوم بعد ما صرح به سامي النصري الذي قال للصباح في الصفحة 8: «مسرحية القادمون بنيت على فكرة «ديوان الزنج» الذي تم اقتراحه فنيا وإخراجيا من قبل المنصف السويسي وكتب نصه عزالدين المدني وهو عمل يطرح قضايا السلطة والحكم والعلاقة ما بين الثورة والسلطة انطلاقا من حدث تاريخي يتمثل في ثورة الزنوج في القرن الرابع ايام الحكم العباسي... هذه الثورة التي انطلقت في جنوبالعراق وقادها علي بن محمد.» وأضاف سامي النصري في نفس الحديث:» ان العودة لنص ثورة الزنج تم في اتجاهين الاول يحيل الى المضمون باعتبار ان هذا النص يطرح قضية السلطة والحقوق في علاقة بالمختلف.. وبالنسبة لعز الدين المدني هنالك فرق ما بين الثورة والحكم الى جانب قضايا اجتماعية مثل الجباية والمديونية وحقوق الاقليات. وفي جانب آخر حاولنا الاشتغال على نفس المضمون في نص «القادمون» من ناحية العودة الى الراهن الاجتماعي والسياسي التونسي والعربي خاصة في ظل الازمة الحقيقية الموجودة في الحكم اي في مستوى خلق منظومة الحكم والسلطة الجديدة وأرضياتها ومشروعيتها .ومن ناحية اخرى طرح هذه القضايا يأتي في اطار الدفع نحو النقاش والتساؤل والحيرة حول ما يتعلق بصعوبات الوضع الاجتماعي ومسالة الحقوق والهامش والمركز اي مراجعة منظومة الحقوق الخاصة بالمناطق الداخلية وأخرى تم تهميشها منذ سنوات وهي قضايا ذات علاقة بين المادي والمعنوي ترتبط بظروف اجتماعية صعبة تتعلق بالمعيشة وغلاء الاسعار وتفاقم المديونية». هذه هي مسرحية «ديوان الزنج» ولم أسمح لأحد بالاستفادة من نصها وأضاف المدني متسائلا: «اليس هنالك هاتف يمكن اخباري عبره او استشارتي والاسترخاص مني لوضع اسمي واسم عملي على مسرحية بنيت مثلما صرح صاحبها على اساس فكرة «ديوان الزنج» وموضوعها. مسرحية «ديوان الزنج» اخرجها المنصف السويسي وقدمت سنة 1971 وهي الثانية لعز الدين المدني بعد مسرحية» صاحب الحمار» وقد حضر كل مراحل اعدادها في الكاف الى تاريخ عرضها كل من عز الدين المدني وزبير التركي والطاهر قيقة ليفتتح بها مهرجان الحمامات الدولي وقد نشر نصها كاملا في مجلة الفكر وقدمت في الدورة الاولى لمهرجان المسرح العربي بالرباط بالمملكة المغربية وتحصلت على جوائز عديدة كلما عرضت في تونس وخارجها ويواصل المدني:»في مسرحية «ديوان الزنج» مقدمة نظرية مهمة طالما استشهد بها الناقد المصري على الراعي في كتاب « تاريخ المسرح العربي» سلسلة عالم المعرفة وقد غيرت فيها الوضع اعتمادا على التراث العربي الاسلامي .. هذه المسرحية ترجمت الى اللغة الانقليزية في الولاياتالمتحدةالامريكية ونوقشت النظريات المسرحية التي اشتملت عليها وأصبحت هذه النظريات معتمدة في المسرح العربي بعد ان كان العرب يعتمدون فقط على النظريات الغربية. ونظرية مسرحية «ديوان الزنج» حسب ما ورد في كتاب «مسرح عربي منير»: نظريات ونقد لعز الدين المدني -سلسلة ذاكرة وإبداع- في الصفحة 150: «هذا الديوان المسرحي يريده المؤلف والمخرج والممثلون والفنيون ان يكون حفلة فنية جماهيرية بما في كلمة حفلة من دلالات شتى، في اللغة وهي التجمع والاحتشاد وفي النفس وهي الامتاع الذي يوقظ الحواس وفي الاجتماع وهي المشاركة بالمشاعر حينا وبالفكر حينا وربما بالجسم احيانا. وفي الفكر وهي الجدل السجال بين القوى المتناقضة والمتعارضة، والتي يعدو بعضها على بعض الى بلوغ التركيب. وفي الفن المسرحي وهي الخلق الجماعي المتضافر الرفيع الذي يتوج الانسجام الفني في كل جزئية من جزئياته. وحسب ما ذكر به عز الدين المدني وقد صدر سنة 2012 في الصفحة 126 من كتاب «مسرح عربي منير» فإن: «الزنج ديوان مسرحي واقصد بذلك ان الزنج ليست مسرحية فقط، بل هي تضافر بين المسرح والموسيقى، وتناصر بين التمثيل والنحت، وتيامن بين المنظور والمسموع والمنطوق. ولعله ثالثا ايراد تحليلات وتأويلات كثيرة تعليقا على ما غمض في احدى جزئيات رواية من الروايات. رفعت الامر للجهات المعنية دفاعا عن المبدأ قضية عدم استشارة عز الدين المدني في استعمال نصه لمسرحية «القادمون» لسامي النصري لم تعد تخصه حسب ما اكده ل«الصباح» وانما اصبحت من مشمولات المؤسسة التونسية لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة التي رفع لها امره دفاعا عن المبدأ مستغربا ان يقدم سامي النصري على هذا وهو مندوب جهوي للثقافة بالكاف ويعرف مدى حرص الوزارة على حقوق المؤلف وحمايته واعتبار هذه الحقوق من مرتكزات سياستها حيث قال: «لا اريد معركة قلمية ولا يمكن ان اسمح بما لم تتم استشارتي في خصوصه وأنا اوكل امري الى الجهات الرسمية التي تعمل على حماية حقوق المؤلف التي يمكن ان تضمن له مداخيلها العيش الكريم». يذكر ان عز الدين المدني بصدد وضع اللمسات الاخيرة على نص مسرحية جديدة تتناول الراهن التونسي متكونة من ثلاثة فصول عنوانها « الحسين ابن علي والمافيا» وانه لم يتوقف عن الكتابة وقد كتب عن»داعش» عندما نصبوا خيامهم امام جامع الفتح بالعاصمة واستشرف فيها ما حدث بعد الثورة وعرضها حسبما اكده «للصباح» على العديد من المخرجين والممثلين ولكن لا احد منهم تشجع وقتها وقبل ان ينفذها وقد كان عنوانها «بائع اللحي». وقد ختم المدني حديثه معنا بالإشارة الى القطيعة الحاصلة بين الاجيال في كل مجالات الابداع مذكرا بان الثقافة كالبنيان المرصوص تبنى حجرا فوق حجر بتسلسل ودون فصل على اساس ان تعترف الاجيال الجديدة والقديمة لبعضها البعض بالإضافة اذ لا يعقل ان نمحي اللوحة ونعيد من جديد.